سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
بعد أن بلغ عدد العاطلين وعمال اليومية الأفارقة 275 مليون شخص بنسبة 71% ممن بلغوا سن العمل تايم: غول البطالة يهدد أمل إفريقيا في التقدم والقيام بدور قاطرة النمو الجديدة للاقتصاد العالمي
شهدت افريقيا في ستينيات القرن الماضي أكبر موجة من الاستقلال الوطني لدولها عن دول الاستعمار القديم من المحتلين الأجانب، وبعد 50 سنة من هذا التاريخ تقف إفريقيا الآن في مفترق طرق بين النهوض عن طريق التحول الديمقراطي السلمي والاصلاح الاقتصادي وبين تفجير الانتفاضات والثورات الشعبية ضد الأنظمة الديكتاتورية الفاسدة التي تهيمن علي مقدرات شعوبها هنا أو هناك وتقول مجلة ?تايم? إن المتشائمين يرون أن افريقيا لن تستطيع أبدا تجاوز الانظمة الديكتاتورية ولا الكوارث الطبيعية التي تضربها بين الحين والآخر ولكن المتفائلين يؤكدون أن تقدم افريقيا صار حقيقيا وجوهريا بل وقائما علي أسس جيدة. وتقول تقارير صندوق النقد الدولي إن دول افريقيا جنوب الصحراء والبالغ عددها 48 دولة تحقق منذ عام 2013 معدلا للنمو الاقتصادي يتراوح ما بين 5 و7% سنويا في المتوسط وخلال العقد الماضي كانت 6 من بين أسرع 10 دول في العالم نموا هي دول افريقية وفي عام 2012 حققت دول افريقية معدل نمو اقتصادي يفوق ما حققته الصين وحققت 21 دولة معدل نمو يفوق المعدل الهندي ولم توجد فيها سوي دولتين فقط هما جامبيا وسوزيلاند كان نموهما أبطأ من النمو الأوروبي وهذا دون شك ثمرة لتحول تاريخي تمر به القارة السوداء وتبشرنا الدراسات المستقبلية أن العقود القليلة القادمة ستشهد تحرر مئات الملايين الافارقة من الفقر تماما مثلما حدث في آسيا في العقود القليلة التي مضت بل أن هناك من المستثمرين من يري أن القرن الحادي والعشرين سيكون قرن افريقيا وليس قرن آسيا كما كنا نقول من قبل. ولكننا ينبغي أن ننبه إلي أنه إذا كان التشاؤم قد انتهي زمنه فإن التقديرات المتفائلة بشأن مستقبل افريقيا لم تنضج بعد وأن التقدم الافريقي لن يكون سهلا لقد خضعت افريقيا تاريخيا لعملية نهب وعدم مساواة وحكم طغاة من أمثال موبوتو رئيس الكونغو الديمقراطية الذي كان يتسوق بطائرة كونكورد من متاجر أوروبا في حين يعاني شعبه من المجاعة أو هاستنجز باندا في مالاوي الذي كان يأمر بالا تعلو صوره المعلقة علي جدران المباني الرسمية أية صورة أخري أو حتي ساعة حائط واليوم بينما يتم تحديث اقتصادات افريقية كثيرة فإن العديد من الحكام لا ينصاعون لهذا التحديث وفي بلدان كثيرة يسود الفساد وعدم المساءلة وعدم المساواة كروتين حياة يومي مع وجود استثناءات قليلة بشهادة الاب ديزموند توتو أحد كبار مناضلي حقبة الاستقلال الوطني في افريقيا. وطبقا لمؤشر نزاهة الحكم ?مو إبراهيم? الذي أسسه عام 2007 ملياردير سوداني يعمل في مجال الاتصالات نجد أن افريقيا تتقدم اقتصاديا ولكنها تتدهور سياسيا وفي عام 2012 وللعام الثالث علي التوالي حجبت مؤسسة ?مو إبراهيم? جائزتها البالغ حجمها خمسة ملايين دولار لأنها لم تجد القائد الافريقي الذي يستحقها أي القائد الذي ترك الحكم طواعية وبشكل سلمي وديمقراطي حسب شروط منح هذه الجائزة وذلك لأن افريقيا لم تغادر الماضي كليا ولم تدخل المستقبل تماما علي حد قول رجل الأعمال السوداني صاحب هذه الجائزة. وتنبه مجلة ?تايم? إلي أن الشباب الافريقي هو الذي سيشكل مستقبل افريقيا كما يفعل شباب ثورات الربيع العربي، فمتوسط الأعمار في افريقيا جنوب الصحراء حاليا هو 19 سنة أما في الشرق الأوسط فالمتوسط في العشرينيات، كذلك فإن عدد الشباب الأفارقة الذين نالوا تعليما جيدا في تزايد مستمر، وتقول الأرقام إنه في عام 2016 سيكون عدد أجهزة التليفون المحمول في القارة الافريقية أكثر من مليار جهاز حسب بيانات شركة انفور ما تيليكومز آند ميديا التي تعمل في مجال الاتصالات والتليفون المحمول مثله مثل الانترنت لم يعد مجرد أداة اتصال ولكنه صار سلاحا للثور، وما لم يسمح الطغاة لشعوبهم بأن يشاركوهم خيرات الوطن فإن ذلك سيحدث غصبا ولو بالدم. ان بلدا مثل كينيا أمكنها ان تضاعف متوسط دخل الفرد فيها خلال السنوات العشر السابقة يتوقع اذا استمرت في النمو بمعدل 5% سنويا ان تتحول إلي دولة متوسطة الدخل بحلول عام 2016 وما نود الاشارة إليه أن معجلات النهوض في افريقيا كثيرة ومتنوعة ومعظمها خارجي مثل برامج المساعدات الأجنبية وبرامج شطب الديون الخارجية ثم اقبال العالم الخارجي أيضا وبخاصة الصين علي الاستثمار في الموارد الطبيعية الافريقية، أضف إلي ذلك سرعة انتشار أجهزة وشبكات التليفون المحمول، ففي افريقيا الآن 750 مليون جهاز تليفون محمول بعد ان كانت مجرد ملايين قليلة عام ،2000 كذلك فإن افريقيا زادت من اعتمادها علي نفسها في مجال الاستثمار ففي عام ،2006 زاد الاستثمار عن حجم المعونة لأول مرة أما الآن فصارت الاستثمارات الافريقية ضعف ما تتلقاه من معونات، ورغم أن هذه الظواهر قد قلبت حال افريقيا فإن ثمارها لا تزال من نصيب قلة من ابناء الشعب بسبب تفاقم عدم المساواة سواء في مجال الأجور أو توزيع الثروات ورغم ان الشباب هم وقود هذا التحول الاقتصادي في افريقيا فإن معظمهم من ضحاياه أيضا بسبب تدني الأجور أو عدم توافر فرص العمل المناسبة وهذا يجعل منهم قنابل موقوتة قابلة للانفجار في ايه وقت. لقد فشلت حكومات إفريقية كثيرة في تحويل النمو إلي وظائف أو فرص عمل وفي تقرير صادر عن شركة التحليلات مكنزي اندكو في أغسطس من العام الماضي 2012 نجد أن إجمالي قوة العمل في إفريقيا نحو 382 مليون شخص منهم 275 مليون أي بنسبة 72% تقريب أما عاطلين أو يمارسون أعمالا باليومية ومؤقتة. وبحلول عام 2020 سيدخل 122 مليون شاب إفريقي آخرين إلي سوق العمل. ومع ارتفاع معدلات المواليد سيتضاعف عدد سكان القارة من مليار نسمة عام 2009 ليصبح مليارين عام 2050. وهذه الزيادة ستكون مفيدة لإفريقيا دون شك لو توافرت لهؤلاء الشباب وظائف وفرص عمل منتجة ولكن مكنزي تري في ذات الوقت أن إفريقيا في ذات الفترة لن يمكنها أن تجد سوي 54 72 مليون وظيفة جديدة. ولو استمرت هذه الأحوال فإن مستوي التشغيل في إفريقيا عام 2066 سيكون أقل من مثيله في شرق آسيا وذلك حسب أقوال ديفيد فاين أحد كتاب تقرير مكنزي سالف الذكر وتلك في رأيه كارثة فالناس تريد فرصا للحياة. وتقول ?تايم?: إن علي ساسة إفريقيا أن يأخذوا العبرة من تجربة آسيا التي قدمت نموذجا ناجحا للنمو في العقود الأربعة الأخيرة ولكنها فاقمت من عدم المساواة ولم تحسن معالجة الفساد فأثارت الاضطراب الاجتماعي سواء في الصين أو الهند وخلقت في الصين علي سبيل المثال جيشا قوامه 20 ألف شاب من الماويين الذين يهاجمون الجيش والبوليس الرسمي ويضعون نصب أعينهم هزيمة الرأسمالية العالمية. وفي إفريقيا التي يتوقع أن تشهد جيشا من الشباب العاطل قوامه 300 مليون نسمة في قابل الأيام فإن علي ساستها أن يجلوا من ايجاد الوظائف أولويهم الأولي وعلي سبيل المثال فالمطلوب الاستثمار في الصناعات كثيفة رأس المال، ولنذكر أن معدل البطالة في بلد كان واعدا مثل جنوب إفريقيا بلغت الآن 25 40% وعدم المساواة جعلها ساحة للاضرابات العمالية والاحتجاجات الجماهيرية. وفي أماكن أخري من القارة شرقا وغربا يسود الاضطراب علي نحو يهدد انهيار المعونات الصناعية وغير الصناعية التي تتدفق علي إفريقيا والتي تبلغ 130 مليار دولار سنويا علي نحو يؤثر سلبا في آمال النمو المرتقبة. ولكن الطلب الصيني علي الموارد الطبيعية الإفريقية جعل الصين شريك طبيعيا في التنمية وجعل من حجم التبادل التجاري بينها وبين إفريقيا 166 مليار دولار في عام 2011 في حين أن الولاياتالمتحدة التي كانت تعد لفترة طويلة أكبر شريك تجاري للأفارقة لم تحقق في العام ذاته سوي 126 مليار دولار كحجم للتبادل التجاري مع إفريقيا. وإلي جانب الصين توجد الآن في إفريقا بلاد مثل البرازيل والهند وتركيا وماليزيا ودول الخليج بما فيها إيران. وإذا عرفنا أن إفريقيا فيها 60% من أرض العالم الزراعية غير المستقلة ستغرق أن الزرعة أيضا يمكن أن يكون لها دور مهم في النهضة الإفريقية القادمة.