أكد أحمد أبو الغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية أن غاية العمل العربي هي المواطن العربي ولا شيء آخر.. أمنه ورخاؤه وسعادته وضمان مستقبله… والمواطن العربي، على ما نرى جميعاً، ينتابه قلقٌ كبير وهو يُتابع حال الأمة ويشاهد ما تتعرض له من محنة غير مسبوقة في تاريخها الحديث .. والحقُ أن القلق مشروع والخوف من المستقبل مفهوم.. بل إن هذا القلق هو أيضاً علامة صحة ودليل حيوية في الجسد العربي. وأوضح أبو الغيط في كلمته في الجلسة الافتتاحية للقمة العربية ال (28) بالمملكة الأردنية الهاشمية أن انعقاد القمة اليوم، وبهذا الحضور الكريم وهذه المشاركة اللافتة من أصحاب الجلالة والفخامة والسمو، لهو رسالةُ طمأنة لهذا المواطن العربي القلق على مستقبله.. رسالة ثقة بأن المنظومة العربية لا زالت تعمل على كل ما فيها من أوجه القصور، وأن التنسيق العربي والعمل المُشترك لا زال هو السبيل الوحيد لمواجهة التحديات .. فالخطوة الأولى لمواجهة أي أزمة إقليمية هي توفر الرؤية المُشتركة بين الأطراف، ووجود مساحة من الثقة والتواصل تسمح بمعالجة التباين في الرأي، وهو طبيعي.. وبالتحرك بشكل جماعي لمواجهة الأزمات، وهو الغاية المنشودة. وأضاف أبو الغيط أنه منذ توليه منصبه أميناً عاماً للجامعة، استشعر ارتياحاً كبيراً ودفعة معنوية هائلة من حديثه مع جميع القادة الذين شرف بلقائهم، وأن الجامعة العربية يُمكنها أن تكون الجسر وقائد عمل مشترك مثمر بين العرب، وأن هناك من القوى من يوظف الطائفية والمذهبية على نحو مقيت لتحقيق أغراض سياسية تناقض المصلحة العربية على طول الخط .. وهو نهج نرفضه ونتصدى له وندعو الأطراف التي تمارسه لمراجعة حساباتها، كما أن الملفات الأهم ليست في حوزتنا، كما أن قضيتنا المركزية فلسطين حظيت باهتمامي البالغ. وفيما يلي نص كلمة معالي السيد/ أحمد أبو الغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية في الجلسة الافتتاحية للقمة العربية ال (28) بالمملكة الأردنية الهاشمية جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين المُعظم أصحاب الجلالة والفخامة والسمو أصحاب المعالي والسعادة السيدات والسادة، كم يُسعدني ويُشرفني أن أخاطب مقامكم الرفيع اليوم من المملكة الأردنية العزيزة .. هذا البلد الغالي الذي يملك من مقومات المستقبل المشرق بقدر ما يمتلك من عناصر ومعالم التاريخ والحضارة ..الأردن الوسطي العصي على الأنواء المُحيطة به .. واسمحوا لي جلالة الملك أن أهنئكم على توليكم رئاسة القمة العربية الثامنة والعشرين .. وعلى تنظيمها الرفيع والمتميز .. وكلي أمل وثقة في أن رئاستكم للدورة الجديدة ستتسم بكل النشاط والعمل والمبادرة.. وكلها سمات عهدناها في قيادتكم الواعية للأردن. كما أود أن أعبر عن التقدير والعرفان إلى فخامة الرئيس محمد ولد عبد العزيز، رئيس الجمهورية الإسلامية الموريتانية على رئاسته لدورة القمة السابعة والعشرين، وبصفة خاصة في ظل المُلابسات التي أحاطت باستضافة موريتانيا للقمة في يوليو الماضي، ولما بذله من جهد في خدمة قضايا العمل العربي المشترك خلال أشهر الرئاسة الموريتانية. منذ أشهر تسعة توليتُ مهام منصبي أميناً عاماً للجامعة .. وخاطبت حينئذ قمتكم الموقرة لأضع أمامها ملامح رؤيتي للوضع العربي وعملنا المشترك والتحديات التي تواجهنا… وقد شرعت في العمل بنشاط على الفور .. كما قمت بزيارات إلى معظم الدول الأعضاء ونلت شرف لقاء قادتها والتحدث معهم حول الوضع العربي والجامعة .. وقد وجدتُ ما يلي: أولاً: استشعرت ارتياحاً كبيراً ودفعة معنوية هائلة من حديثي مع جميع القادة الذين شرفت بلقائهم .. حيث كان الخطُ العام هو دعم الجامعة العربية وعملها والتمسك بمهمتها السامية في تمثيل وتوحيد العرب والتعبير عن مصالحهم والذود عنها، وتجسيد آمالهم وتطلعاتهم والسعي إليها.. وبالقدر ذاته استشعرتُ أسى مفهوماً ومرارة لها ما يبررها إزاء الوضع العربي وما طاله من ضعف وانقسام وفرقة .. وقد شكلت تلك المُقابلات علامات إضاءة واضحة على طريق اضطلاعي بمسئولياتي .. ومن هنا فقد عاهدت القادة الذين التقيتهم على أن أنشط قدر إمكاني عمل ودور الجامعة في مختلف الملفات والقضايا .. وأن أسعى ما أمكن أيضاً إلى لم شمل العرب، وترتيب الأوضاع واستعادة اللحمة فيما بين الجميع. ثانياً: أنه رغم كل مظاهر الوهن التي تعتري نظامنا العربي، وبرغم ما تُعاني منه أمتنا من مشكلات عديدة وانكسارات وانتكاسات .. فقد تداعت لي أسباب أمل وتفاؤل في وسط ظلمة حالكة .. ذلك أن جامعتكم العربية يُمكنها أن تكون الجسر بينكم.. وأن تكون قائد عمل مشترك مثمر بين العرب .. ويُمكنها أن تنجز بشكل طيب في ملفات اقتصادية واجتماعية وثقافية وفكرية بل وعلمية .. إذا ما توفر لها دعم الدول جميعاً وتلاقت إراداتها السياسية على ذلك.