تشهد مدينة الاسكندرية والمدن القريبة منها طفرة اقتصادية ملحوظة بسبب إقبال المستثمرين المحليين والعرب على المشاريع التجارية فيها كبناء المراكز التجارية الضخمة وإنشاء المرافق السياحية وتجديد مطار برج العرب الذي يعتبر المطار الرئيسي الذي يربط مدينة الاسكندرية بالعالم بعد أن تم تشغيل مطار النزهة لاستقبال الطائرات الصغيرة الحجم فقط. ففي مقابلة مع «الشرق الأوسط» قال رجل الاعمال المصري منصور عامر وهو صاحب مشاريع سياحية عديدة في مصر من بينها مشروعا «بورتو مارينا» في منطقة العلمين و«بورتو سخنة» في منطقة قناة السويس: «إن هناك طفرة عمرانية كبيرة جدا تشهدها مدينة العلمين والساحل الشمالي لتطال مدينة الاسكندرية»، واضاف عامر بأن الطلب على الاستثمار في تلك المناطق ارتفع في الآونة الاخيرة بسبب صعوبة الاستثمار في منطقة شرم الشيخ المزدحمة بالسياح. كما أن تلك المناطق لم تعد تحتمل بناء مشاريع جديدة لانها بمثابة قرية كاملة متكاملة، لذا نرى جميع المستثمرين يتحولون الى الاستثمار في الجهة الاخرى من المدن المصرية. في البداية، استثمر عامر في مجال المطاعم بعد حيازة حق امتياز مطاعم «تشيليز» الاميركية وفتح مطاعم أخرى في القاهرة تحت اسم «استوديو كايرو» و«الين لو نوتر»، ثم توجه الى قطاع البناء والاستثمار في مجال الفنادق فقام ببناء مشروع «بروتو مارينا» الواقع على مسافة حوالي نصف ساعة عن مطار برج العرب وحوالي 40 دقيقة عن مدينة الاسكندرية. واستثمر عامر قطعة أرض بمساحة 30 كيلومترا مربعا في منطقة العلمين، كانت مليئة بالالغام تم تنظيفها لاحقا بالكامل لتصبح جاهزة لبناء أرقى المشاريع السياحية والعمرانية. وبعدها انشأ عامر 275 غرفة فندقية على مساحة 100 ألف متر مربع في القرية النوبية في فترة لم تتعد 188 يوما. ولم يتوقف عامر عند تلك المشاريع بل ذهب إلى أبعد من ذلك فحصل على تصريح وترخيص من السلطات الخاصة لانشاء مرفأ دولي لاستقبال اليخوت ضمن مشروع «بورتو مارينا» لاستقبال السياح القادمين عبر البحر، إذ أن المنفذ البحري الوحيد في المنطقة هو ميناء الاسكندرية الذي يستقبل جميع انواع السفن بما فيها السفن التجارية. ومن المنتظر حسب تأكيد عامر أن يكون الميناء الجديد الذي يتمتع ببوابة للجمارك، منفذا للاجانب وأصحاب اليخوت، ولأن المنافسة شديدة جدا في هذا الصدد مع كل من الدول الواقعة على البحر الابيض المتوسط مثل اليونان وإيطاليا، وبما أن الميناء يستقطب أعدادا كبيرة من السياح، كان لا بد من توسيع دائرة العمل على تأمين المحلات التجارية لبيع حاجات السياح. وبعدها كان لا بد التفكير بموسم الشتاء الذي غالبا ما تنخفض خلاله نسبة الزوار، فقمنا بالتركيز على تنمية قطاع السياحة العلاجية التي يمكن الاستفادة منها على مدار أيام السنة، بالاضافة الى إنشاء صالات السينما وقاعات الاجتماعات الشاسعة لاستقبال المعارض والمؤتمرات الدولية. ويتابع عامر بأن العمل يجري حاليا على الانتهاء من إنشاء ملاعب الغولف التي يتم بناؤها حسب المعايير والمقاييس العالمية. «بورتو مارينا» تعتبر مدينة متكاملة وليست مجمعا للفنادق الراقية والاجنحة الرئاسية الفارهة، بل هي اشبه بنظام ترفيهي يقدم لكل سائح مهما كانت هواياته برنامجا خاصا به دون سواه. ومن ضمن المشاريع الاخرى التي يمكن الاستفادة منها على مدار فصول السنة، مشروع «العين السخنة» في منطقة قناة السويس التي تقع على بعد 100 كلم عن القاهرة، والذي تم انشاؤه على قمة احد جبال المنطقة، مما اضطر القيمون على المشروع بناء مصعد كهربائي (تلفريك) خاص للوصول اليه وليكون اول مصعد كهربائي جبلي من نوعه في مصر. ومن ضمن المشاريع المستقبلية، هناك مخطط لانشاء مراكز تجارية ضخمة(Shopping Malls ) في جميع انحاء مصر بالاضافة الى مشاريع استثمارية أخرى في كل من ليبيا وعُمان. وحول المنافسة مع المستثمرين العرب والاجانب في المنطقة، اكد عامر «إن الاستثمار الاجنبي لا يزال خجولا»، غير ان الاستثمار العربي كبير جدا لكنه يبعث على المنافسة الشريفة في قطاعات كثيرة مثل قطاعات البناء والعمران والسياحة، وهنا أعني شركة «إعمار» للعقار، وشركة «ناصر الخرافي»، فالمنطقة بحاجة الى وحدات سكنية أكثر، لتلبية طلب السياح المتزايد خصوصا في فترة فصل الصيف. ليس هناك من مانع في استقطاب أكبر عدد ممكن من المستثمرين العرب لانشاء الفنادق لتكون على المستوى المطلوب، الا ان مشروع «بورتو مارينا» فريد من نوعه في المنطقة العربية ككل، فهو المشروع الاول في منطقة العلمين، ومن المعروف عن المنطقة انتشار الفيلات السياحية فيها التي يتم تأجيرها للزوار موسميا. كما كان يعتبر فندق «موفنبيك» الفندق الوحيد فيها الى أن قمنا بانشاء «بورتو مارينا» الذي ساعد على تطوير المنطقة التي تتمتع بشواطئ رملية رائعة. وقد تأهلت المنطقة بذلك لتصبح من بين المناطق التي تحظى بمشاريع ضخمة تتعدى استثماراتها مليارات الدولارات. وأضاف عامر أن «هناك إقبالا شديدا من أهل الخليج من الكويت والامارات، ولا سيما من السعوديين على شراء الشقق الخاصة وذلك بسبب وجود المرفأ الخاص بالمشروع، لان غالبية الزوار العرب يفضلون المجيء عبر يخوتهم الخاصة. كما توجد شواطئ خاصة بالنساء ونحن نتبع نظام سياحة العائلات بدلا من القول «السياحة النظيفة» لان هدفنا هو استقطاب أكبر عدد ممكن من السياح العرب في الدرجة الاولى، ولا بد من التأكيد ان المرفأ يستقبل حوالي 20 ألف سائح يوميا. «نحن نعمل حاليا على تطوير مشروع «بورتو سخنة» الذي يتوقع افتتاحه في اكتوبر (تشرين الاول) عام 2008. ومن المتوقع ايضا أن يكون مستوى التشغيل في المشروع عاليا على مدار أيام السنة، وان يكون نقطة جذب للاوروبيين، إذ توجد به عين مياه ساخنة طبيعية وهي مطروحة حاليا للمناقصة، فإذا حصلنا عليها ستكون خدمة إضافية للزائر يمكن إضافتها الى الخدمات الاخرى التي يقدمها المشروع الذي يضم 20 مطعما عالميا، ومركزا تجاريا ضخما مساحته 15 الف متر مربع من حمامات سباحة مكشوفة ومغطاة، مع تقديم خدمة فريدة لتسويق وإدارة شقة متملكي العقارات في المشروع لتدر عليهم عائدا ماديا أثناء غيابهم». وعن إمكانية قيام شركة «عامر غروب» بالاستثمار في دبي او في منطقة الخليج يقول عامر، إن الشركة تبحث دائما عن مناطق بكر للاستثمار فيها، وهذا الشيء يصعب وجوده في الخليج وفي دبي على وجه التحديد. وعن مشروع تجديد مطار برج العرب يقول المدير العام اللواء سعيد خلاف انه تم رصد مبلغ 400 مليون جنيه مصري على تطوير المطار في غضون عام 2009. ومن خلال الرسم التصوري يبدو أن المطار الجديد سيكون مهيئاً لاستقبال أكبر الناقلات العالمية، وقد بدأ حاليا استقبال ناقلة الامارات بالاضافة الى الطيران الاقتصادي، غير أن عملية إعادة تأهيله ستساعد على فتح خطوط جديدة مع الدول العربية المجاورة ومع أوروبا، وسيساعد على تطوير صناعة السياحة في منطقة مرسى مطروح والعلمين وصولا الى مدينة الاسكندرية. كما أكد اللواء عادل لبيب محافظ الإسكندرية أن المحافظة ستقوم بطرح 2400 فدان بالظهير الصحراوي لبناء مدينة سكنية جديدة، مشيرا إلى ضرورة التوسع الأفقي لفض الاختناق الشديد الذي طرأ على الإسكندرية وازدحام المدينة بالمباني السكنية. وأضاف لبيب أن إقبال المستثمرين العرب على شراء الأراضي الصحراوية والزراعية أدى إلى ارتفاع الثمن، وأوضح انه سيعطي كل التسهيلات للمستثمرين الجادين مما سيعود بالنفع على أهل الإسكندرية، ويشترط ان يكون المشروع غير ملوث للبيئة. وتابع المحافظ قائلا: «إن مدينة الاسكندرية تطمح لأن تكون مدينة سياحية من الطراز الاول، ونحن بطور تطوير هذا القطاع وذلك لان الاسكندرية وضواحيها غنية بالآثار. ويعتبر ميناء الاسكندرية مركز جذب للسياح والتجار، كما توجد في المدينة عدة مرافق سياحية مهمة مثل مكتبة الاسكندرية فهي تعتبر من أرقى الاماكن التكنولوجية في العالم... ونطمح حاليا الى الاستفادة من جميع فصول السنة لان السياحة في الاسكندرية غالبا ما تمتد ما بين شهري يونيو (حزيران) وسبتمبر (ايلول)، ويتم التركيز حاليا على تطوير مطار برج العرب والمنطقة المحيطة التي تزخر بالمصانع الكبيرة، كما توجد مشاريع استثمارية خليجية عديدة منتشرة على بحيرة الملك مريوط ومن المنتظر إنشاء مطاعم وفنادق ومستشفى كبير، كما تنوي شركة «إيفاد الكوتية» إنشاء فنادق على طول شاطئ ميامي». وتشكل السياحة العربية 20 في المائة من حصة السياحة بشكل عام، ويوجد مشروع لترميم الواجهة البحرية لكورنيش الاسكندرية وسيتم بذلك تحديد لون المباني وارتفاعها. توجد تسهيلات للمستثمرين العرب من خلال اعطائهم حق التملك وشراء الاراضي، كما يوجد مشروع توأمة مع عدد من المدن، كما انه سيكون هناك مرفأ آخر تابع لفندق «الفور سيزونز» المزمع افتتاحه نهاية الصيف الحالي، الواقع مكان فندق «سان ستيفانو» سابقا سيكون من شأنه تقوية الحركة السياحية في المنطقة لأنه مؤهل لاستقبال البواخر الكبرى واليخوت. وشدد لبيب على أهمية المحافظة على البيئة وخصوصا ان السكان لا يزالوا يواجهون مشكلتين بيئيتين هما الصرف الصحي ومخلفات السفن، ولكنه تم الحصول على قرض بقيمة 100 مليون دولار من البنك الدولي لتطوير بحيرة مريوط والتخلص من مشكلة التلوث.