مناظرة تلفزيونية شرسة بين مرشحى الرئاسة فى فرنسا 'اليميني نيكولا ساركوزي والاشتراكية سيجولين روايال 'عكست التباين الكبير في وجهات النظر بشأن كبرى القضايا التي تهم الناخبين الفرنسيين وذلك في المرحلة الاخيرة قبل الانتخابات الرئاسية التي تجرى الاحد المقبل. تناول النقاش كل الموضوعات التى تهم المواطن الفرنسى داخليا والتى يختلف المرشحان حول اغلبها . وجدد ساركوزي (52 عاما) الذي افتتح المناظرة تعهده بإحداث تغييرات في العمل السياسي في البلاد وفي إدارة الشأن العام. وتعهدت روايال (53 عاما) بحل الكثير من المشاكل التي تواجهها فرنسا كالمديونية وانعدام الأمن وتعزيز فعالية القطاع العمومي. وقد تناولت المناظرة'أربعة موضوعات رئيسية هى : مؤسسات الدولة والاقتصاد والمجتمع والعلاقات الدولية . وخصص لكل مرشح من الاثنين وقتا متساويا للرد على نفس السؤال.. وافتتح النقاش بالقضايا الاجتماعية والامن الداخلي حيث بادرت روايال بالهجوم على ساركوزي حول حصيلة عمله خلال توليه وزارة الداخلية الفرنسية ودافع ساركوزي عن موقفه في هذا المجال قائلا ان نسبة الجرائم انخفضت عندما تولى وزارة الداخلية في الاعوام الاخيرة مقارنة بما كان عليه الوضع في ظل حكومة ليونيل جوسبان في اواخر التسعينات. وانتقل النقاش بعد ذلك الى الملفات الاقتصادية مثل المديونية العامة والبطالة وقانون دوام العمل. وكانت اقوى مراحل النقاش حين جرى الكلام عن موضوع المعاقين في المدارس حيث قال ساركوزي انه يحق لكل معوق ان يكون في مدرسة عادية، الامر الذى ادى الى انفعال روايال واتهام خصمها باستعمال قضية المعاقين للمزايدات السياسية والانتخابية، واتهمته باللااخلاقية السياسية . مذكرة اياه بأن الحكومة التي كان عضوا فيها ألغت مساعدات مخصصة للمعوقين. وكان الموضوع الساخن الثاني يتعلق بالمهاجرين، حيث اتسم الحوار بينهما بالسخرية . كما احتدم النقاش بين الطرفين عندما تطرقت المناظرة لساعات العمل ال 35 في الأسبوع والتي أقرتها الحكومة الاشتراكية السابقة. وعن الامن قال ساركوزى ان المشكلة الرئيسية بالنسبة له هى العمل على تراجع الخروج على القانون وقالت سيجولين روايال انها ستحرص على كفالة الامن حتى للشرطيات اللاتى اصبحن الان يتعرضن للاغتصاب وهن فى طريق العودة من العمل . وفيما يختص بالسياسة الخارجية، تناول المرشحان عدد من القضايا منها ازمة الملف النووي الايراني، حبث يرى ساركوزي ان موضوع امتلاك ايران للاسلحة النووية امر خطير جدا لا يجب السماح به، بينما قالت روايال انها ضد تخصيب اليورانيوم بكميات صناعية في المبدأ، مؤكدة انها اوضحت ذلك منذ زمن، وانه يجب ان يتم التعامل مع هذا الموضوع بصرامة. وحول موضوع انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي جرى نقاش حاد في المناظرة التلفزيونية التي جرت مساء امس الأربعاء الثانى من مايو . سيجولين روايال الاشتراكية قالت إنها لا تريد إغلاق الباب أمام بلد كبير مثل تركيا فيما اعتبر نيكولا ساركوي اليميني إن تركيا تشكل خطرا على التوازن في العالم. وأوضح ساركوزي أن تركيا لا تنتمي إلى أوروبا لكنها تنتمي إلى آسيا الصغرى مضيفا ان الموضوع بالنسبة له ليس موضوع الديموقراطية، وليس موضوع الإسلام أو الإسلاميين . من جهتها ترى المرشحة الاشتراكية روايال إن من الضروري أن يكون هناك فرصة في عملية التوسيع، وانه من المفيد متابعة عملية النقاش التي بدأتها فرنسا مع أنقرة. جدير بالذكر ان مفاوضات انضمام تركيا الى الاتحاد الاوربى بدأت في عام 1964. ولم يغير المرشحان موقفيهما بشأن ملف الهجرة والمهاجرين ..فهى تتطالب بمراعاة الاعتبارات الانسانية وبحث كل ملف على حدة فى حين يصر ساركوزى على ضرورة عدم اصدار تصاريح اقامة للمهاجرين غير الشرعيين وعلى مبدأ اختيار المهاجرين الى فرنسا . واجمع الاثنان ايضا على ضرورة تنمية القارة الافريقية ومساعدة دولها وعلى العمل على وصول المساعدا ت الى مستحقيها لان تنمية افريقيا هى السبيل للحد من تدفق المهاجرين على اوروبا وفرنسا . واختلف الاثنان على طريقة التعامل مع الصين التى تساعد السودان لاحتياجها الى البترول السودانى على الرغم من مشكلة دارفور التى تؤرق المجتمع الدولى .. فرأى ساركوزى الا تقاطع فرنسا دورة الالعاب الاوليمبية فى بكين بينما رأت سيجولين روايال ان الدول عليها ان تنبه بكين الى موقفها واستغلال مناسبة الالعاب الاوليمبية لذلك . وفي ختام المناظرة بينهما والتى تاتى قبل أربعة أيام من الدورة الثانية من انتخابات الرئاسة ، أعلن مؤيدو الطرفان الانتصار'فيما اعتبرت التعليقات السياسية إن هذه المناظرة لم تؤد إلى تحديد المنتصر. وخرج الجميع بانطباع عام هو ان التوتر كان غالبا على المناظرة وان المرشحين تمسكا ببرنامجهما ولم يقدما أى تنازلات واتسم موقف سيجولين روايال بالصلابة والدفاع الشرس عن مواقفها فى كل مجال بقوة وحنكة لم تكن متوقعة لتدحض بذلك الاتهامات التى توجه اليها بانها تتحدث دوما عن عموميات دون تحديد او قوة .. اما ساركوزى فكان فى احيان كثيرة فى موقف متراجع وان كان نجح فى السيطرة على اعصابه ليدحض بذلك بدوره الاتهامات التى توجه اليه بالعصبية الشديدة . وتعتبر هذه المناظرة التى استغرقت ساعتين واربعين دقيقة بينما كان مقررا لها ساعتان فقط فى البداية ذات اهمية كبيرة بالنسبة للدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية، وذلك للتأثير الذي قد تحدثه على الناخبين الذين لم يقرروا بعد لصالح اي مرشح سينتخبون. ويأمل كل من المرشحين بانتشال الجزء الاكبر من الاصوات التي ذهبت في الدور الاول لمرشح الوسط فرانسوا بايرو الذي حاز على 18 بالمئة من اصوات الناخبين. 3مايو2007