جدير بالذكرأنه قد حدث تحولان عظيمان في القوة الدولية علي مدي الأربعمائة عام الماضية. الأول كان صعود أوروبا, والتي أصبحت مع بداية القرن السابع عشر الأغني, وأكثر مناطق العالم طموحا. وكان الثاني هو صعود الولاياتالمتحدةالأمريكية في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين, حين أصبحت الدولة الوحيدة الأقوي في العالم, واللاعب الرئيسي في الاقتصاد والسياسة. وظل باقي العالم لقرون المسرح لطموحات ومصالح القوي العظمي الغربية. ويمثل صعود الصين, مع الهند وزيادة وزن اليابان, التحول الثالث العظيم في القوة الدولية, أي صعود آسيا. ان القوي الدولية لاتولد كل يوم. وقد ظلت قائمة الدول الحالية الولاياتالمتحدة, وبريطانيا, وفرنسا, وألمانيا, وروسيا هي نفسها لقرنين من الزمان. ووصول قوة جديدة غالبا ما يؤدي الي التوتر إن لم يكن يؤدي إلي الاضطراب, حيث يحاول القادم الجديد ان يتواءم مع النظام القائم, أو أن يقلبه ليتناسب مع أهدافه. ولنتذكر صعود ألمانياواليابان في بداية القرن العشرين, او انهيار الامبراطورية العثمانية في نفس الفترة والتي أدت إلي قيام الشرق الأوسط الحديث. إن صراع القوي الكبري هو شئ لم يشاهده العالم منذ الحرب الباردة. ولكن اذا بدأنا, فإن كل المشاكل التي نتخوف منها الآن, مثل الارهاب وإيران وكوريا الشمالية, سوف تصبح باهتة بالمقارنة. فالمسألة تعني سباق تسلح وقلاقل علي الحدود وقد يكون أكثر من ذلك. انتهي كلام فريد زكريا وبقي السؤال: هل صدقت حقا نبؤة نابليون حين قال عندما تستيقظ الصين, سوف ينفجر العالم؟ ببلوغ التنين الأصفر في إشارة الي الصين المرتبة الرابعة بين أقوي الاقتصاديات في العالم واحتمالات صعودها لتصل الي مرتبة منافسة لأمريكا مع استمرار ارتفاع الناتج القومي المحلي, حسب توقعات الخبراء. لقد أصبحت الصين من أهم القوي الفاعلة في النظام الدولي للقرن الحادي والعشرين. وعلينا ان ندرس التجربة الصينية ونتعلم منها ونأخذ منها ما يناسبنا. فهذه الدولة لم يكن لها مقعد في الأممالمتحدة قبل نصف قرن, وكانت نصف دول العالم ترفض الاعتراف بها, أصبحت الآن تخيف أمريكا وتمثل تهديدا لمركزها الاقتصادي العالمي. كذلك بدأت الهند تفيق تدريجيا بعد سبات عميق استمر قرونا, وقفزت قفزات واسعة في مجال التنمية الاقتصادية إلي جانب اهتمامها بانتاج السلاح النووي, سعيا لتحقيق توازن مع الصين في آسيا. فهل أصبحت الهند والصين باعتبارهما دولتين نوويتين تمثلان استقرارا أكثر للعالم وتوازنا أم خطرا اكبر يهدده؟ لقد تغيرت خريطة العالم الاقتصادية بصعود الصين لتقف علي قدمين ثابتتين في الساحة الدولية. فهل يعني ذلك بزوغ عالم جديد تتنافس فيه الصين مع أمريكا علي القمة, وينتهي زمن القطب الأوحد الذي انفردت به أمريكا بعد انهيار الاتحاد السوفيتي؟ هذا ماسوف يكشف عنه المستقبل!