عن أبي أيوب الأنصاري- رضي الله عنه- أن رسول الله "صلى الله عليه وآله وسلم" قال: (من صام رمضان، ثم أتبعه ستا من شوال كان له كصيام الدهر) ففي هذا الحديث النبوي الشريف يقول الدكتور أحمد عيسى المعصراوي أستاذ الحديث وعلومه بجامعة الأزهر لفضل صيام ستة أيام من شهر شوال لمن صام شهر رمضان، موضحا أن صيام ستة من شوال بعد فريضة رمضان يعتبر سنة مستحبة وليست بواجب، ويعد ذلك أجر كبير، لأن من صامها يكتب له أجر صيام سنة كاملة، كما صح ذلك عن المصطفى "صلى الله عليه وآله وسلم"، ولا شك أن المسلم مطالب بالمداومة علي الطاعات، والاستمرار في الحرص على تزكية النفس. وأشار الدكتور المعصراوي إلى أن صيام الستة من شوال بعد رمضان، فرصة من الفرص الغالية، بحيث يقف الصائم على أعتاب طاعة أخرى، بعد أن فرغ من صيام رمضان، وقد أرشد "صلى الله عليه وآله وسلم" أمته إلى فضل الستة من شوال، وحثهم بأسلوب يرغب في صيام هذه الأيام، وقال الإمام النووي رحمه الله: قال العلماء: وإنما كان كصيام الدهر، لأن الحسنة بعشر أمثالها، فرمضان بعشرة أشهر، والستة بشهرين. وأوضح الدكتور المعصراوي أن هناك أفضلية لصيام ستة أيام من شهر شوال، كما جاء في حديث رسول الله "صلي الله عليه وآله وسلم"،وينبغي أن يتنبه الإنسان إلي أن هذه الفضيلة لا تتحقق إلا إذا انتهى رمضان كله، ولهذا إذا كان على الإنسان قضاء من رمضان صامه أولا، ثم صام ستا من شوال، وإن صام الأيام الستة من شوال ولم يقض ما عليه من رمضان، فلا يحصل هذا الثواب، سواء قلنا بصحة صوم التطوع قبل القضاء أم لم نقل، وذلك؛ لأن النبي "صلي الله عليه وآله وسلم"- قال: من صام رمضان ثم أتبعه… والذي عليه قضاء من رمضان يقال صام بعض رمضان، ولا يقال صام رمضان، ويجوز أن تكون متفرقة أو متتابعة، لكن التتابع أفضل؛ لما فيه من المبادرة إلى الخير وعدم الوقوع في التسويف الذي قد يؤدي إلى عدم الصيام. وفي صيام ستة أيام من شوال فضل عظيم، وأجر كبير، ذلك أن من صامها يكتب له أجر صيام سنة كاملة، كما صح ذلك عن المصطفي "صلي الله عليه وآله وسلم"، وقد فسر ذلك النبي "صلي الله عليه وآله وسلم" بقوله: من صام ستة أيام بعد الفطر كان تمام السنة (من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها). وفي رواية: جعل الله الحسنة بعشر أمثالها فشهر بعشرة أشهر وصيام ستة أيام تمام السنة. وقد صرح الفقهاء من الحنابلة والشافعية: أن صوم ستة أيام من شوال بعد رمضان يعدل صيام سنة فرضا، وإلا فإن مضاعفة الأجر عموما ثابت حتي في صيام النافلة؛ لأن الحسنة بعشرة أمثالها. ثم إن من الفوائد المهمة لصيام ستة من شوال تعويض النقص الذي حصل في صيام الفريضة في رمضان إذ لا يخلو الصائم من حصول تقصير أو ذنب مؤثر سلبا في صيامه ويوم القيامة يؤخذ من النوافل لجبران نقص الفرائض، كما قال "صلي الله عليه وآله وسلم": "يقول ربنا عز وجل لملائكته -وهو أعلم- انظروا في صلاة عبدي أتمها أم نقصها، فإن كانت تامة كتبت تامة، وإن انتقص منها شيء قال انظروا هل لعبدي من تطوع، فإن كان له تطوع قال أتموا لعبدي فريضته من تطوعه، ثم تؤخذ الأعمال على ذالكم" رواه أبو داود. وهذه الأيام المراد صيامها من شهر شوال ليست معينة من الشهر، بل يختارها المؤمن من جميع الشهر، فإذا شاء صامها في أوله، أو في أثنائه، أو في آخره، وإن شاء فرقها، وإن شاء تابعها، فالأمر واسع بحمد الله، وإن بادر إليها وتابعها في أول الشهر كان ذلك أفضل; لأن ذلك من باب المسارعة إلي الخير، ولا تكون بذلك فرضا عليه، بل يجوز له تركها في أي سنة، لكن الاستمرار على صومها هو الأفضل والأكمل لقول النبي "صلي الله عليه وآله وسلم"-: أحب العمل إلي الله ما داوم عليه صاحبه وإن قل.