افتتاح بطولة إفريقيا للكرة الطائرة «سيدات» بالأهلي    تامر حسني يبدأ تصوير فيلم «ري ستارت» في مايو    رحلة فاطمة محمد علي من خشبة المسرح لنجومية السوشيال ميديا ب ثلاثي البهجة    التربية للطفولة المبكرة أسيوط تنظم مؤتمرها الدولي الخامس عن "الموهبة والإبداع والذكاء الأصطناعي"    أسعار الذهب فى مصر اليوم الجمعة 26 أبريل 2024    بالصور.. إحلال وتجديد 3 كبارى بالبحيرة بتكلفة 11 مليون جنيه    وزير التنمية المحلية يعلن بدء تطبيق المواعيد الصيفية لفتح وغلق المحال العامة    خبراء الضرائب: غموض موقف ضريبة الأرباح الرأسمالية يهدد بخسائر فادحة للبورصة    وزيرة البيئة تعقد لقاءا ثنائيا مع وزيرة الدولة الألمانية للمناخ    النواب يرسل تهنئة رئيس الجمهورية بذكرى تحرير سيناء    عاجل| مصدر أمني: استمرار الاتصالات مع الجانب الإسرائيلي للوصول لصيغة اتفاق هدنة في غزة    وزير الخارجية الروسي يبحث هاتفيا مع نظيره البحريني الصراع الفلسطيني الإسرائيلي والتصعيد بالبحر الأحمر    ذاكرة الزمان المصرى 25أبريل….. الذكرى 42 لتحرير سيناء.    مصطفى عسل يتأهل لنهائي بطولة الجونة للإسكواش ويستعد لمواجهة حامل اللقب "على فرج"| فيديو    تحطم سيارتين انهارت عليهما شرفة عقار في الإبراهيمية بالإسكندرية    والدة الشاب المعاق ذهنيا تتظلم بعد إخلاء سبيل المتهم    الآلاف من أطباء الأسنان يُدلون بأصواتهم لاختيار النقيب العام وأعضاء المجلس    وفد جامعة المنصورة الجديدة يزور جامعة نوتنجهام ترنت بالمملكة المتحدة لتبادل الخبرات    «الصحة»: فحص 434 ألف طفل حديث الولادة ضمن مبادرة الكشف المبكر عن الأمراض الوراثية    مزارع يقتل آخر في أسيوط بسبب خلافات الجيرة    «التعليم» تستعرض خطة مواجهة الكثافات الطلابية على مدار 10 سنوات    سكاي: سن محمد صلاح قد يكون عائقًا أمام انتقاله للدوري السعودي    وزارة الأوقاف تحدد موضوع خطبة الجمعة 3 مايو    حصاد الزراعة.. البدء الفوري في تنفيذ أنشطة مشروع التحول المستدام لإنتاج المحاصيل    الناتو يخلق تهديدات إضافية.. الدفاع الروسية تحذر من "عواقب كارثية" لمحطة زابوريجيا النووية    25 مليون جنيه.. الداخلية توجه ضربة جديدة لتجار الدولار    «مسجل خطر» أطلق النار عليهما.. نقيب المحامين ينعى شهيدا المحاماة بأسيوط (تفاصيل)    مدينة أوروبية تستعد لحظر الآيس كريم والبيتزا بعد منتصف الليل (تعرف على السبب)    "الدفاع الروسية": "مستشارون أجانب" يشاركون مباشرة في التحضير لعمليات تخريب أوكرانية في بلادنا    إيرادات الخميس.. شباك التذاكر يحقق 3 ملايين و349 ألف جنيه    فعاليات وأنشطة ثقافية وفنية متنوعة بقصور الثقافة بشمال سيناء    خطيب الأوقاف: الله تعالى خص أمتنا بأكمل الشرائع وأقوم المناهج    مياه الشرقية تنفذ أنشطة ثقافية وتوعوية لطلبة مدارس أبو كبير    قافلة جامعة المنيا الخدمية توقع الكشف الطبي على 680 حالة بالناصرية    طريقة عمل ورق العنب باللحم، سهلة وبسيطة وغير مكلفة    مواقيت الصلاة بعد تطبيق التوقيت الصيفي 2024.. في القاهرة والمحافظات    استمرار فعاليات البطولة العربية العسكرية للفروسية بالعاصمة الإدارية    خير يوم طلعت عليه الشمس.. 5 آداب وأحكام شرعية عن يوم الجمعة يجب أن تعرفها    نجاح مستشفى التأمين ببني سويف في تركيب مسمار تليسكوبى لطفل مصاب بالعظام الزجاجية    سميرة أحمد ضيفة إيمان أبوطالب في «بالخط العريض» الليلة    أمن القاهرة يكشف غموض بلاغات سرقة ويضبط الجناة | صور    تأجيل الانتخابات البلدية في لبنان حتى 2025    دعاء صباح يوم الجمعة.. أدعية مستحبة لفك الكرب وتفريج الهموم    تشافي يطالب لابورتا بضم نجم بايرن ميونخ    اتحاد جدة يعلن تفاصيل إصابة بنزيما وكانتي    موعد اجتماع البنك المركزي المقبل.. 23 مايو    عرض افلام "ثالثهما" وباب البحر" و' البر المزيون" بنادي سينما اوبرا الاسكندرية    الشركة المالكة ل«تيك توك» ترغب في إغلاق التطبيق بأمريكا.. ما القصة؟    طرق بسيطة للاحتفال بيوم شم النسيم 2024.. «استمتعي مع أسرتك»    مساعدو ترامب يناقشون معاقبة الدول التي تتخلى عن الدولار    رمضان صبحي: نفتقد عبد الله السعيد في بيراميدز..وأتمنى له التوفيق مع الزمالك    كارثة كبيرة.. نجم الزمالك السابق يعلق على قضية خالد بو طيب    منها «عدم الإفراط في الكافيين».. 3 نصائح لتقليل تأثير التوقيت الصيفي على صحتك    توقعات الأبراج اليوم الجمعة 26 أبريل 2024.. «الحوت» يحصل علي مكافأة وأخبار جيدة ل«الجدي»    فضل أدعية الرزق: رحلة الاعتماد على الله وتحقيق السعادة المادية والروحية    أدعية السفر: مفتاح الراحة والسلامة في رحلتك    سلمى أبوضيف: «أعلى نسبة مشاهدة» نقطة تحول بالنسبة لي (فيديو)    أطفال غزة يشاركون تامر حسني الغناء خلال احتفالية مجلس القبائل والعائلات المصرية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فلسفة الاحتفال بالعيد ونبذ العنف فى حوار خاص
نشر في أخبار مصر يوم 24 - 06 - 2017

التعايش الحضارى والتسامح والتفاؤل وإعمال العقل ونبذ العنف وصلة الارحام من القيم الاصيلة فى الفلسفة الاسلامية التى يجب العودة الى مبادئها لتصحيح التفسيرات الباطلة التي يروجها المتشددون والمتطرفون لنشر الرعب من الاسلام والدعوة للعنف لافساد الفرحة فى المناسبات .
وحول هذه القيم كان لموقع أخبار مصر حوار مع الدكتور علي الكنيسي أستاذ الفلسفة الاسلامية ،الذى قضى جزءً كبيراً من حياته كمدير للمعهد الاسلامي في احدى دول اوروبا و له نظرياته واراؤه التي تكشف أن الاسلام لايرتبط بالارهاب وانما دين عظيم صالح لكل زمان ومكان .
#فى رأيك.. ما فلسفة الاحتفال بالعيد وكيف كان المسلمون يحتفلون به؟
– فلسفة الاحتفاء بالعيد هى الحث على صلة الارحام والابتعاد بالانسان عن الخصام ،فالعيد له فلسفة اجتماعية من الطراز الاول كفرصة لرأب الصدع وانهاء الخصومات.
-وقد اختلفت مظاهر الاحتفال بعيد الفطر والاعياد بشكل عام عند المسلمين من زمان لاخر ومن مكان الى اخر لانها مناسبة اجتماعية لا يتدخل فيها الدين لأن الدين لا يستطيع ان يوجه الثقافات الا بقدر تحليل الحلال وتحريم الحرام وأي شئ لم يرتكب فيه الحرام كان مقبولا طبقا لثقافات الشعوب، فكان أهل فارس يحيون العيد بطريقة معينة تختلف عن أهل بغداد أو دمشق.
واختلطت ثقافات المسلمين بالثقافات التي سبقتهم من الثقافات المسيحية والثقافات البيزنطية والرومانية واليونانية والفرعونية وامتزجت كل هذه الثقافات في الاعياد فتقبلها المسلمون تقبلا حسنا لانها لم تكن تبرز حراما ولكن الفاطميين احدثوا نقلة نوعية في الاحتفالات بتغذيتها بالمأكل والمشرب والملبس في كل مناسبة من المناسبات وأصبحت لصيقة بنا .
#ما السبيل الى نبذ التعصب وزرع روح التسامح من خلال الفكر الاسلامي؟
ارجع مرة اخرى الى البيت .. البيت المسلم والبيت المسيحي وارجع الى سيدنا علي ابن ابي طالب عندما بعث واليه على مصر ليتولى مهامه كتب له رسالة اتمنى ان توضح الفكر السياسي عند فلاسفة المسلمين، قال له .." لا تكن عليهم سبعا ضاريا واعلم ان الناس صنفان أخ لك في الدين ونظير لك في الخلق" ..هذه الكلمة من حروف وانما عند الامعان فيها نجد فيها نظريات بمعنى ان كل الناس في الكون من خلق الله بمعنى ان الله خلقهم والله ليس لك انت فقط وانما اله الجميع وانت لست مفضل عند الله الا بكريم خلقك وأول شئ ينبغي تعليمه للطفل" ان اكرمكم عند الله اتقاكم" " يا ايها الناس انا خلقناكم من ذكر وانثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا " .
-ويجب على كل أم ان تنأى بابنها عن خرم الابرة الضيق الذي وضعه بعض خطباء المساجد فيه وبعض مدرسي التربية الاسلامية المبتذلين وبعض من كتبوا الكتب على الارصفة وكلها تبث السموم ولا تبث فكرا صحيحا والمصيبة انها تنسبه للدين وهؤلاء الناس ادخلوا عقيدة لدى المسلمين ان الله سبحانه وتعالى هو لهم فقط وليس رب الناس أجمعين رغم أن أول اية في القرآن هي الفاتحة التي نصلي بها خمس مرات " الحمد لله رب العالمين" اي ليس رب المسلمين فقط.
– فأول شئ ينأى بنا عن التعصب والتطرف هو ان نغرس في النشء المفاهيم الاسلامية الصحيحة انما كون اننا نغمض اعيننا تماما عن هذا العبث الموجود في المساجد والارصفة والكتب فهذا كمن يبحث عن ابرة في كومة من القش.
#كيف نحمي ابنائنا من أخطار التطرف مع الانفتاح الكامل ؟
-هذا موضوع كبير جدا واتمنى ان نتوقف عنده طويلا .. لو عرفت الامة دورها النفسي والاجتماعي فتأكدي أن هذا هو السياج والحماية الاساسية لانه لا أحد يغرس القيم الا البيت الذي يمكن ان يحمي الولد من اعلام فاسد والبيت الذي يحمي الولد من شبكات تواصل اجتماعي فاسد.. البيت ثم البيت أولا وثانيا وثالثا .
وتبدأ التربية بأن تعرف ماعليك قبل ان تعرف ما لك وهذه القيمة الافتتاحية التي يتم عليها تربية الولد او البنت لأنها ستربي فيه قيمة العطاء والحب وتنأى به عن الانانية وسيكون مبني على قيم صحيحة وسيكون موجه لغيره ومن كثرة الكلام عن القيم ستكون مثل الحبل الذي يربطه على رقبته لكي لا يخطئ وكلنا تربينا على هذا الامر وهو ليس بمستحيل على الاطلاق.
# هل يمكن تحقيق التعايش الحضاري في هذا العصر؟
–انا حزين لانه بعد 15 قرنا من نزول الاسلام نتكلم عن التعايش الحضاري في زمن أصبحت فيه أدوات التعايش الحضاري اكثر اتاحة مما مضى وهو شئ محزن وانما العقلية التي تستطيع ان تتعايش في هذا الزمان اذا توفرت لها السبل والادوات والتواصل الحضاري ليست هي نفس العقلية التي حققت التعايش الحضاري في القرون الهجرية الاولى وهناك فرق بين العقليتين فالعقلية الاولى مستنيرة وقريبة الى مفاهيم الوحي الصحيحة فحققت هذا التعايش الحضاري القائم على الحوار.
-أما الآن فقد اختفت هذه العقلية المستنيرة وبرزت عقلية جاحدة لنعمة الله بالعقل مبنية على التعصب والتطرف القمئ وتعلي من شأن قبلية فكرية دينية مقيتة صنعت من الانسان انسانا انانيا سيدخل في جحر وكأن الانسان ذئب لأخيه الانسان ويمكننا الآن ان نعلي من قيم التعايش الحضاري بإعلاء قيم الاسلام الاولى التي جاء بها الرسول.
#ماأهمية الفلسفة الاسلامية في التأويل والاجتهاد؟
-طبعا الفلسفة لها أهمية عظمى بمفهومها العام لأن كلمة الفلسفة لها سمعة سيئة للاسف الشديد في البيئة العربية والاسلامية وطبعا هذه قصة طويلة اخرى نتيجة سوء الترجمة التي تمت في عصر الترجمة الاول خلال القرنين الثاني والثالث والرابع وحتى الخامس الهجري.
-على كل حال الفلسفة بمفهومها الصحيح ليست علما وانما الفلسفة بالمنطق الاسلامي الصحيح هي إعمال العقل ليبرهن به الانسان على نعمة العقل التي اعطاها الله اياه وتستوجب الشكر .
فالنظر العقلي فرض واجب على كل مسلم وعلى من يمتلك ادوات التاويل والاجتهاد ان يستعمل النظر العقلي في التاويل والاجتهاد لان النظر العقلي هو الذي يحقق صلاح هذا الدين لكل زمان ومكان والنظر العقلي المستمر هو الذي يحقق التوازن بين الثلاثية التي تحفظ للانسان انسانيته وكينونته وهي: النص أى القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة والواقع الذي نعيش فيه بمتغيراته المختلفة والفهم وهو العقل.
ويشهد بذلك القرون الهجرية الاولى فظهر اول ائمة الفقه في الفكر الاسلامي وهوالامام ابو حنيفة النعمان وقد تبنى منطق الرأي ولو لاحظنا نجد ان ابو حنيفة النعمان ولد سنة 80 هجرية وهو امام اهل الرأي .
#كدكتور في الفلسفة الاسلامية ما الفرق بين الفيلسوف والمفكر؟
أجاب ضاحكا " والله هم الذين قدموني كأستاذ للفلسفة الاسلامية انا استاذ للفلسفة بشكل عام وهذه قضية اخرى ..عملية التخصيص فلسفة اسلامية و فلسفة مسيحية وفلسفة يهودية أوفلسفة عصور وسطى و معاصرة .. الفلسفة هي الفلسفة وتقسيمها من حيث التواريخ او من حيث البيئات التي اتخذت منها مادتها أمر جانبي وليس امرا اصيلا في تخصص الفلسفة.
وكما قلت في البداية ان الفلسفة ليست علما ولكنها منهج في التفكير وانا اساسا تخصصت في مبحث من المباحث الفلسفية وهي " الايبستيمولوجي " وهي نظرية المعرفة وطبقت هذه النظرية على الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى الاسلامية والمسيحية واليهودية .
– وعندما نفرق بين الفيلسوف والمفكر نجد ان المفكر صفة تطلق على كل انسان يفكر، فنقول عنه مفكر اي ان التفكير صاحب الانسان كصفة ملازمة لانسانيته واذا تخلى عنها فانه قد تخلى عن انسانيته وهذا كلام في الصميم .. فهذه هي الحقيقة لأن الله سبحانه وتعالى عندما يستحث العقل الذي وهب الانسان اياه ان يفكر بقوله " افلا يتفكرون " يتساءل عن اسباب تعطيل هذه الآلة لديك وهذا هو المفكر ويطلق على كل انسان.
أما "الفيلسوف" لفظ متخصص اي انه استعمل الة الفكر بشكل منهجي منظم لكي يحدث نظرية ما متكاملة الأركان او جانبا من نظرية أو يستعمل فيها اللغة الفنية للمذهب، فالفيلسوف ممكن ان نطلق عليها لفظ مستغرق في الفكر والفيلسوف اكثر تخصصا بمعنى انه ينصب فكره بشكل منظم منهجي لكي يحدث افكارا يستطيع ان يبني عليها بشكل يعرف به فاذا اتخذ الفيلسوف على سبيل المثال المنهج التصوري وجاء في بعض افكاره وخرج من المنهج التصوري الى المنهج الحدسي فهو فكره مضطرب .
#ما السبب في عدم وجود وعي فلسفي بالدول العربية؟
اجابني بأسى " لقد وضعت يدك على جرح غائر وليس سطحي .. قلت في البداية ان الفلسفة لها سمعة سيئة في البيئة العربية والاسلامية بشكل عام لأن الفلسفة عندما ترجمت في عصر الترجمة الاول لم تترجم على انها "محبة الحكمة" كما نحتها اصحابها وهم اهل اليونان .." فيلو " معناها صديق أو محب و " سوفيا" معناها حكمة ،فعندما نترجمها من اللفظ اليوناني الى اللغة العربية فنقول محبة الحكمة ولو كانت ترجمت هكذا من البداية لم يكن الناس ليستغربوها ولكن الناس اعداء لما يجهلون للاسف الشديد انما عملية فذلكة المترجمين في ذلك العصر القديم بدءا من بدايات القرن الثاني الهجري ، وظهرت مدارس الترجمة الكبرى ما بين بغداد والاسكندرية وانطاكيا ولعبت دورا كبيرا في نقل التراث اليوناني الى اللغة العربية اما عبر السريانية أو من اليونانية الى العربية مباشرة وهذا اللفظ عندما ترجم فترجم الى كلمة فلسفة ولم يكن للبيئة العربية والاسلامية ،فاول ناس خافت منه هم الفقهاء الذين يؤمنون بمنهج التقليد واكثرهم تشددا هم اهل الحديث .
ولدينا فتوى ابن صلاح المشهورة " من تمنطق تزندق" بمعنى ان من يمارس المنطق فهو زنديق والمنطق ابن العقل فبدأت سمعة هذا اللفظ تتنامى للاسف الشديد بين العوام وعندما يسمع كلمة فلسفة فكأن حية لدعته ووصلت الى العوام الاكثر حديثا فأطلقوها على اللغو اي الحديث الذي لا يحمل معنى، فاكتسبت للاسف الشديد سمعة سيئة على النقيض تماما في الغرب الاوربي والعالم القديم سواء الصين او فارس او الهند او في العالم الحديث الذي بدأ مع ظهور امريكا والمدارس الفلسفية الكبرى، فهؤلاء البشر يقدرون قيمة العقل اي يقدرون قيمة الفلسفة ولذلك هم اكثر وعيا منا في فهم الحياة وادراك مراميها وهم اكثر منا احداثا لتوازن انساني رائع مع كل عناصر الكون انما نحن اصبحنا كمن أغميت عينيه وندور في الساقية ولا نعرف كم مرة دارت او متى يتوقف .
#لك كتاب مهم عن محاولة لفهم دين الانسانية.. هل نحن نعاني من عدم فهم الاسلام؟
-نعم والف نعم.. نحن نعاني من سوء فهم للاسلام لانك لو ادركت المفتاح الاساسي في هذا الدين الخاتم وجميع الرسل والانبياء ينادون بالاسلام والاسلام قائم على شيئين الشئ الاول هو اعلاء قيمة هذا العقل الذي به يعرف الله الواحد الاحد لانك لا تستطيع ان تدرك ان الله واحد ليس كمثله شئ الا عن طريق الايمان العقلي والايمان حيث يستقر المفهوم في القلب ولا يتزعزع والعقلي اي البرهنة العقلية فقد انعم الله بالعقل على الانسان لكي يستطيع فهم هذا الوجود المجرد ليخرج به من نطاق المحسوس الى نطاق التنزيه المطلق وهذا لا يكون الا عن طريق العقل لانك لو تصورت ان لله يدا او عينا او شبيها ضاعت معنى الالوهية في ذهن الانسان وعندما تضيع ضاعت هيبة الاله الواحد فاذا بهذا العقل نفسه الذي له مكانة سامية في سنة المصطفى يدرك الله وبهذا العقل يبني الانسان كل المفاهيم الانسانية التي تتطابق مع هذا الدين الخاتم .
وحتى لا يكون كلامنا تعبيريا او انشائيا هات اي قيمة من القيم الانسانية العليا التي قال بها الفلاسفة قديما سوف تجدها متطابقة تطابقا متكاملا مع مفهوم الوحي الصحيح ولذلك في كتابي حاولت ان اقدم المفاتيح الرئيسية لفهم هذا الدين ومن أهم المفاتيح العقل والروح والاخلاق.

#اكدت في كتابك على اعمال العقل ولكن نرى في الفتاوى الدينية اشياء ضد العقل.. كيف تفسر ذلك؟
-نعم.. كما قلت من البداية العقل نعمة الهية اختص بها الانسان وهذه النعمة تستوجب الشكر ولابد ان يكن الشكر من جنس النعمة وهذا العقل هو وسيلة من وسائل المعرفة واذا اهملت هذه الاداة سنقع فريسة للخرافات و جاء الدين لينقي الانسان والانسانية من سيطرة هذه الخرافات والخزعبلات والاشياء غير المعقولة والتي تعوق حركة عمارة هذا الكون لانه بالعقل تتم المعرفة وبالمعرفة تتم عمارة الكون التي هي واحدة من اصول اهداف خلق الانسان " وماخلقت الجن والانس الا ليعبدون".
ومفهوم العبادة عند ابن عباس هي المعرفة وما نتصوره تكليفات الصوم والزكاة وغيرها من اركان الاسلام الخمسة هذه وسائل لتطهير النفس وتزكيتها لتؤدي مهمتها على اكمل وجه وهي عمارة الكون واقامة علاقات اجتماعية مبنية على خلق قويم تستطيع ان تكون حائط صد لهذا المخلوق وهو الانسان أمام باغي الشر .
وكون ان الفتاوى الدينية تهمل العقل فتأكد ان من يصدر الفتاوى لم يدرك الاسلام ادراكا جيدا ولم يدرك الاسلام ادراكا كليا ولكنه ادرك الاسلام ادراكا قشريا ساذجا يسئ اليه .. فبدلا من ان يخدم دينه بفكر قويم فإنه يقدم المعول الذي يهدم به هذا الدين بإهماله قيمة العقل وقيمة العقل معناها انك تجتهد لان الاجتهاد هو النظر العقلي المستمر في احكام الدين من خلال الواقع و المصلحة العامة و مقاصد الورع .
# هل ترى ان تدريس مادة الاخلاق بالمناهج التعليمية بات ضرورة وما جدوى هذه المادة في وجود مواد دينية ؟
سامح الله الذين يتصدون لكتابة المناهج بشكل عام وكتابة مناهج التربية الاسلامية أوالمسيحية بشكل خاص لأنهما يهملان للاسف الشديد مفهوم القيم وكيف تستخرجين من النصوص القيم الانسانية العليا ..القاسم المشترك بين الناس أجمعين وتحاولي ان تقزمي الدين حتى يقيد الحركة والفكر و النظرة للاشياء فكأنك تنظرين من خرم ابرة صغيرة .
ولكن ما ينبغي على هؤلاء الناس ان يدركوا ادراكا جيدا بأن النظر العقلي هو الاساس في كتابة المناهج واعتقد ان الذين قرروا وجود كتاب للاخلاق بجانب التربية الاسلامية والمسيحية ادركوا فشل هذه المناهج في ان تعطي قيما سلوكية صحيحة تبني انسانا متسامحا يتعايش مع الاخر، فكلاهما من خلق الله وكلاهما يعمر الكون وكلاهما ابناء وطن واحد، ملزمون بالدفاع عنه بانفسنا واموالنا وكل ما نملك.
#عملك كمدير للمعهد الاسلامي الاوربي حدثنا عنه وماذا وجدت من اختلاف بين المسلم في البلاد العربية والدول الاوربية؟
-قبل عملي كمدير للمعهد الاسلامي الاوربي كنت أمينا عاما للمركز الاسلامي الثقافي ببلجيكا وهو اكبر المراكزالاسلامية في شمال غرب اوربا ويمثل منظمة اعتبارية تحت اشراف مجلس أمناء من سفراء الدول الاسلامية وبلجيكا من أوائل الدول التي اعترفت بالدين الاسلامي سنة 1974 واقتضى اعترافها بهذا الدين ان ينص الدستور على أن معتنقي هذا الدين لهم الحق في تعليم ابنائهم الدين الاسلامي وان يعيشوا طبقا لثقافتهم الاسلامية فدرسوا مادة الاسلام في المدارس البلجيكية الاسلامية من الصف الاول الى الصف الثاني عشر ،فكان لزما على هذا المركز ان ينشئ معهد له صفة اكاديمية ومعترف به من مجموع الجامعات الاسلامية وهو عضو في اتحاد الجامعات الاسلامية على مستوى العالم الاسلامي ويعطي درجة الليسانس والتي تم معادلتها بالازهر الشريف .
وكانت الغاية الأولى تخريج مدرس التربية الاسلامية الواعي المتبصر بالبيئة البلجيكية بشكل خاص والاوربية بشكل عام ويتسلح بقيم التسامح والتعايش مع الاخر حقيقة وليس شعارات واستقطبنا اساتذة من جميع انحاء العالم ليدرسوا في هذا المعهد وكان في هذا التوقيت لدينا 501 مدرسا للتربية الاسلامية وتدفع مرتباتهم الحكومة البلجيكية وصممت مع فريق العمل المناهج حتى تخدم الدين الحق الذي ينأى بالطالب عن التشدد والتطرف وادراك مدى جمال هذا الدين الخاتم ومدى انسانيته التي تفوق اي مذهب فلسفي فكري موجود في هذا الكون كله اذا ادركت مفاهيمه بالشكل الصحيح وحاولت بقدر الامكان هذا الامر والحمد لله ادى رسالته في سنواته الاولى أداءا صحيحا .
-وبعد ذلك للاسف الشديد حاد الامر عن رسالته نتيجة لاسباب كثيرة جدا لا داعي لذكرها ونرى الآن ما يحدث في بلجيكا للاسف الشديد بعيد كل البعد عن قيم السلام وللاسف رغم كل ما اعتنقه هؤلاء الشباب في ذلك المكان الذي فتح ذراعيه للمسلمين يكون الجزاء هو ارهاب هنا وهناك نتيجة لسوء تربية وسوء غرس .
– بالنسبة للفرق بين المسلم في البلاد العربية وبين المسلم في البلاد الاوربية، اكتشفت شئ ظريف جدا هو ان المسلم البلجيكي الذي هداه الله وانعم عليه بالاسلام اذا دفعت به في وسط المسلمين يفسد وهو شئ مضحك جدا ،فقررت ان اعمل " حضّانة " اذا جاز لي استخدام هذا اللفظ للمسلم الى ان يقوى أمره وتثبت قدمه ادفع به بين الناس لكي يصلحهم اي ادفع هذا المسلم الاوربي بين المسلمين الذين جاءوا من بيئة اوربية لكي يصلحهم لانه قد اغترف من معين الاسلام الصحيح الذي يستطيع ان يحمي نفسه من جهة وان يكون صالحا و مصدر صلاح لغيره انما ليس كل ما يتمناه المرء يدركه.
#ما أقرب منهج للفكر الاسلامي في رأيك ؟
– أقرب المناهج للفكر الاسلامي كل من اشتق فكره من افلاطون هو قريب من الديانات و" هيجل" الفيلسوف الالماني الذي صنع مذهبين اولهما المذهب المثالي والمذهب الروحي الذي بلغ اعلى مثالاته عند "بركسن " الفيلسوف الفرنسي الكبير وايضا " ايميل بترو" فأقول ان هؤلاء بما يحملان من قيم انسانية عليا اقرب الى الفكر الاسلامي الصحيح واتمنى ان نفهم اسلامنا بطريقة صحيحة ونبرزه بشكل صحيح.
#من ملهمك من الفلاسفة؟
-أقول بلا تردد سقراط .. سقراط الذي تعلمت منه ان غاية الفلسفة هي البحث عن الحقيقة وعن الحق وغاية الفيلسوف العمل بمقتضى الحق وهو مطابق تماما لجوهر الاسلام الصحيح وهذا الرجل الذي ارتضى قانون بلاده، فاحترمه حتى لحظة الممات و عرض عليه ان يهرب لينأى بنفسه عن التهلكة فرفض رفضا قاطعا بلا تردد والسبب هو انه قد ارتضى القانون الذي بمقتضاه حكم عليه بالاعدام فضرب المثل في انسان شهيد الحق والواجب وضرب المثل بإنسان شعاره الامثل الحق والخير والجمال.
– واذا تحدثنا عن سقراط ليس ملهم العبد المتواضع فقط وانما ملهم مفكري هذا الكون وعلى المستوى الديني فلدي شخصيتان وهي شخصية المصطفى صلى الله عليه وسلم صاحب العقل والروح والخلق والشخص الاخر هو سيدنا علي ابن ابي طالب كرم الله وجهه.

#هل نحن في حاجة الى فلسفة تربوية واضحة لاعداد الانسان بوطننا الكبير؟
نعم.. نحن في امس الحاجة الى فلسفة تربوية نابعة من البيئة الاسلامية العربية وليست مستعارة للاسف الشديد من الغرب الاوربي.. فأمامنا اربع تخصصات من الاسباب وراء انهيار الوعي الصحيح داخل مجتمعاتنا وهى: علم الاجتماع ،علوم التربية و الاعلام والسياسة لأن الاربع تخصصات استمدوا كل الاسس الرئيسية التى يتم عليها البناء من الفكر الغربي وعاش الانسان مبلبل الفكر طوال ال60 عاما الماضية الى الان فلم نر علم اجتماع استمد من البيئة او من المجتمع العربي المسلم ولم نر علم سياسة استمد من هذه البيئة وبالتالي الاعلام والتربية ولذلك نحن في حاجة الى فلسفة تربوية واجتماعية وسياسة مستمدة من بذورالواقع، فالغرب حافظوا على عناصر بيئتهم بينما نحن فرطنا في عناصر بيئتنا التي تعطينا الخصوصية الشديدة فلبسنا ردائهم وهكذا ولم نلبس زيا متوازنا مع اجسادنا فأصبحت نظرياتنا بهذا المنطق البسيط .
#برتراند راسل عرض في كتابه الدين والعلم مجموعة من الفروق بين النظرية العلمية والعقيدة الدينية.. هل فعلا الحقيقتان تنتميان الى عالمين مختلفين وهل هناك صراع بين العلم والدين؟
-لا .. لأن الدين الحقيقي لا يتعارض على الاطلاق مع العلم واتحدى من يقول غير ذلك ولنقرأ ما كتبه " ايميل بترو" ونقرأ ما كتبه بيركسون وخاصة في كتابه الطاقة الروحية ،فالدين الصحيح يقود الى السعي للعلم لادراك حقائق الاشياء والاكتشاف لكل شئ موجود في هذا الكون ولكن لان الانسان يجهله فالانسان يسعى تنفيذا واذعانا ل"الوحي" بأن يسعى الانسان من ميلاده الى مماته سعيا دؤوبا لاكتشاف حقائق الاشياء سواء على المستوى المادي أو الانساني .
ولا تعارض بين العلم الصحيح وبين قيم الدين على الاطلاق لأن العلم الصحيح يسعى الى تيسير أمر الانسانية ليكون ركنا هاما من اركان عمارة الكون والدين غايته تكوين انسان يدرك أهمية عمارة الكون فيسعى الى عمارة الكون لأنه يؤجر عليها وماكتبه راسل ينطلق من منطلقات غير منطلقاتنا وليس هناك صراع بين العلم والدين.
#كيف يمكن بلورة خطاب علمي ديني وابراز القواسم المشتركة بينهما؟
-الخطاب العلمي الديني يحتاج عالما تربى في حضن الايمان الصحيح وعالم دين تربى بعقلية العلم التجريبي والاستنباطي الصحيح.. هذا الرجل وذاك اذا تربيا معا سيبلوران خطابا علميا مستنيرا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.