أستأذنكم في العودة اليوم للصفحة الأولي.. فجلال الحدث يقتضي ذلك.. نحن الآن في مفترق الطرق.. ومن يرسم لمصر طريقها وعهدها الجديد يجب أن يكون وجها جديدا.. وأقر وأعترف أن الوجوه القديمة تعبت.. وأنهكت.. وأصابها الكبر.. والشلل في التفكير.. ومصر لم تعد قادرة علي أن تستمر في حقل التجارب لكل من هب ودب.. اليوم تبدأ مصر عهدا جديدا.. يحتاج الي وجوه وأفكار شابة عفية.. لم تعد في حاجة الي وجوه اصابتها امراض الشيخوخة والسكر وضغط الدم والعصبية والشيزوفرانيا.. هؤلاء مكانهم المصحات.. أما مصر ففي حاجة الي عفية أبنائها الشباب.. وقوة جيشها وشرطتها. مصر أيضا ليست في حاجة الي الذين ركبوا ثورتها المجيدة في 52 يناير 1102.. مصر في حاجة الي الأنقياء الذين يريدون بناء الدولة العصرية.. مصر في حاجة الي كل يد تبني وتعمر.. ولم يعد هناك مكان للأيدي العابثة بثروات مصر وخيراتهاأو تدمر اقتصادها وثروتها السياحية.. مصر في حاجة الي عودة دولة المؤسسات. لقد أحسنت القوات المسلحة بقادتها وأفرادها وجنودها التصرف.. وتم التعامل مع الموقف المتأزم بروح طيبة.. تحفظ ماء الوجه لكل فريق.. والموقف المتأزم يزداد اشتعالا بسبب اصرار الرئيس محمد مرسي علي الاستمرار في منصبه باعتباره منتخبا من الشعب.. وبحسب الدستور الذي وافق عليه أكثر من ثلثي الشعب. إلا أنه أمام اصرار الشارع علي الرحيل فإن القوات المسلحة مطالبة بحماية أرواح الشعب.. والدفاع عنه بكل ما أوتيت من قوة.. وهذا ما دفع الفريق السيسي لأن يقسم بأن »القوات المسلحة ستفدي أي مواطن بدمائها« وليقول: »أهون علينا أن نموت دون إراقة دم مصري واحد«. ولم يعد خافيا علي أحد انضمام الجيش والشرطة الي المتظاهرين المناهضين للرئيس.. ولكنها مازالت تسعي للم الشمل والتوافق بين كل القوي والتيارات علي مبادرة لاخراج البلاد من الموقف المتأزم.. ولهذا أصدرت الانذار الأخير الذي انتهي فعلا.. وقد نسيت بعض التيارات والأحزاب أن الفريق أول السيسي كان جادا أيضا في منحها مهلة الأسبوع للتوافق حقنا للدماء المصرية.. وفي نفس الوقت يعتبر الكثير من المحللين بأن الرئيس مرسي سقطت شرعيته عندما لم يأخذ بيان السيسي الأول بمأخذ الجد.. واستمر قادة جماعة الاخوان في تهجمهم علي الجيش وهي منطقة خطرة كان يجب الحذر منها.. لكنهم لم يتعلموا الدرس. وعلي الرغم من ردود فعلهم المخيبة للآمال إلا أن المحللين يرون أن المجلس الأعلي للقوات المسلحة برئاسة الفريق أول السيسي لن يستثنيهم من الحوار والمشاركة في مناقشة المصير الذي يتم رسمه الآن لمصر.. هذا المصير الذي لن ينتهي في يوم أو يومين.. بل يحتاج الي مناقشات متأنية تستمر علي الأقل لمدة أسبوع برعاية القوات المسلحة سيتم فيه تمثيل كل الأحزاب والحركات والتوجهات السياسية إضافة الي الرموز الدينية كشيخ الأزهر الشيخ أحمد الطيب وبابا الأقباط تواضروس.. لقد انتهجت القوات المسلحة النهج السلمي المنطقي.. خاصة بعد أن فشلت جماعة الاخوان في إدارة مصر خلال عام.. وصمت آذانها عن الاستماع لصوت العقل والنصائح التي أسداها لهم المخلصون.. ثم جاء الرئيس بخطابه الأخير المخيب للآمال.. ويقدم صدمة جديدة للأصدقاء قبل المعارضين.. ويصر علي الاستمرار بدعوي الشرعية في منصبه.. بينما هو من داخله غير مقتنع بما يحدث في الشارع من صراع سياسي خطير.. ينزلق الي هوة ساحقة قد تسبب حربا أهلية غايتها تخريب مصر وتدميرها.. لهذا كان من الواجب أن تتدخل القوات المسلحة.. ويعود المجلس الأعلي العسكري للوجود.. لكن عليه هذه المرة أن يحسم اختيار القيادات.. أن يحقق التوافق الحقيقي بين الأحزاب والتيارات والحركات.. أن يضمن اعادة الاستقرار الي الدولة المصرية.. فلا يصح أن تقوم ثورة أو مظاهرة بعملية انقلاب للأوضاع كل فترة.. اذا لم يعجبها قائدا فتثور عليه وتسأله الرحيل.. لابد أن يبدأ المختصون والخبراء عملهم في بناء مؤسسات الدولة.. لابد من خارطة مستقبل كما أعلن الجيش واضحة المعالم.. من يحكم مصر في المرحلة الانتقالية.. من يضع الدستور.. من يجري الانتخابات ويشرف عليها.. دور المحكمة الدستورية ورئيسها الجديد.. دور المجلس الأعلي للقوات المسلحة.. الحكومة الائتلافية لابد أن تكون بعيدة عن الأحزاب والتيارات.. لابد أن تكون حكومة تعبر عن الكفاءات والخبرات والشخصيات الوطنية.. كما أن من الأمور العاجلة والمهمة واللازمة حاليا.. عودة الأمن ورجاله.. وفرض سيادة القانون علي الجميع.. ووقف الفوضي في الشارع.. وكسر شوكة البلطجية.. وهي لا تأتي إلا بتعاون بين الجيش والشرطة. لقد عادت القوات المسلحة الي المشهد السياسي.. وكنت أظن أنها لن تعود.. ولكن للأسف أمام المشهد الحالي الذي تسبب فيه الرئيس وجماعة الاخوان.. فأرجو أن تكون عودة القوات المسلحة الي ثكناتها في أقرب وقت.. بعد أن تساعد علي عودة البناء الديمقراطي المدني بشفافية ووضوح. كما أن علي القوات المسلحة بما لها من مباديء وأخلاق في العمل أن تقف بالمرصاد ضد فلول النظام السابق.. الذين نهبوا ثروات مصر.. ودمروها.. وسيطروا علي مقدراتها سنوات عجاف.. ليس معني التخلص من الاخوان.. أن الشعب يريد العودة للفلول.. فهم أخطر من الإخوان علي مصر.. كما أن مصر أيضا لا تريد الذين يركبون موجة الثورة.. فيتسلقوا اكتاف الشباب الطاهر.. لتعلو قامتهم علي غير الحقيقة.. ولا يري المجلس العسكري غيرهم فيختارهم في المجلس الاستشاري ثم في تشكيلات ثورية غريبة.. يواصلون منها نهب مصر!. الآن مصر في عهد جديد يحتاج إلي وجوه جديدة. نقلا عن صحيفة الاخبار