فى نهاية درامية لفضيحة محاباة صديقته شاها رضا أعلن " بول وولفويتز " استقالته من رئاسة البنك الدولى بحلول 30 يونيو المقبل ليسدل بذلك الستار على الفضيحة المدوية التى عصفت بالمؤسسة الدولية المعنية بمساعدة فقراء العالم، وأشار البيان الصادر من مجلس إدارة البنك إلى أن هناك حاجة لإعادة النظر فى الإطار الحاكم للبنك بما فى ذلك دور وعملية الإجراءات الخاصة بلجنة القيم، وفى نفس الوقت أشاد البيان بوولفويتز وجهوده خلال العامين الماضيين، كما أثنى على إحساس الرئيس المستقيل بالمسئولية والواجب وهو نفس الشعور الذى دفعه إلى الاستقالة . وبهذه الإستقالة يكون قد أسدل الستار على فضيحة وولفويتز الخاصة بزيادة راتب صديقته شاها رضا وإبقائها على جدول رواتب البنك الدولى رغم انتقالها فعلياً للعمل بوزارة الخارجية الأمريكية، ووصل راتبها إلى 200 ألف دولار سنوياً ليتخطى بذلك راتب وزيرة الخارجية كونداليزا رايس، وكانت شاها قد أصدرت بياناً فى وقت سابق أشارت فيه إلى أن سخرية الأقدار تتجلى فى أن عملها بالبنك لضمان مُشاركة المرأة والحفاظ على حقوقها انتهى بحرمانها من نفس الحقوق من قبل المؤسسة الدولية المدافعة عنها . ومن ناحيته أعلن البيت الأبيض عن أسفه لاستقالة وولفويتز، وأنه كان يفضل لو بقى فى منصبه إلا أن الرئيس الأمريكى جورج بوش سيختار خليفته قريباً، وأنه متمسك بتقليد تولى شخصية أمريكية لهذا المنصب، وقد بدأت أسماء المرشحين المحتملين تتردد فى أروقة صنع القرار والإعلام وعلى رأسهم وزير الخارجية السابق "روبرت زوليك " ونائب وزير الخزانة "روبرت كيميث " . وقد أثار وولفويتز جدلاً فى البنك الدولى منذ أن رشحه الرئيس بوش فى عام 2005 وواجه انتقادات من جانب دول أوروبية أعضاء فى البنك بسبب دوره فى حرب العراق عندما كان نائباً لوزير الدفاع الأمريكى، وأن فضيحته قد تفتح الباب أمام معركة حول ما إذا كان يتعين على أمريكا الاستمرار فى تعيين رئيس البنك الدولى . وبموجب اتفاق غير مكتوب بين الدول الأعضاء المؤسسة لصندوق النقد والبنك الدوليين تتولى رئاسة الصندوق شخصية أوروبية، بينما تحتكر واشنطن ترشيح رئيس البنك، وقد لاحت بالفعل بوادر المعركة مع تأكيد اليابان أمس أنه يتعين على البنك نفسه اختيار رئيسه، حيث أشار سكرتير عام الحكومة اليابانية والمتحدث باسمها " ياسو هيزا شيوتازى " إلى أنه يجب على مجلس محافظى البنك اختيار رئيسه . ويرى المحللون أن نبرة الامتعاض من كون رئيس البنك الدولى يجب أن يكون أمريكياً قد علت للمرة الأولى خلال الفترة الماضية من جانب الدول الأوروبية والآسيوية، حيث تصدت فى البداية ألمانيا وهولندا وفرنسا لضرورة رحيل وولفويتز حفاظاً على سمعة المؤسسة الدولية الكبيرة، ثم ما لبثت أن انضمت إليها باقى دول الاتحاد الأوروبى وكندا واليابان . وكانت الأوضاع قد تفجرت داخل البنك الدولى الذى أسس عام 1944 بإعلان رابطة العاملين بالبنك عن انتهاك وولفويتز للقواعد وفضائحه وتجاوزاته بمكافأة وترقية صديقته شاها رضا، ومطالبة المجلس الإدارى للبنك بالتحرك والمحاسبة والذى قام بدوره بتشكيل لجنة للتحقيق فى هذا الأمر أوائل الشهر الجارى ضمت سبعة أعضاء انتهت إلى كتابة تقرير شديد اللهجة يدين " وولفويتز" ويعلن انتهاكه لقواعد البنك ويطالب باستقالته أو إقالته . وجاء الإعلان عن استقالة وولفويتز – 63 عاماً – من قبل مجلس إدارة البنك المؤلف من 24 عضواً بعد ثلاثة أيام من الاجتماعات، تم خلالها بحث التقرير الداخلى الذى أقر أن وولفويتز انتهك لوائح العمل فى البنك عندما رفع راتب صديقته شاها رضا .... وفى برلين .. وصف وزير المالية الألمانى " بيير شتاينبروك " استقالة وولفويتز بأنها نتيجة سليمة جاءت فى التوقيت المناسب، مُشيراً أنه ينبغى التركيز فى الفترة المقبلة على إعادة إصلاح سمعة البنك الدولى فى أقرب وقت مُمكن بدلاً من النقاش حول الماضى، مؤكداً أن هذا الأمر سيكون شديد الأهمية بالنسبة لدول العالم الثالث . 19/5/2007