فكرة صعود افريقيا و الطفرة الاقتصادية و زيادة معدلات النمو.. يبدو انها مجرد شعارات لا تمت لواقع حياة الافارقة بصلة ، فغالبية الأفارقة أنفسهم، يرون الصورة اقل وردية وان النمو الاقتصادى لا يتناسب مع حقيقة حياتهم اليومية . فقد كشفت أكبر دراسة من نوعها استهدفت استقصاء اراء الافارقة على دول مستوى القارة ، ان الطفرة الاقتصادية الافريقية لم تفيد سوى النخبة الضيقة فيما لا يزال الفقراء والعاطلين عن العمل بعيدين عن الاستفادة من ثمرة النمو الاقتصادى.. وتحت عنوان "عقد من النمو في أفريقيا، و تغيير طفيف في الفقر على المستوى الشعبي " صدر تقرير مؤسسة " أفروبارومتر" الذى تضمن نتائج الدراسة التى جرت فى الفترة من أكتوبر 2011 إلى يونيو من هذا العام ، حيث شكك نحو 51605 شخص ممن شملهم الاستطلاع في 34 بلدا فى جدوى هذا النمو و اثره فى حياتهم اليومية .. وقال واحد تقريبا من كل خمسة أفارقة انهم لا يزالوا في كثير من الأحيان يفتقرون إلى الغذاء والمياه النظيفة أو الرعاية الطبية، وقال أكثر من اثنين من كل خمسة افارقة انهم يفتقرون بانتظام لدخل يمكنهم من تلبية الاحتياجات الأساسية، بينما اكد ثلاثة أرباع الافارقة انهم كلنوا فى حاجة الى المال مرة واحدة على الأقل في العام الماضي. نتائج الدراسة تشير الى انه وفقا للبيانات التى كانت متاحة فى 16 بلدا افريقيا حول الاقتصاد و الفقر خلال العقد الماضي، وجد الباحثون ان ما اطلقوا عليه مصطلح " الفقر المتوطن" فى هذه البلاد لا تكاد تتغير معدلاته .. و فيما شهدت خمسة بلدان انخفاضا طفيفا فى معدلات الفقر وهى (الرأس الأخضر وغانا وملاوي وزامبيا وزيمبابوي)، وجد أيضا ان معدلات الزيادة في الفقر ارتفعت فى خمسة بلدان اخرى هى (بوتسوانا ومالي والسنغال وجنوب أفريقيا وتنزانيا). ويشير التقرير "انه عموما، وعلى الرغم من ارتفاع معدلات النمو المبلغ عنها، فان معدلات الفقر على المستوى الشعبي لا تزال كما هى دون تغيير يذكر. وهذا يوحي إما أن النمو يحدث بالفعل، ولكن آثاره لا تصل إلى أسفل إلى المواطنين الأكثر فقرا (وهو ما يعنى ان عدم المساواة في الدخل يزداد سوءا)، أو أن معدلات النمو الفعلي لا تتطابق مع ما يتم الاعلان عنه من ارقام ". الاستطلاع أيضا وجد أن 56٪ من الأفارقة يرون ان حكوماتهم تدير الاقتصاد بطريقة سيئة، بينما قال (69٪) ان الأرقام المرتفعة للنمو لا يقابلها تحسين لمستويات المعيشة للفقراء، وقال (71 ٪) ان الحكومات عاجزة عن خلق فرص العمل بينما قال (76٪) ان الحكومات فشلت فى تضييق فجوات الدخل. تأتى هذه النتائج فى الوقت الذى يتم فيه الاعلان عن تحقيق الاقتصادات في أفريقيا نسب مرتفعة من النمو بلغ متوسطها نحو 4.8٪ فى الفترة بين عامي 2002 و 2011، مما دفع مجلة الإيكونوميست بوصفها "القارة الأمل" .. و لكن بعض الخبراء يحذرون من ان الطفرة الاقتصادية التى تشهدها دول القارة يستفيد منها فقط شريحة النخبة الضيقة في حين يبقى الفقراء والعاطلين عن العمل بعيدا عن ثمارها، مما أدى إلى تفاقم عدم المساواة وزرع بذور الحقد و الغضب و هو الامر الذى ينذر باضطرابات سياسية محتملة.