عادت ازمة الملف النووي الايرني الى تصدر التحليلات والتعليقات في طهران، خاصة بعد تصريحات وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير الهجومية والمتشددة بحق ايران، وتلويحه 'بالحرب' وتشديد العقوبات الدولية مالم توقف ايران نشاط التخصيب في برنامجها النووي. بعض المحللين رأى في هذه التهديدات ان فرنسا تعود باحلامها الى القرون الغابرة، وهي ترفع بيرق الحرب ولا جرأة لها على استخدامها. واعاد محللون آخرون الموقف الفرنسي الى تناغمه مع الدبلوماسية الايرانية التي ترفض مجرد تصور 'ايران نووية'. ومع ذلك لم تغب القضايا المحلية وبخاصة الاوضاع الاقتصادية والمعيشية عن صفحات وسائل الاعلام، حيث يستمر التناقض والاختلاف بين المحافظين المؤيدين لحكومة احمدي نجاد وبين الاصلاحيين الذين يعارضونها ويحملونها مسؤولية تفاقم الازمات.. ليس الاقتصادية فقط بل والسياسية ويدعون الى رفع يد مجلس رقابة الدستور عن الانتخابات التشريعية المرتقبة والرئاسية القادمة بعد عامين. فيما كانت تطالب طهران بضرورة إعادة ملفها النووي من مجلس الأمن الدولي في نيويورك إلى الوكالة الدولية للطاقة الذرية في فيينا، تسربت بعض التقارير عن احتمال صدور قرار ثالث ضد إيران بعد القرارين 1737 و1747 الخاصين بإيقاف نشاطها النووي وتهديدها بتعريضها لحصار اقتصادي وربما لعمليات عسكرية وفقا للفقرة 7 من ميثاق الأممالمتحدة. غير أن طهران تراهن كثيرا على تصريحات مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي وتأكيده عدم وجود أي نية أو نشاط إيراني لإنتاج أسلحة دمار شامل، وهو الموقف ذاته الذي أكده المرشد الأعلى خامنئي، في حين مازالت أميركا ودول أخرى تتهم إيران بالسعي للحصول على أسلحة نووية. ومع هذا فان إيران تتحرك الآن في عدة محاور للحصول على التقنية النووية والسعي لمنع مجلس الأمن الدولي من اصدار اي قرار جديد ضدها، فقد قام وزير الخارجية منوشهر متكي بزيارة إلى موسكو لإقناعها بتزويد طهران بالوقود النووي لتشغيل مفاعل بوشهر وتشجيعها على الوقوف ضد اي قرار أميركي لإدانة إيران في مجلس الأمن الدولي. كما أجرت طهران اتصالات مع معظم دول مجلس الحكام التابع للوكالة الدولية لكسب تأييدها وإقناعها بعدم إحالة ملفها النووي مرة أخرى الى مجلس الأمن الدولي. وسعت طهران من خلال مجموعة عدم الانحياز إلى دعم مواقفها، لكن معظم التقارير الإعلامية بدأت تتحدث عن احتمال إمهال طهران شهرين او 3 أشهر لإيقاف نشاطها النووي، وهي مهلة اقترحها البرادعي لإعطاء إيران فرصة كافية لمراجعة مواقفها وإبداء تعاون أوثق وأكثر علانية مع الوكالة الدولية، لكنها ردت مؤكدة بضرورة إخراج الوكالة الدولية من تحت سلطة ووصاية الولاياتالمتحدة وإصدار قرارها بشكل مستقل لاعطاء ايران الحق بامتلاك التقنية النووية السلمية.