«الوطنية للانتخابات» تتابع عمليات التصويت في جولة الإعادة بالدوائر الملغاة    وزير الطاقة بجيبوتي: محطة الطاقة الشمسية في عرتا شهادة على عمق الشراكة مع مصر    أسعار العملات الأجنبية في ختام تعاملات اليوم 27 ديسمبر 2025    بنك saib يشارك فى فعاليات الشمول المالى بمناسبة اليوم العالمى لذوى الهمم    شعبة المستوردين: المشروعات القومية تحقق الاكتفاء الذاتي من القمح والأرز في مصر    خبراء: الاستيراد والتعاقدات طويلة الأجل ساهمت في استقرار أسعار القمح محليًا رغم الارتفاع العالمي    خبير: البرنامج الصاروخي الإيراني يتصدر أولويات إسرائيل وأمريكا    القاهرة الإخبارية: تأكيد سعودي على وحدة اليمن ودعم المسار السياسي لوقف التصعيد    ترامب يطالب بكشف "الملفات السوداء" لإبستين ويتهم الديمقراطيين بالتورط    الجيش الملكي يعلن الاستئناف على عقوبات الكاف بعد مباراة الأهلي    أمم أفريقيا 2025| موعد مباراة مصر وأنجولا والقنوات الناقلة    رونالدو يقود النصر أمام الأخدود في الجولة 11 من دوري روشن السعودي    وزير الرياضة ومحافظ القاهرة يشهدان ختام نهائي دوري القهاوي للطاولة والدومينو    القبض على شخصين إثر مشاجرة بينهما بسبب مرشح بسوهاج    تأجيل محاكمة المتهمين في قضية فتي الدارك ويب ل 24 يناير    صادر له قرار هدم منذ 22 عاما.. النيابة تطلب تحريات تحطم سيارة إثر انهيار عقار بجمرك الإسكندرية    نقابة المهن السينمائية تنعى المخرج داوود عبد السيد    هل يجوز المسح على الخُفِّ خشية برد الشتاء؟ وما كيفية ذلك ومدته؟.. الإفتاء تجيب    وزير الصحة: تطوير 1255 مشروعًا خلال 10 سنوات باستثمارات 222 مليار جنيه    يصيب بالجلطات ويُعرض القلب للخطر، جمال شعبان يحذر من التعرض للبرد الشديد    القاهرة الإخبارية: الاحتلال يستخدم المدرعات والروبوتات المفخخة ويكثف قصفه شرق غزة    أمم إفريقيا - دوكو دودو ل في الجول: كنا نستحق نتيجة أفضل أمام الكونغو.. ونريد الوصول إلى أبعد نقطة    رمضان 2026.. الصور الأولى من كواليس "عين سحرية" بطولة عصام عمر    شوربة شوفان باللبن والخضار، بديل خفيف للعشاء المتأخر    بعزيمته قبل خطواته.. العم بهي الدين يتحدى العجز ويشارك في الانتخابات البرلمانية بدشنا في قنا    عمومية الطائرة تعتمد بالإجماع تعديلات لائحة النظام الأساسي وفق قانون الرياضة الجديد    الأرصاد: السحب تتشكل على جنوب الوجه البحري وتتجه للقاهرة وتوقعات بسقوط أمطار    محافظ البحيرة تتفقد لجان انتخابات النواب.. وتؤكد على الحياد أمام جميع المرشحين    الدكتور أحمد يحيى يشارك باحتفالية ميثاق التطوع ويؤكد: العمل الأهلى منظومة تنموية    اليوم.. العرض الخاص لفيلم "الملحد" ل أحمد حاتم    قرار وزاري من وزير العمل بشأن تحديد ساعات العمل في المنشآت الصناعية    مواعيد وضوابط التقييمات النهائية لطلاب الصفين الأول والثاني الابتدائي    الرقابة المالية تصدر نموذج وثيقة تأمين سند الملكية العقارية في مصر    تطورات الحالة الصحية للفنان محمود حميدة    هيئة تنشيط السياحة: القوافل السياحية أداة استراتيجية مهمة للترويج للمنتج المصري    تعذر وصول رئيس اللجنة 40 بمركز إيتاي البارود لتعرضه لحادث    القبض على أجنبي لتحرشه بسيدة في عابدين    افتتاح مشروعات تعليمية وخدمية في جامعة بورسعيد بتكلفة 436 مليون جنيه    روسيا: تنفيذ ضربة مكثفة ضد البنية التحتية للطاقة والصناعة الدفاعية الأوكرانية    الغش ممنوع تماما.. 10 تعليمات صارمة من المديريات التعليمية لامتحانات الفصل الدراسي الأول    الداخلية: ضبط 866 كيلو مخدرات و157 قطعة سلاح ناري خلال 24 ساعة    إصلاح كسر خط مياه بشارع 17 بمدينة بنى سويف    تواجد بنزيما.. تشكيل اتحاد جدة المتوقع أمام الشباب بالدوري السعودي    وزارة الدفاع العراقية: 6 طائرات فرنسية جديدة ستصل قريبا لتعزيز الدفاع الجوي    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : المطلوب " انابة " بحكم " المنتهى " !?    انطلاق الدورة 37 لمؤتمر أدباء مصر بالعريش    المستشفيات الجامعية تقدم خدمات طبية ل 32 مليون مواطن خلال 2025    الصحة: فحص 9 ملايين و759 ألف طفل ضمن مبادرة الكشف المبكر وعلاج فقدان السمع لدى حديثي الولادة    تشكيل الأهلي المتوقع لمواجهة المصرية للاتصالات في كأس مصر    عشرات الشباب يصطفون أمام لجان دائرة الرمل في أول أيام إعادة انتخابات النواب 2025    مفتي مصر بدين الهجوم على مسجد بحمص السورية    نجم الزمالك السابق: محمد صلاح دوره مع منتخب مصر مؤثر    121 عامًا على ميلادها.. «كوكب الشرق» التي لا يعرفها صُناع «الست»    زاهي حواس يرد على وسيم السيسي: كان من الممكن أتحرك قضائيا ضده    خبيرة تكشف سر رقم 1 وتأثيره القوي على أبراج 2026    أخبار × 24 ساعة.. موعد استطلاع هلال شعبان 1447 هجريا وأول أيامه فلكيا    لماذا لم يتزوج النبي صلى الله عليه وسلم على السيدة خديجة طيلة 25 عامًا؟.. أحمد كريمة يُجيب    خشوع وسكينه..... ابرز أذكار الصباح والمساء يوم الجمعه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. عبدالله المدني: النفط الإيراني...مأزق هندي
نشر في أخبار مصر يوم 04 - 03 - 2012

تستورد الهند ثلثي حاجتها من النفط البالغة 2.2 مليون برميل يومياً من الشرق الأوسط. حيث تزودها السعودية بنسبة 18 بالمئة، وإيران بنسبة 12 بالمئة. أما الباقي فيأتي من الكويت والإمارات والعراق وقطر وغيرها بنسب مختلفة. ويتوقع أن تزيد حاجتها لهذه الواردات في 2012 لتصل إلى 3.3 مليون برميل يومياً.
وهكذا نرى أن إيران تلعب دوراً معتبراً في تلبية حاجة الهنود من الخام الذي لا ينتجون منه سوى 28 من حاجتهم طبقاً لإحصاءات 2009، من بعد أن كانوا ينتجون في الثمانينيات نصف حاجتهم تقريباً. غير أن المشكلة التي باتت تواجههم لا تكمن فقط في الضغوط التي يتعرضون لها للتوقف عن شراء النفط الإيراني تطبيقاً للعقوبات الدولية والغربية المفروضة على طهران، وإنما في طريقة سداد فواتير الخام المستورد (تصل قيمتها إلى 13.5 بليون دولار) بسبب الحظر المفروض على البنك المركزي الإيراني.
فعلى الرغم من أن نيودلهي وافقت على القرارات الأممية ذات الصلة بمعاقبة طهران على برنامجها النووي، فإنها في الوقت نفسه لا تطبق الإجراءات المفروضة عليها من قبل الأميركيين والأوروبيين من تلك الخاصة بالامتناع عن شراء النفط الإيراني، الذي تعتبر الهند ثاني أكبر مستورد له بعد الصين. وقد أعرب الأميركيون عن صدمتهم من استمرار نيودلهي في شراء الخام الإيراني، مضيفين أنه يشكل إعاقة لسياساتهم الهادفة إلى عزلة طهران، وأن الهند تتصرف كلاعب إقليمي، وليس كلاعب دولي. وقد سارعت الصحافة الهندية بالرد قائلة:"إن العكس هو الصحيح"! فرفض نيودلهي الانصياع لطلبات واشنطن وحلفائها هو سمة من سمات اللاعب الدولي المستقل الذي لا يذعن لإملاءات الآخرين، وإنما يفعل ما تتطلبه مصالحه وأولوياته".
ويرى المحللون الهنود أن القضية لا تتعلق بحاجة بلادهم للنفط بقدر ما هي إحداث توازن في عالم معقد تتداخل فيه العوامل الاقتصادية والسيادية والاستراتيجية، الأمر الذي يتطلب سياسة خارجية مستقلة تحافظ بها البلاد على علاقات حميمية مع جميع الأطراف المتصارعة في الشرق الأوسط. والهند، كما يعلم المتابع لسياساتها الخارجية، حاولت منذ زمن "نهرو" ولاتزال تحاول أن تكون حذرة في علاقاتها الخارجية التي هي صدى لأوضاعها الداخلية. فمثلاً هي مضطرة ألا تتبنى سياسات تسبب قلقاً في دول الخليج العربية، ليس لأن الأخيرة موردة رئيسية لحاجتها من الطاقة، وشريكة لها في استثمارات معتبرة، وسوق للملايين من عمالتها، وإنما أيضاً خوفاً من إثارة مشاعر سكانها المسلمين السنة البالغ عددهم نحو 110 ملايين نسمة.
في الوقت نفسه لا تريد الهند أن تظهر كقوة معادية لإيران ليس بسبب ما تزوده الأخيرة به من نفط، وإنما لأسباب جيوسياسية، ناهيك عن خوفها من إثارة مشاعر نحو 36 مليوناً من مواطنيها الشيعة أو ما في حكمهم. ومن جهة أخرى يريد الهنود تجنب إغضاب الأميركيين والأوروبيين بسبب حرصهم على جذب استثماراتهم، واستمرار التبادل التجاري الضخم معهم، وتجنب إغضاب الإسرائيليين الذين يزودونهم بالتكنولوجيا العسكرية المتطورة. ولعل ما يبرهن على أن العوامل الداخلية تلعب دوراً في رسم سياسات نيودلهي الخارجية هو تأخر الهند طويلًا في إقامة علاقات دبلوماسية كاملة مع إسرائيل، إلى ما بعد انفتاح الفلسطينيين على الأخيرة.
أما البرهان على محاولتها بأن تكون براجماتية حيال القوى العظمى، فنجده في توقيعها على اتفاقية نووية للأغراض السلمية مع واشنطن، ثم محاولاتها التملص من تبعات الاتفاقية التي يقال إنها شملت بنوداً سرية تجعلها تلعب دوراً لمصلحة واشنطن في مواجهة القوة الصينية المتعاظمة في آسيا. هذا ناهيك عن استمرار علاقاتها العسكرية الوطيدة بموسكو. فيما يخص كيفية دفع قيمة فواتير وارداتهم من الخام الإيراني. نجد أنه خلال العامين الماضيين راحت الهند تبحث عن آلية مناسبة للخروج من هذا المأزق الناجم عن حزمة العقوبات المفروضة على طهران.
كانت الهند حتى 2010 تستخدم في دفع فواتيرها النفطية "تسهيلات الدفع الآسيوية" التي خلقتها لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية في 1974، بهدف مساعدة دول آسيا والباسفيكي على الحد من إنفاق احتياطياتها من النقد الأجنبي. وبموجب هذه الخطة كان مسموحاً لتلك الدول أن تبيع وتشتري من بعضها بعضاً بالمقايضة أو باستخدام وحدات النقد الآسيوي المرتبطة بالدولار. لكن ابتداء من ديسمبر 2010 ، قررت نيودلهي، بضغط من واشنطن، أن تتخلى عن الآلية المذكورة، وأصدر مصرفها المركزي تعليمات مشددة بضرورة أن تكون المبادلات التجارية مع إيران بالعملات الأجنبية المقبولة. وهكذا صارت الهند تتاجر مع إيران مذاك من خلال آلية دفع معقدة عبر مصرف إيراني – أوروبي في مدينة هامبورج بعلم وإشراف البنكين المركزيين الألماني والهندي.
وبهذه الوسيلة لم تخرق الهند العقوبات الأممية ضد إيران، كما أن واشنطن تحققت من خلالها بأن ما تدفعه الهند لقاء الخام لا يُستخدم في تمويل البرنامج النووي الإيراني. لكن شكوكاً حامت حول وجود تلاعب في المصرف المذكور، الأمر الذي جعل واشنطن تضغط على برلين للتدخل، إلى أن أثمرت تلك الضغوط بحلول أبريل 2011 في قيام الأخيرة بضرب حلقة الاتصال التجاري الوحيدة بين الهند وإيران. هنا جاء دور مصرف "هالك بانك" التركي ليحل مكان المصرف الأوروبي الإيراني، خصوصاً وأن أنقرة سمحت لهذا المصرف (تمتلك الدولة 75 بالمئة من أسهمه) بالعمل كقناة ما بين إيران وشركائها التجاريين، ناهيك عن أنها في الوقت الذي تعهدت فيه بتطبيق العقوبات الأممية لعام 2010 ضد إيران، فإنها رفضت توسيعها كما أراد الأميركيون والأوروبيون.
مؤخراً جرى حوار مكثف بين طهران ونيودلهي بغية ايجاد وسيلة للالتفاف حول الحظر المفروض على النظام المالي الإيراني، خصوصاً أن الهند لا تتمتع بما تتمتع به الصين لجهة مرونة عملتها وقدرة اقتصادها الضخم على المناورة. وفي بدايات الشهر الجاري، أعلن الطرفان عن اتفاق يقضي بأن تدفع الهند 45 بالمئة من قيمة فاتورتها النفطية بالروبية الهندية، على أن تودع هذه المبالغ في مصرفين إيرانيين خاصين بمدينة كلكتا. أما الباقي فيسدد لاحقاً، على أمل أن تتغير الظروف. لكن هناك شكوكاً تحوم حول نجاح الاتفاقية، مصدرها أن الهند تفرض ضرائب بنسبة 40 بالمئة على الأموال الأجنبية المجمدة في مصارفها. وهو ما دعا بعض الإيرانيين إلى اقتراح مقايضة النفط بالقمح الهندي.
نقلا عن صحيفة الاتحاد


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.