قبل أربعة أيام من بدء الانتخابات العامة الاسرائيلية التى تجرى االثلاثاء المقبل ، جاءت معظم استطلاعات الرأى التى جرت الجمعة متطابقة حيث اكدت تقدم الكتلة اليمينية المتشددة التى يقودها رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو على يسار الوسط المعارض بقيادة تسيبى ليفنى ، و توقعت الاستطلاعات فوز نتانياهو والاحزاب الدينية بنحو 63 مقعدا مقابل 57 لمنافسيهم . واذا فاز التكتل اليمينى المتشدد بالانتخابات ، فما هى سيناريوهات الفترة القادمة فى اسرائيل و ماتأثير هذا على قضية السلام ؟. أولا : سيكون من شبه المؤكد ان يتولى بنيامين نتنياهو رئاسة الوزراء مرة أخرى ، و لكن سيكون موقفه و موقف حزبه الليكود مختلف ، فقد اعترف نتانياهو ان مسألة توليه رئاسة الحكومة المقبلة أمرا مفروغا منه لكن مايقلقه هو تراجع قوة حزب الليكود مما سيضعف وضعه في الإطار الائتلافي ويحد من قدرته على التصدي للضغوط الممارسة عليه ..لكنه ايضا اعلن بأن أي حكومة برئاسته لن تجمد الاستيطان و لن تخلي مستوطنات الضفة الغربية.. وهذا بدوره يعني استمرار انقياده للوبى المؤيد لبناء المستوطنات واستمرار موت عملية السلام مع الفلسطينيين . ثانيا : اذا صدقت توقعات استطلاع الرأى فهذا يعنى ان نتانياهو و تحالفاته الجديدة التى تصب فى معين اليمين المتطرف و الدينى المتشدد سيقودون اسرائيل فى الاربع سنوات القادمة ، ولكن ستكون الفجوة ضئيلة بين الكتل اليمينية و تكتل بين اليسار ويسار الوسط و العرب مما يزيد فرص ونفوذ الاخير في المساومة ، ويضعف الموقف التفاوضى لليمين . و يرى المحللون الاسرائيليون أن مثل هذا السيناريو ، لا يعنى ان اليسار يمكن ان يتحكم و يفرض شروطه على اليمين و لكن المتوقع ان الزخم الذى سيتركه فوز اليسار بنحو 57 مقعدا سيصب فى اتجاه اقل قوة .. حيث سيساهم فى تخفيف شدة الاتجاهات اليمينية في الحكومة. و لكن لا يمكن توقع تغيرات كبيرة و سيكون هناك المزيد من التخفيف من أسوأ التجاوزات من التوجهات المعادية لليبرالية ومسألة بناء المستوطنات التي من شأنها أن تهيمن على سياسة الحكومة اليمينية . و سيكون هناك الكثير من مجالات المناورة في ظل هذه الظروف خاصة ان التحالفات في إسرائيل غير دائمة و تخضع يوميا لمساومات يقودها الجشع والخوف من سيطرة الأحزاب الكبيرة التي تكافح للحصول على الدعم و لكنها دائما ما تكون قلقة من انسحاب حلفائها الصغار ، في حين أن الأحزاب الصغيرة تضغط من أجل غنائم الحكومة بأقصى ما يمكنهم . ثالثا : فوز نتانياهو و اصراره على اتباع سياساته القديمة كاستمرار الاستيطان ، و عرقلة مفاوضات السلام مع الفلسطينيين ، و تجاهل سوء العلاقة مع الرئيس الامريكى باراك أوباما قد يكون له عواقب على السياسة الخارجية الاسرائيلية .. فالولاياتالمتحدة باعتبارها الحليف الوحيد الآن لاسرائيل وسط سحب الاوربيين تأييدهم و مساندتهم لاسرائيل بسبب استمرار بناء المستوطنات على الارض الفلسطينية ، سيحتم على نتانياهو تغير نهجه مع واشنطن وقد يسمح ببعض المرونة فى مجال استئناف المفاوضات و لكن الضغط الداخلى من تكتله الانتخابى سيمنعه من تجميد الاستيطان و وقف بناء المستوطنات الجارى الآن ... و مع مزيد من ضعط واشنطن قد يوافق على تجميد مؤقت لاستئناف التفاوص مع الفلسطينيين . كذلك استمرار حالة التجاهل و الجفاء بينه و بين اوباما سيكون ايضا له عواقبه ، صحيح ان الولاياتالمتحدة لن تقطع مساعداتها لإسرائيل، لكن زخم الحماية الدبلوماسية الأمريكية وسط المحافل الدولية قد تضعف عن قصد و حينئذ قد تجد إسرائيل نفسها بمفردها. و اذا حدث هذا ستقابل حكومة نتانياهو مشاكل كثيرة و ستصبح منبوذة دوليا و سيؤثر هذا على سياساتها الخارجية و الاقتصاد بل قد يدعم مواقف اليسار الاسرائيلى و حلفائه و يمثل قوة اضافية لهم قد تعرقل خطط نتانياهو و تؤثر على ائتلافه الحاكم و قد يضطر يوما للاستنجاد باليسار ليشاركه الحكم .