لنتوحد مرة.. لنتفق على موقف واحد لنصرة الديمقراطية وسيادة القانون.. اختلفنا كثيراً.. وجادلنا كثيراً.. لم يرض الجميع ولم يتوافق الجميع.. كانت مرحلة فاصلة في تاريخ مصر.. مرحلة أكدت أن الثورة ماضية وسوف تترسخ يوماً بعد يوم.. كان من الطبيعي أن تكون هناك أختلافات في الرأي بين النخبة السياسية والقوى الوطنية.. وائتلافات الشباب.. وامتد الخلاف في وجهات النظر بين قوى السلطة، ما بين الحكومة والبرلمان والمجلس العسكري.. الوطنية كانت تاجاً على رأس كل مواطن مصري مهما كان الخلاف معه في الرأي.. والاتهامات بتقديم المصالح الشخصية والفئوية والحزبية عن المصلحة العامة.. واليوم.. توشك المرحلة الأولى للثورة على اكتمال خطواتها ببدء مرحلة الإعادة للأنتخابات الرئاسية وذلك بعد أيام من الترقب لحكم المحكمة الدستورية.. قال القضاء كلمته.. وأيدت الغالبية التزامها بحكم القضاء سواء كان باستمرار سباق المنافسة بين المرشحين مرسي وشفيق.. أو بحل مجلس الشعب.. الأمل أن يكون الجميع قد استوعب الدرس.. قوى الثورة بعدم توحدها.. ومجلس الشعب بأدائه الذي لم يرق لطموحات شعب قام بثورة.. وقوانين انتقائية وانتقامية، غابت عنها المصلحة العامة وصفة العمومية.. فكان من السهل الطعن عليها وعدم دستوريتها.. لو اتسم اداء مجلس الشعب بما كان يجب عليه ما وصلنا الي هذه المرحلة.. انزعجوا من رأي النخبة السياسية الرافضة لنظام الانتخاب البرلماني بالقوائم ونسبة الفردي.. ولم يعط بالاً لانتقاد عدم دستورية قانون العزل السياسي. ورفضوا كل نصائح اعادة تشكيل الجمعية التأسيسية الأولى للدستور.. حتى تم حلها بحكم القضاء.. ثم أعيد تشكيل الجمعية باصرار من ديكتاتورية الأغلبية.. لفرض رؤيتهم وموقفهم.. وللأسف جاء التشكيل الثاني مبنياً على أسس كارثية تؤصل للطائفية لأول مرة في تاريخ مصر.. التوافق السياسي الذي تم التوصل إليه لتشكيل هذه الجمعية، كان مبنياً على "محاصصة" حصة للأحزاب والقوى الليبرالية والحزبية.. أخذت في اعتبارها بحسن النية التمثيل لكل طوائف المجتمع في التشكيل.. ولكن نسي في خضم الصراع على مقاعد التأسيسية الكارثة التي أقدم عليها بتقسيم المجتمع إلى فئات وتيارات.. وأقباط.. ومسلمين.. وهو واقع يناقض ما يجب أن ينص عليه الدستور بالمساواة بين جميع المصريين.. غفلنا عن كارثة لبنان الشقيقة بنظامها الطائفي.. نسينا صراخ الشعب العراقي من الانجرار نحو هذا النظام.. ونحن بأيدينا كنا على وشك السقوط في هذه الهاوية.. غالبية أعضاء الجمعية الفائزين من المسلمين.. ويتم تصنيفهم.. هؤلاء مسلمون بحكم تيارهم السياسي.. وهؤلاء مسلمون عاديون.. وهؤلاء مسلمون ليبراليون وعلمانيون. مهما كانت أخطاء المرحلة الانتقالية.. بكل أخطاء القرارات التنظيمية والاعلانات الدستورية.. والقوانين والتشريعات.. يجب أن نتعلم منها الدرس والتجربة.. حتى لا نعود مرة أخرى الى جولة جديدة من اللف والدوران.. والتحايل والانحياز.. وليكن للقضاء الكلمة الصادقة والملاذ الآمن للجميع.. وأول مسارات تصحيح هذه الأخطاء أن يكون كل المصريين اليوم على قلب رجل واحد.. قم يا مصري.. انتفض للتصويت.. اختر رئيسك.. تمتع بحقك في اختيار حاكمك.. لننح الخلافات جانباً من أجل رسم ملامح مستقبل مصر.. صوتك سيكون الفارق في الاختيار.. ليس من أجل مرسي ولا شفيق.. ولكن من أجل مصر.. بادر.. قم وانهض وافتخر بحقك أنك الفيصل في تحديد مستقبل مصر.. كلا المرشحين عرض برنامجه.. حدد ملامح خطته، وأولويات القضايا والمشاكل التي سيهتم بها.. كلاهما أعلن رأيه ومواقفه في كل هموم الوطن.. الخبراء والمحللون استعرضوا عبر الصحافة والفضائيات وتناولوا بالشرح والتوضيح أبعاد كل رأي وموقف لكل مرشح.. واليوم الناخبون قادرون على التقييم الموضوعي والأمين.. قادرون على الاختيار.. لا تركن إلي الراحة أو المقاطعة.. عبر عن رأيك.. الأشخاص زائلون.. الرئيس القادم زائل سواء كان مرسي أو شفيق.. ولكن الباقي هو مصر.. الوطن يتقدم اليوم بخطوات راسخة نحو مستقبل جديد.. وأمل لكل أبنائه في الحياة الكريمة.. في العيش والحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية.. وطن ثروته لكل أبنائه. السيادة فيه للقانون.. لا فرق بين غني وفقير.. الجميع أسياد في بلدهم.. شركاء متساوون. هذا الاسبوع سيكون لمصر رئيس انتخبه الشعب.. أبسط قواعد الديمقراطية.. أن تنزل الأقلية على رأي الأغلبية التي أعطت للفائز ثقتها. وأن ترضي بنتائج صندوق الانتخابات.. بالطبع خلف كل مرشح مؤيدون يأملون أن يكون الفائز في السباق.. ومصر اليوم تناشد كل ابنائها ان يكونوا على مستوى عراقتها وحضارتها وتاريخها وأن يعبروا عن الاختلاف في الرأي بالحوار والالتزام بقواعده.. ليس المطلوب اليوم ان يكون كل فرد خبيراً في التحليل السياسي وفقيهاً في القانون.. ويلقي بالاتهامات على كل طرف.. لنكف عن التفكير والسلوك حسب أهوائنا.. اذا جاء حكم محكمة يتسق مع ما نريد هللنا وأشدنا به.. واذا جاء على غير رغبتنا هاجمناه واعتبرناه مؤامرة لاقصاء تيار أو فصيل.. او اجهاضا للثورة.. لا يجب أن نكرر خطأ ردود فعل البعض بعد نتائج الجولة الأولى للانتخابات الرئاسية. لنمض بمصر إلى بر الأمان.. وما هي الا أيام تعد بالساعات ويتم تسليم السلطة من المجلس العسكري إلى الرئيس المنتخب الجديد.. وما هي أيضاً إلا أيام وتتم الدعوة إلى انتخابات مجلس شعب جديد.. أيام قصرت أو طالت ويصبح لمصر دستور.. لا بديل لأمان الوطن واستقراره والانطلاق الى المستقبل وقوته إلا باستمرار مسار استكمال مؤسسات الدولة، والامتثال للقضاء والحفاظ على سيادته.. ولا يستطيع أحد أن ينكر أن الثورة قائمة.. ولا عودة للوراء.. وشعب مصر الذي ازاح نظاماً قادر على ازاحة أي رئيس ينحرف بمسار الثورة وأهدافها.. مازال الطريق طويلاً وشاقاً وأولى خطواته الراسخة اليوم مشاركتك في التصويت واختيار رئيس مصر الجديدة.. صوتك سيكون هو الصوت الفائز في الانتخابات.. ومصر هي الفائزة بمرحلة جديدة من تاريخها.. أسسها الثابتة.. الحرية والديمقراطية وسيادة القانون والمساواة بين جميع المواطنين.. كدولة مدنية عصرية. نقلا عن جريدة أخبار اليوم