ما لا تنجح فيه الولاياتالمتحدة منفردة لا تنجح فيه اسرائيل وان تحالفت مع غيرها، ذلك لان معظم نشاط اسرائيل على مسرح السياسة الدولية يكون في معظمه مجرد دعاية اعلامية وعلاقات عامة. ومن ثم فإن زيارة ايهود اولمرت رئيس وزراء اسرائيل لموسكو وصفت على لسان مراقبين اسرائيليين بانها زيارة (مهينة) فقد كان الاسرائيليون يتوقعون من ورائها ما يتوقعونه دائما من تنازلات دول في المنطقة تحت الضغط الاميركي، وهاهي اميركا تقف عاجزة فاقدة كل حيلة امام اصرار موسكو على العودة بقوة الى المسرح الدولي عبر المساندة العنيدة لحلفائها القدامى وشركائها الاقتصاديين المهددين في الصميم من التفرد الاميركي الاسرائيلي بتوجيه زمام القوة الى اتجاه مصالحهما دون غيرها. وكانت لنتائج اجتماع قمة بحر قزوين الذي اختتم في طهران الاسبوع الماضي فعل الصدمة ليس على اسرائيل وحدها بل على الولاياتالمتحدة نفسها، وأتبع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين نتائج قمة قزوين بتصريحات فاقمت من القلق الاسرائيلي الاميركي حين ألمح الى ان بلاده ستنتج اسلحة نووية جديدة ومتطورة فضلا عن الاستمرار في دعم البرنامج النووي الايراني السلمي، واعلان زعماء دول قزوين بعدم السماح للهجوم على ايران عبر اراضيهم. وفي ضوء كل هذه المعطيات يمكن تفسير زيارة أولمرت الى موسكو، رغم ان الاسرائيليين على قناعة تامة بعدم قدرتهم على اقناع موسكو بوجاهة المخاوف الاسرائيلية. ولا يمكن تفسير هذه الزيارة الا كونها تأتي في خضم جهود الحكومة الاسرائيلية لتخفيف قلق الاسرائيليين تجاه مستقبل الاحداث في الشرق الاوسط الذي يجنح الى غير صالحهم على الاطلاق، وفي نفس الوقت تجد الحكومة الاسرائيلية نفسها عاجزة عن تقديم اي حلول مقبولة في ملف سلام الشرق الاوسط لانها اعتادت ان تأخذ ولا تعطي وان اعطت فرتوشا لا تمس القضايا الجوهرية. ان تحول موازين القوى على النحو الذي يشهده الشرق الاوسط يجعل واشنطن تسارع لطمأنة اسرائيل حتى لو كان الثمن هو التصريحات المتهورة كذلك التصريح الذي القاه جورج بوش الذي (ناشد) العالم وقف البرنامج النووي الايراني او مواجهة حرب عالمية، ورغم جهود البيت الابيض لتفسير (مخفف) للتصريح الرئاسي إلا انه ادى دوره في الإضرار الجسيم بصورة الإدارة الاميركية التي تبادر لفعل وقول كل ما يخدم المخططات الاسرائيلية حتى لو كان عبر تصريحات متهورة، فإذا كانت القوات الاميركية عاجزة عن مواجهة ميليشيات مسلحة في افغانستان او العراق فكيف لها ان تشعل حربا عالمية تنتهي بتحقيق التوجهات الاميركية الاسرائيلية؟. لقد سقطت كل اقنعة اسرائيل وانفضحت تحايلاتها على دول الشرق الاوسط ومن ثم اثارت مخاوف عديد من الدول ذات التأثير القوي في العالم مثل روسيا وفي الشرق الاوسط مثل ايران وتركيا، وعلى نحو لم يعد ينفع فيه الاقناع او العلاقات العامة او الزيارات (المهينة) من مثل زيارة اولمرت الى موسكو، فقد انقلب السحر على الساحر، ولم يعد ينفع سوى الاستواء على الطريق الصريح الواضح، طريق احترام مصالح الآخرين والتسوية على اساس حفظ الحق لاصحابه، خاصة اذا كان هذا الحق موثقا بمواثيق واتفاقات دولية لا تقبل الجدل او المساومة مثل حقوق الشعب الفلسطيني.