يتطلع الشعب المصرى حاليا من الدستور الجديد إلى تحقيق آماله وأحلامه التى ظلت لسنوات عديدة حبيسة خلف القضبان آملا فى تحقيق الحرية والكرامة والديمقراطية واستقلال القضاء وتحقيق العدالة الاجتماعية ومنع تغول أية سلطة على غيرها. وفى هذا الإطار يجرى حاليا وضع الضوابط اللازمة لاختيار أعضاء اللجنة التأسيسية الخاصة التى ستتولى مهمة وضع الدستور الجديد الذى يرسم ملامح أول دولة مدنية بعد ثورة 25 يناير، والنظام الدستورى المطلوب فى مصر فى الفترة المقبلة يجب أن يكون متطلعا إلى المستقبل ليكون نقطة البداية التى يسهل التوافق حولها والانطلاق منها إلى آفاق مستقبلية آرحب تغنى عن الدخول فى دوامة من الخلافات حول الاتجاهات والتيارات المختلفة (إسلامية أو ليبرالية وغيرهما) ويستهدف بناء دولة مدنية حديثة قائمة على الديمقراطية وسيادة القانون وحماية حقوق الإنسان. وأول دستور حكم البلاد شهدته مصر فى 1882 الذى صدر فى ظل حكم الخديوى توفيق ليثبت وجود الاستعمار الإنجليزى فى مصر واستمرارا لإرادة الشعب المصرى تم إصدار دستور 1923 وظل العمل به حتى ألغى فى عام 1930، وفى عام 1945 عاد العمل مرة أخرى بدستور سنة 1923 وظل العمل مستمرا به حتى عام 1953. وجاء إعلان بيان ثورة 1952 ليعلن رغبة الضباط الأحرار فى حماية واحترام دستور 23 إلا أن مخالفة أحكامه وتجاوزها أدى إلى وضع دستور جديد فى عام 1956 أعقبها وضع سلسلة من الدساتير وكلها دساتير رئاسية تركز السلطات فى السلطة التنفيذية وآخرها تلك الدساتير دستور عام 1971 المعمول به حتى الآن. وبعد ثورة 25 يناير تم إدخال تعديلات دستورية على ثمان مواد من الدستور المصرى الحالى بالإضافة إلى إلغاء المادة رقم (179) وذلك لتقويض سلطات رئيس الجمهورية تمهيدا لوضع دستور جديد فى مرحلة لاحقة وأجرى استفتاء شعبى على هذه التعديلات كانت نتيجته الموافقة عليها. ثم جاءت وثيقة إعلان مبادىء الدستور المصرى التى عرفت إعلاميا (بوثيقة السلمى) ووئدت قبل أن ترى النور حيث ركزت على عدة مبادىء من بينها بناء مصر جمهورية ديمقراطية مدنية حديثة تعمل على تحقيق الحرية والعدالة والكرامة الإنسانية للمواطنين وقيام المجتمع المصرى على تحقيق المواطنة واحترام التعددية والتكافؤ بين جميع أفراد الشعب وتقرير السيادة للشعب باعتباره مصدر السلطات. وتضمنت المبادىء تحديد الآليات الضمانية لحماية الدولة المدنية (الجيش، الأحزاب، المجتمع المدنى)، والنص على حماية حق الملكية بصورها الثلاث (العامة، الخاصة، التعاونية) وكفالة الحماية الدستورية لاستغلال الثروات الطبيعية عن طريق (عقود الانتفاع، الالتزام) مع احتفاظ الدولة بحق الملكية وضمان حقوق الأجيال القادمة، وتعزيز وتأكيد استقلال القضاء، وتحديد مكونات السلطات القضائية.