25 صورة توضح خطوات تنسيق القبول بالجامعات والمعاهد 2025    خريطة الأسعار اليوم: ارتفاع البيض وانخفاض الذهب    زيلينسكي: دفاعاتنا تصد الهجوم الروسي خلال الصيف    منتخب مصر لسلاح الشيش يفوز على الكيان الصهيوني    الحرارة 44 بهذه المناطق.. تحذير ونصيحة من الأرصاد بشأن طقس السبت    النيابة تحقق مع محامٍ بتهمة هتك عرض طفل في الإسكندرية    مي عز الدين توجه رسالة ل أنغام بعد دخولها مستشفى بألمانيا    فرقة أطفال الشاطبي للفنون الشعبية تتألق على مسرح النادي الاجتماعي بمطروح    المدير التنفيذي للتأمين الصحي الشامل: 493 جهة متعاقدة مع المنظومة.. و29% منها تابعة للقطاع الخاص    رحيل هالك هوجان| جسد أسطوري أنهكته الجراح وسكتة قلبية أنهت المسيرة    الكويت ترحب بإعلان فرنسا عزمها الاعتراف الرسمي بدولة فلسطين    مصر تدعو العالم إلى الاعتراف بالدولة الفلسطينية    تحرير201 محضر مخابز وأسواق بالمنوفية    استشهاد شخص في استهداف طائرة مسيرة إسرائيلية لسيارة في جنوب لبنان    25 يوليو 2025.. أسعار الذهب تتراجع 20 جنيها    فيلمان تسجيليان عن الخيامية والأوانى التراثية بأوبرا دمنهور    بيراميدز يتجه إلى إسطنبول لمواجهة قاسم باشا    "الإصلاح والنهضة" ينظم برنامجا تدريبيا لتعزيز جاهزية الأعضاء الجدد للعمل الانتخابي    باستقبال حافل من الأهالي: علماء الأوقاف يفتتحون مسجدين بالفيوم    نائب وزير الخارجية الإيراني: أجرينا نقاشا جادا وصريحا ومفصلا مع "الترويكا الأوروبية"    «100 يوم صحة» تقدّم 14.5 مليون خدمة طبية مجانية خلال 9 أيام    شقيقة مسلم: عاوزة العلاقات بينا ترجع تاني.. ومستعدة أبوس دماغة ونتصالح    محافظ أسيوط يشهد الكرنفال السنوي لذوي الهمم بدير العذراء والأمير تادرس (صور)    جامعة القناة تنظم دورة عن مهارات الذكاء العاطفي (صور)    ضبط 596 دراجة نارية لعدم ارتداء الخوذة خلال 24 ساعة    طريقة عمل العجة فى الفرن بمكونات بسيطة    وزارة الداخلية تواصل حملاتها المكثفة لضبط الأسواق والتصدى الحاسم لمحاولات التلاعب بأسعار الخبز الحر    هل رفض شيخ الأزهر عرضا ماليا ضخما من السعودية؟.. بيان يكشف التفاصيل    الوقار الأعلى.. أسعار الأسماك اليوم في مطروح الجمعة 25 يوليو 2025    تقارير: الفتح يستهدف ضم مهاجم الهلال    الحكومية والأهلية والخاصة.. قائمة الجامعات والمعاهد المعتمدة في مصر    واشنطن تدعو إلى وقف فوري للاشتباكات بين تايلاند وكمبوديا    أسعار الخضروات والفاكهة في سوق العبور اليوم    بعض الليالي تترك أثرا.. إليسا تعلق على حفلها في موسم جدة 2025    بطابع شكسبير.. جميلة عوض بطلة فيلم والدها | خاص    إزالة 196 حالة تعدٍ على أراضي أملاك الدولة بأسوان خلال 20 يومًا - صور    حكم الصلاة خلف الإمام الذي يصلي جالسًا بسبب المرض؟.. الإفتاء تجيب    حفر 3 آبار لتوفير المياه لري الأراضي الزراعية بقرية مير الجديدة في أسيوط    مصرع وإصابة 14 شخص فى تصادم مروع بين ميكروباص ولودر بطريق الشلاتين    بعد تكرار الحوادث.. الجيزة تتحرك ضد الإسكوتر الكهربائي للأطفال: يُهدد أمن وسلامة المجتمع    ملحمة طبية.. إنقاذ شاب عشريني بعد حادث مروّع بالمنوفية (صور)    تقنية حديثة.. طفرة في تشخيص أمراض القلب خاصة عند الأطفال    الليلة.. الستاند أب كوميديان محمد حلمي وشلة الإسكندرانية في ضيافة منى الشاذلي    صفقة الزمالك.. الرجاء المغربي يضم بلال ولد الشيخ    إلكترونيا.. رابط التقديم لكلية الشرطة لهذا العام    عالم أزهري يدعو الشباب لاغتنام خمس فرص في الحياة    أسعار النفط تصعد وسط تفاؤل بانحسار التوتر التجاري وخفض صادرات البنزين الروسية    أسعار البيض اليوم الجمعة 25 يوليو 2025    وزير الخارجية يسلم رسالة خطية من الرئيس السيسي إلى نظيره السنغالي    مواعيد مباريات الجمعة 25 يوليو - الأهلي ضد البنزرتي.. والسوبر الأردني    بعد إثارته للجدل.. أحمد فتوح يغلق حسابه على "إنستجرام"    نجم الزمالك السابق يوجه رسالة خاصة ل عبد الله السعيد    شديد الحرارة والعظمى 44.. حالة الطقس في السعودية اليوم الجمعة    لا ترضى بسهولة وتجد دائمًا ما يزعجها.. 3 أبراج كثيرة الشكوى    الآلاف يحيون الليلة الختامية لمولد أبي العباس المرسي بالإسكندرية.. فيديو    سعاد صالح: القوامة ليست تشريفًا أو سيطرة وإذلال ويمكن أن تنتقل للمرأة    تفاصيل صفقة الصواريخ التي أعلنت أمريكا عن بيعها المحتمل لمصر    دعاء يوم الجمعة.. كلمات مستجابة تفتح لك أبواب الرحمة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



باسم الجسر: التدخل الدولي والإقليمي في الربيع العربي
نشر في أخبار مصر يوم 27 - 12 - 2011

هل أخذ الربيع العربي يتحول إلى "شيء آخر" غير ما صفّق له المجتمع الدولي وما أفعم القلوب العربية بالأمل؟! أي إلى ثورات متعاقبة ومتضادة توقظ وتؤجج كل العصبيات الطائفية والمذهبية والعرقية التي كانت راقدة أو مكبوتة في المجتمعات الوطنية العربية، وتدفعها إلى حروب أهلية تمزق الأمة العربية أكثر مما هي ممزقة؟!
وهل كان لا بد أن يكون الطريق إلى الديمقراطية العربية معبدا بالدماء؟! وإلا، كيف نبرر ما حدث في العراق، بعد جلاء آخر جندي أمريكي عنه بيوم واحد، من انفجار الأزمة السياسية، المذهبية، داخل الحكم (راجع تصريحات وزير الخارجية الروسي الأخيرة حول الفتنة السنية - الشيعية في المنطقة)؟! كيف نفسر هذا الذي يحدث في مصر من صدام وتجاذبات بين المجلس العسكري وشباب الثورة والقوى الإسلامية؟ أو ما يحدث في ليبيا، وفي اليمن وفي سوريا؟! وما قيل عن دخول تنظيم القاعدة على الخط في سوريا؟ أو عن متطوعين ليبيين قدموا لنصرة الثوار السوريين؟ هل نحن أمام ثورات يأكل بعضها بعضا؟ أم نحن أمام فلتان سياسي وتدهور ثوري نحو قرار مجهول؟! وهل من قبيل الصدف أن ينشب هذا النزاع فجأة بين فرنسا وتركيا، البلدين الأكثر تأييدا للانتفاضة الشعبية السورية؟ وأن لا يكون لطرف ثالث يد فيه؟
لقد كانت انتفاضة الشعوب العربية على أنظمتها منتظرة، وكان الترحيب بها طبيعيا، ولكن ما استثارته تلك الانتفاضات الشعبية من رواسب وعصبيات وحزازات طائفية وعرقية، راقدة أو مكبوتة، في المجتمعات العربية، لا يبشر بأي خير، بل يدعو إلى كثير من القلق والتخوف من عواقبه. وإلى طرح السؤال الرهيب التالي: هل هذا هو المصير القومي العربي الذي حلم به آباؤنا وأجدادنا، عندما رفعوا راية النهضة والاستقلال ووحدة الأمة العربية، منذ مائة عام؟! أم ترانا نعيش، اليوم، بداية نهاية "الأمة العربية الواحدة" وعلى عتبة إعادة رسم خرائط الدول الوطنية في ما لا يزال يسمى بالعالم العربي؟!
قد يقول البعض إن كل الثورات في التاريخ أعقبتها مرحلة بل مراحل انتقالية، استغرقت سنوات بل وعقودا، قبل أن يعثر من يستقر الحكم في أيديهم - وهم عادة غير الذين أشعلوا فتيل الثورة - على نظام الحكم الذي يوفر للشعب القسط المعقول أو الكافي من الحرية والعدالة والأمن والاستقرار. غير أن هناك فرقا كبيرا بين العالم الذي قامت فيه الثورات الكبرى في التاريخ، (الفرنسية والروسية وثورات التحرير من الاستعمار)، وعالم اليوم. ففي عالم القرن الحادي والعشرين، أي عصر العولمة والتكنولوجيا المعلوماتية وترابط مصائر الشعوب ومصالح الدول، أمنيا واقتصاديا وبيئيا، أصبح أيّ حدث في أصغر دولة - فكيف بالثورات؟ - موضع اهتمام كل الدول، الكبرى منها والمجاورة، وملفا مفتوحا أمام مجلس الأمن والمجتمع الدولي والرأي العام العالمي.
ومن هنا استغرابنا لمقولة بعض المصفقين لهذه الثورات العربية أو المتصدين لها، بأنهم "يرفضون تدخل الدول الخارجية في شؤون بلادهم". فالتدخل الدولي عسكريا كان أم سياسيا أم إعلاميا أم اقتصاديا، أصبح اليوم هو القاعدة، وعدم التدخل هو الاستثناء. والنقاش هو حول نوعية التدخل ودرجته. أما الحكم على شرعية أو لا شرعية التدخل، فلا يقتصر أو ينطلق - كما كان بالأمس - من بعض المبادئ التي كرسها القانون الدولي أو الدساتير الوطنية، حول احترام سيادة الدول واستقلالها، بل باتت ترتكز على قرارات مجلس الأمن الدولي، وتوافق الدول الكبرى أو اختلافها، كما على تقبل أو رفض المجتمع الدولي لها.
وهل يستطيع أحد إنكار الدور الكبير الذي لعبته بعض الفضائيات العربية وأجهزة الكومبيوتر والهواتف الجوالة في تغذية الانتفاضات الشعبية العربية الأخيرة أو في الضغط على الأنظمة أو في التأثير على الرأي العام؟ أوَلا يسمى هذا تدخلا في الشؤون الداخلية أو مساسا بالسيادة الوطنية؟! أوَلم تعادل، بل وتتفوق، قوة هذه الوسائل السمعية والبصرية السياسية على قوة التدخل العسكري؟
لقد اتخذت الثورات العربية مجاري مختلفة وانبثقت عنها أنظمة متباينة الأشكال، من المبكر الحكم عليها. ولا غرابة، فليست المجتمعات الوطنية العربية بمتشابهة ولا مقومات الدول العربية بواحدة. إلا أن ما تختلف به الشعوب والمجتمعات العربية عن غيرها في العالم، وعبر التاريخ، هو أنها تضم جماعات ما زالت تعيش كما كان أجدادها يعيشون - ويفكرون - منذ ألف عام وأكثر، كما تضم نخبا مثقفة وذات كفاءة لا تختلف بشيء عن أرقى وأكفأ النخب في الدول المتقدمة. والمشكلة هي في أن كلا من الجماعتين ترفض أن تقرر الجماعة الأخرى مصير الوطن، وتجد صعوبة في التعاون معها. فلو كان الأمر صراعا طبقيا فحسب لهانت نظريا طريقة معالجته، ولكن حين يقترن هذا الصراع الطبقي - الحضاري بصراعات دينية وطائفية ومذهبية وقبلية وعنصرية عقائدية سياسية، يتساءل الإنسان عن طرف الخيط الذي يجب سحبه لتحلحل العقد وتفك الشبكة التي تقيد العقل والجسم العربيين.
إن "المارد" الذي خرج من قمقم الربيع العربي لم يكشف، بعد، عن وجهه وحجمه. ولكن الأحداث الأخيرة في مصر والعراق وسوريا واليمن تحمل على التشاؤم والتخوف أكثر مما توحي بالأمل. وعسى أن تكذبنا الأيام.
نقلا عن جريدة الشرق الأوسط


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.