ربما تشعر العديد من الزوجات أنهن يستحققن مكافأة لقبولهن أزواجهن الحاليين لكن في حالة الهندية مادفي اروار حدث هذا بالفعل من الحكومة الهندية. ليس لأن زوجها شاندراشيخار من النوع السيئ في الحقيقة هو شاب وسيم ويشغل وظيفة ثابتة في شركة تأمين ويحنو على ابنهما الوحيد ولكنه من طبقة الداليت(المنبوذين) وهي كما هو معلوم في قاع السلم الاجتماعي في الهند. مادفي ليست من طبقة المنبوذين ولكن بزواجها من شاندراشيخار استحقت 250دولار مكافأة من الحكومة الهندية مع شهادة تقدير. هذه المكافأة شكلت جزءً من حملة الحكومة الهندية لتفكيك حواجز نظام الطبقات الاجتماعية القديم في البلاد حيث تتقرر مكانة الشخص في المجتمع بمولده. وبينما تسعى الهند للتحديث والتحول إلى قوة اقتصادية عالمية يعي مسئولوها الحاجة إلى إلغاء نظام الطبقات القديم وتوسيع الفرص أمام أكثر من مليار هندي بما فيهم الغالبية التي تعتبر تاريخياً طبقة دنيا مضطهدة. وقد صادفت جهود الدمج والتكامل بعض النجاح خاصة في المدن المزدهرة مثل نيو دلهي ومومباي حيث لا تكاد تبين الفوارق بين الطبقات. البراهما الذين يشكلون الطبقة العليا في هذا السلم الاجتماعي البغيض يجلسون إلى جانب الداليت في الحافلات العامة. هنود الطبقة العليا الذين يرفضون في المناطق الريفية الشرب من الآبار التي يشرب منها الداليت(المنبوذين) خوفاً من "التلوث الروحي" باتوا يقبلون مضيفين من المنبوذين في المطاعم الجديدة الراقية ويشغل الداليت بعض الوظائف العليا في الحكومة الهندية. ولكن بقيت هنالك مؤسسة تقاوم بقوة هذا التغيير إنها مؤسسة الزواج. وبنظرة سريعة على إعلانات الزواج في إي صحيفة هندية تبين لك أهمية الطبقة. فمن أسماء الفتيان والفتيات الراغبين والراغبات في الزواج تُعرف الطبقة التي ينتمي لها هذا الشاب أو تلك الشابة. وفي استطلاع أجراه مركز دراسة المجتمعات في نيو دلهي قال 74بالمائة من المشاركين أن الزيجات المختلطة بين الطبقات غير مقبولة بالرغم من قانون عمره أكثر من 52عاماً يؤكد على حق الفرد في الزواج ممن يختار. ويعود تاريخ النظام الطبقي في الهند إلى آلاف السنين غير أن لا أحد يستطيع الجزم بأصل وكيف تطور إلى شكله الحالي. وينقسم الهنود عامة بين أربع فئات: البراهمة وهم رجال الدين و الكهنة ومهمتهم إدارة شئون المعابد والآلهة وسن القوانين والإشراف على التعليم والتربية وأداء جميع المراسيم الدينية وطقوسها في المعابد وفي خارجها، وأصبح هؤلاء فوق جميع الطبقات والمختصين بإله الآلهة وخالق الكون ( براهما حسب زعمهم )، واعتقدوا بأنهم خلقوا من رأسه. وطبقة كاشاتريا وهم الفرسان وقواد الجيش والأشراف، وخلقوا من يدي الإله (براهما). وطبقة فايشا وهم التجار والمزارعون وأصحاب المهن، وخلقوا من فخذه. وطبقة شودرا وهم المنبوذون، أصحاب المهن الحقيرة، مثل: الكنس والنظافة، وغسل الملابس، وتنظيف الجلود، لأنهم من اصحاب البشرة الداكنة، وخلقوا من رجله. وقد بدأت الهند الحديثة برؤية لمجتمع يقوم على توفير حق العيش الكريم للجميع وتم إلغاء نظام الطبقات بعد الاستقلال في 1947. ولكن الانطباعات الشخصية عن النظام الطبقي التي يرثها الفرد الهندي من أبويه ما تزال لها تأثيرها القوي على السياسة والاجتماع وبالرغم من أنها اقترنت بالديانة الهندوسية إلا إنها تجاوزت الخطوط الدينية لتؤثر على المسلمين والمسيحيين كذلك. ورغم أنه لا توجد بيانات رسمية عن عدد الزيجات المختلطة إلا أن الخبراء يرون أنها شيء لا يذكر وهي في غالبيتها ناجمة عن حالات هروب أو زيجات عن حب وليست زيجات مرتبة كما هو الحال في غالبية حالات الزواج في الهند. ويمكن ان تكون عواقب الخروج على التقاليد قاسية ومريرة. فأصحاب الزيجات المختلطة الذين يتحدون رغبات آبائهم يتم عقابهم من قبل عائلاتهم. وقد وجد الكبار في القرى طرقاً لإبطال الزيجات المختلطة بالادعاء في بعض الأحيان بان احد الشريكين قد تم خداعه ورمي الآخر في السجن. أو طرد الأزواج من مجتمعاتهم ومصادرة منازلهم وممتلكاتهم. وفي بعض الحالات لجأ الأقارب إلى "قتل الشرف". ففي العام الماضي حكم على رجل من طبقة البراهمة واثنين من أصدقائه من بلدة قريبة من مومباى (بومبى سابقاً) بالإعدام شنقاً لقتله صهره وثلاثة آخرين للثأر من "الإساءة" التي لحقت بهم لزواج شقيقة القتيل من شاب من طبقة اقل من طبقتهم. وقبل سنوات قلائل قام أقارب فتاة من الطبقة العليا بإعدامها مع فتى من الداليت(المنبوذين) في مكان عام لتورطهما في علاقة عاطفية ليكونا عظة وعبرة للآخرين الذين يجرؤون على الخروج على التقاليد. ولم يستفد سوى 14زوجاً في ولاية بيهار من برنامج الحوافز وأمرت وزيرة الشئون الاجتماعية الهندية برفع قيمة الحافز إلى 1.250دولار وهو مبلغ كبير في بلد لا يتجاوز دخل الفرد فيه نصف هذا المبلغ سنوياً.