نقلا عن : الاهرام11/04/07 قد تهضم معدة المصريين الظلط كما يقولون لكن الأمراض لا ترحمها ولا ترحم أصحابها البسطاء ولا ترحم حتي الدولة التي تضطر لإنفاق ملايين الجنيهات سنويا علي العلاج المجاني للأمراض الخطيرة الآتية من باب الجشع والاستغلال والجهل أحيانا.. وفي حلقة جديدة من مسلسل الجريمة في حق صحتنا العامة تكشف تحقيقات الأهرام عن فوضي استخدام الهرمونات في زراعات الخضر والفاكهة.تلك الفوضي التي عبرت عنها احصائية حديثة قالت إن ترتيب مصر عالميا في مجال إنتاج أنظمة زراعية بيئية سليمة هو ال115 من واقع146 دولة شملها الاحصاء. المدهش أن حل هذه المعضلة متوافر ولا يكلفنا الكثير, وقد جاء علي يد عالم مصري هو الدكتور محمد أسامة الاستاذ بمركز بحوث الصحراء وعضو المجالس القومية المتخصصة الذي توصل إلي نموذج لمرزعة متكاملة تنتج زراعات صحية سليمة بيئيا عضوية لا تعتمد علي هرمونات ولا مبيدات وقد نوقشت فكرته في وزارة الزراعة وكليتي زراعة القاهرة وعين شمس والمجالس القومية المتخصصة وحظيت بترحيب وزير الزراعة وحصل صاحبها علي حق الملكية الفكرية. *يقول الدكتور سامر المفتي( الاستاذ السابق بمركز بحوث الصحراء والمستشار لوزير التجارة والصناعة لحماية المستهلك): الهرمونات أو منظمات النمو الهدف منها الوصول بمنتج زراعي لأفضل مواصفات, ولذلك يتم استخدامها في الخضر والفاكهة لزيادة الإنتاج, خاصة نتيجة زيادة السكان وثبات الرقعة الزراعية, ولابد من استخدامها فهي مسئولية الحكومة في توفير غذاء آمن للشعب لكن استخدام الهرمونات له محاذير فقد يساء الاستخدام من جانب المزارع.. علي سبيل المثال تقول التعليمات إن الرش يتم ولا يجمع المحصول إلا بعد فترة زمنية لكن الذي يحدث أن الحصاد بتم بعد الرش مباشرة وهي نفس مشكلة استخدام المبيدات, حيث يساء استخدامها ولا ينتظر الفلاح الدورة حتي تتم, وللأسف لا توجد رقابة قوية علي الأسواق ويضار المستهلك بتأثير هذه الأشياء, وقد يصل الأمر لحد التسمم مثلما حدث عند رش مبيد محظور للبطاطس! والحل في زيادة عدد المرشدين الزراعيين وأن تتوافر الثقة بينهم وبين المزارع وتطوير دور أجهزة الرقابة فيوجد معمل لمتبقيات المبيدات بوزارة الزراعة حيث يتم جمع عينات من الخضر والفاكهة الداخلة لأسواق الجملة ويتم تحليل تأثير الهرمونات في هذه العينات ومعرفة مصدر العينات الضارة صحيا, فمطلوب عدم التسيب وتشديد الرقابة. *أما الدكتور عصام شلتوت أستاذ البساتين بزراعة عين شمس والمدير السابق لمعهد بحوث البساتين فله رأي يختلف يقول: لا أحب اسخدام لفظ الهرمونات وإنما هي منظمات نمو للاجزاء المختلفة للنبات تقوم بتحسين جودة الثمار, علي سبيل المثال مادة تسمي حمض الجيرالين تستخدم لزيادة حجم ثمار العنب هذه المادة يتم استخدامها من الطحالب ولا ضرر منها علي صحة الإنسان ولابد أن تستخدمها في عنب التصدير لأوروبا, حيث يشترطون هناك أن يتراوح قطر الحبة من18 إلي25 مللي ولو كان هناك حذر من الهرمون لما قبلوه. الناس في مصر أصبحت تخشي من الثمار كبيرة الحجم بحجة أنها معالجة بالهرمونات فهي ضارة صحيا, والحقيقة أن الهرمونات ضررها أقل خطورة إذا استخدمت وفق التعليمات المتبعة وهي ترك المحصول لفترة معينة قبل جمعه لكن للأسف المزارع لا ينتظر فترة الأمان. هناك فواكه سلالتها أصلا كبيرة الحجم ولم تعامل هرمونيا مثل الخوخ, ولكن قد يلجأ المزارع لزيادة كمية المياه قبل الجمع حتي تكبر الثمار وتصبح عصيرية ويزيد وزنها بهدف الربح, ولذلك نجد الثمرة مختزنة ماء بعكس خوخ سيناء ثماره صغيرة ونسبة السكر به أعلي وزراعته مطرية فلا يروي, أيضا كما يطمع المزارع نجد بعض باعة الفاكهة يضيف اللون الأحمر للخوخ لإغراء الزبون, وفي إحدي السنوات كانت الفاكهة مصدرا لإصابة الناس بالإسهال, وتفسير ذلك أن المزارع يجمع المحصول قبل اكتمال نضجه. بالنسبة للتفاح نطلب من المزارع استخدام مادة( الاثريل) بتركيز1 سنتيمتر لكل لتر ماء لكي يعطي اللون الأحمر للثمار وقد يزيد المزارع من التركيز المستخدم ويتسبب في ضرر الناس, أيضا الخضروات قد يكثر المنتج من استخدام الازوت لإعطاء اللون الأخضر لها وفي هذا ضرر بالغ. أما اساءة استخدام الهرمونات سواء في التوقيت أو التركيز سوف تضر بمصلحة المنتج أولا لأنها ستؤدي لأثر عكسي تساقط الثمار وصغر حجم الثمرة, وفي هذا ضرر بالغ للمحصول بشكل عام, هناك عوامل عديدة تؤدي إلي سرعة تلف الخضر والفاكهة وتسممها كما يشكو الناس مثل الري بمياه الصرف الصحي, وهذا يحدث في مناطق عديدة واستخدام مركبات محظورة في الزراعة وسوء استخدام الاسمدة والمبيدات والهرمونات وعوادم المصانع وزيادة نسبة الرصاص في الزراعات, والمسألة تحتاج لضمير المزارع ولتفعيل الرقابة للكشف عن التجاوزات والتلوث الموجود في أي بقعة زراعية. *ويقول الدكتور محمد أسامة سالم( الاستاذ بمركز بحوث الصحراء وعضو المجالس القومية المتخصصة شعبة زراعة وري): المسألة ليست في الضرر الناتج عن الهرمونات والاسمدة والمبيدات, فقد أصبحنا نعاني من إنتاج غذاء غير صحي وغير آمن والدليل أن وضع مصر في الترتيب الدولي الذي يشرف عليه البنك الدولي تحت اسم دليل الاستدامه.. البيئية(ESI) هو115 من146 دولة تحت التقييم, وهذا يعني عدم التزام هذه الدول ومنها مصر بالإنتاج الغذائي النظيف المعتمد علي المدخلات العضوية في الزراعة وهو أيضا وضع مصر من هيئة دستور الأغذية العالمية( كودكس) التابعة لمنظمتي الأغذية والزراعة والصحة العالميتين, حيث لم نطبق البنود الواردة في هذا الدستور ولا يهتم بحماية المستهلك ولا مطابقة المواصفات في كل الأنواع النباتية والحيوانية وحتي المياه المعدنية, وهذا الرأي مبني علي عدة مواد مثل بقايا الهرمونات في المنتجات وبقايا المبيدات وغيرها من المواد الأخري, والهدف من دستور الأغذية العالمي( كودكس) وعمره أكثر من50 عاما حتي الآن ضمان حد أدني لغذاء سليم خال من المسببات المرضية. ومؤخرا اهتم المهندس رشيد محمد رشيد وزير التجارة والصناعة بحماية المستهلك في مجال قطاع الغذاء بإنشاء هيئة للأغذية تتولي الرقابة ويكون لها الاستقلالية الكاملة لضمان توافر غذاء صحي وآمن للمواطن المصري, هذا كلام جميل لكن هل هناك آلية تضمن الرقابة علي كل المساحات المنزرعة في مصر؟! في تصوري هذا هو دور المنظمات غير الحكومية, لقد حصلت علي براءة ملكية لهذا المشروع الذي رحب به أمين أباظة وزير الزراعة وتم الاتفاق مع المنظمات الأهلية والقطاع الخاص لتطبيقه, كما أوصت المجالس القومية بتطبيقه في الواحات, وهذه الفكرة مطبقة في12 دولة إفريقية من بينها السودان, وللأسف لم تطبق في مصر برغم وجود مساحات جديدة صالحة في توشكي والعوينات والظهير الصحراوي ومناطق الاستصلاح بشرق وغرب قناة السويس ومناطق الاستصلاح الجديدة بغرب الدلتا والوادي الجديد والواحات البحرية.