يكاد يكون الوصف الوحيد الذي ينطبق علي بيان اجتماع اللجنة الرباعية الدولية للسلام في الشرق الأوسط والذي عقد يوم الجمعة الماضي في موسكو.. هو وصف إيان بلاك بصحيفة الجارديان البريطانية عندما قال إنه مجرد دبلوماسية قص ولصق.. لأن بيان الرباعية قوي في ظاهره.. ولكنه في الحقيقة يعيد صياغة قواعد السلام بين الفلسطينيين وإسرائيل. فرغم أن بيان اللجنة الرباعية التي تضم ممثلين عن كل من الولاياتالمتحدة وروسيا والاتحاد الاوروبي والأمم المتحدة أدان قرار إسرائيل بناء وحدات استيطانية في القدسالشرقية ودعا إسرائيل إلي تجميد كل أشكال الاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة.. وإلي بدء المفاوضات غير المباشرة بين الفلسطينيين وإسرائيل قريبا الا أن العوائق التي وضعتها إسرائيل أمام هذه المفاوضات مازالت كبيرة.. وتجعل من الصعب توقع أي نجاح لها ويخشي العديد من المراقبين من الانفصال التام بين البيانات ذات النوايا الطيبة والحقائق والوقائع في الأرض. رد الفعل الفلسطيني والإسرائيلي علي بيان الرباعية يؤكد صعوبة الموقف.. ففي الوقت الذي رحب فيه الرئيس الفلسطيني محمود عباس بقرار الرباعية الذي حث إسرائيل علي وقف الاستيطان فإن إسرائيل في المقابل.. رفضت القرار وقالت علي لسان وزير خارجيتها المتطرف أڤيجدور ليبرمان ان موقف الرباعية يؤدي لتضاؤل فرص السلام. كيف.. لا أحد يعرف!.. في الوقت نفسه فإن كل المؤشرات تقول إن واشنطن تسعي بكل قوتها إلي تجاوز الخلاف الذي تفجر مع إسرائيل بعد اعلان إسرائيل عن خطة لبناء 0061 وحدة سكنية في القدسالشرقية خلال زيارة چوزيف بايدن نائب الرئيس الأمريكي.. رغم أن الإدارة الأمريكية اعتبرته بمثابة اهانة لها خاصة انه جاء في الوقت الذي كانت تحاول فيه استئناف العملية السلمية في الشرق الأوسط.. ويبدو ان هذا الخلاف وجد طريقه إلي الحل.. مثلما حدث من قبل عندما رفض نتنياهو مطلب أوباما بتجميد الاستيطان في الأراضي الفلسطينية. فقد اعلنت هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الأمريكية اثناء وجودها في موسكو لحضور اجتماع الرباعية أن نتانياهو عرض في اتصال تليفوني معها اقتراحات مفيدة ومثمرة لنزع فتيل التوتر الدبلوماسي بينهما. ورغم أن كلينتون رفضت الافصاح عن هذه الاقتراحات.. الا ان صحيفة يديعوت احرونوت الإسرائيلية أكدت أن نتانياهو ابلغ كلينتون بقرار إسرائيل التجاوب مع غالبية مطالب واشنطن ولكن ليس كلها من خلال ما يطلق عليه »بإجراءات بناء الثقة« والتي تتضمن إزالة بعض الحواجز الإسرائيلية واطلاق سراح بعض الأسري الفلسطينيين.. والتخلي أمنيا عن بعض ما يعرف بمناطق »ج« وتحويلها للسلطة الفلسطينية. واكدت الصحيفة ان اجراءات بناء الثقة لا تتضمن تراجع إسرائيل عن خطط الاستيطان في القدسالشرقية.. ولكن مواصلة الأنشطة الاستيطانية ولكن دون الاعلان عنها. التوافق بين نتانياهو وإدارة أوباما صاحبه اعلان من كلينتون التزام بلادها بإطلاق المحادثات غير المباشرة بين الفلسطينيين وإسرائيل، التي وصفتها بانها تصب في صالح الطرفين. وأكدت أن علاقة بلادها بإسرائيل علاقة عميقة ومتينة ودائمة.. وهو نفس ما أكدت عليه قناة فوكس الأمريكية عندما اكدت لقاء الرئيس أوباما ونتانياهو اليوم الثلاثاء في واشنطن. اصرار واشنطن علي اطلاق المحادثات غير المباشرة بين إسرائيل والفلسطينيين في وقت قريب والتي من المتوقع أن تتضمن قضايا مثل الحدود والمستوطنات واللاجئين يجعل المنطقة تشهد حراكا دبلوماسيا هذا الاسبوع يتمثل في زيارة بان كي مون الامين العام للامم المتحدة إلي عدة دول في المنطقة.. وايضا عودة المبعوث الأمريكي چورچ ميتشل إلي المنطقة ايضا لاحياء مفاوضات السلام غير المباشرة. ورغم دعوات الرباعية الدولية التي مثلها في الاجتماع كل من كلينتون وسيرجي لاڤروڤ وزير الخارجية الروسي وبان كي مون الأمين العام للأمم المتحدة وكاثرين اشتون ممثلة السياسة الخارجية الاوروبية.. بالبدء بالمفاوضات غير المباشرة بين الطرفين والتي يجب أن تنتهي بالتوصل إلي تسوية خلال 42 شهرا.. فلا يبدو في الأفق أي توقعات ان تترجم الدعوات الأمريكية أو اللجنة الرباعية لبناء الثقة المتبادلة بين إسرائيل والفلسطينيين إلي خطوات حقيقية في ظل العراقيل التي تضعها إسرائيل أمام السلام. والمواجهات التي تشهدها الأراضي الفلسطينية المحتلة علي خلفية قرارات إسرائيل بتهويد القدس.. والتي دخلت اسبوعها الثاني مع استمرار حملة القمع التي تشنها سلطات الاحتلال الإسرائيلي ضد الفلسطينيين في القدس والضفة الغربية وعمليات القصف التي تقوم بها الطائرات الحربية الإسرائيلية علي غزة. آمال المغربي