بعيدا عن أجواء الصراعات التى خيمت على العلاقات بين الاتحاد السوفيتى والصين منذ 50 سنة اختتمت زيارة الرئيس الصينى هوجنتاو إلى روسيا صباح اليوم الخميس ، والتى بدأت يوم الاثنين فى جو من الاتفاق الودى تلبية لدعوة من نظيره فلاديمير بوتين ، وتُعد هذه الزيارة هى الثالثة التى يقوم بها الرئيس الصينى منذ توليه مهام منصبه عام 2003 .. الأمر الذى يعكس بجلاء مدى الأهمية التى توليها بكين لتوثيق علاقاتها مع موسكو فى شتى المجالات ، حيث إنه وفقاً للأعراف الدبلوماسية الصينية لا يقوم الرئيس بزيارة أى دولة إلا مرة واحدة فقط خلال فترة رئاسته التى تمتد خمسة أعوام ، وتأتى هذه الزيارة فى مناخ من التقارب بين الجارين القويين وبخاصة بشأن المسائل الدولية فى إطار التعامل مع القوة الأمريكية ، وفى بيان مشترك صدر يوم الثلاثاء بالتزامن فى كل من بكينوموسكو تعهد الرئيس الصينى هوجين تاو ونظيره الروسى فلاديمير بوتين بتدعيم وتفعيل الشراكة التعاونية الاستراتيجية بطريقة شاملة تتفق مع المصالح العليا للبلدين وتؤدى أيضاً إلى الحفاظ على السلام والاستقرار فى عموم منطقة آسيا والباسفيك والعالم أجمع ، واعتبر البلدان أن المؤتمرات الدولية ذات التمثيل الواسع والمعدة إعداداً جيداً ستكون واحدة من أكثر الوسائل الفاعلة لتحقيق الأهداف . وفى لقائهما بالكرملين بحث الرئيسان الأزمة النووية الإيرانية بعد أن فرض مجلس الأمن الدولى السبت الماضى عقوبات جديدة على إيران لرفضها وقف أنشطتها النووية الحساسة ، وعلى الرغم من توقيعهما على قرار مجلس الأمن بشأن هذه العقوبات الجديدةتعتبرروسيا والصين الأكثر اعتدالاً حيال إيران بين أعضاء المجلس وتأملان فى حمل طهران إلى طاولة المفاوضات ، وقد تشاورالرئيسان بشأن الموقف الواجب اتخاذه فى حال تفاقم الأزمة الإيرانية . وينص القرار الجديد الذى تبناه مجلس الأمن بالإجماع على فرض حظر على شراء أسلحة من إيران وقيود طوعية على بيعها أسلحة ، كما يفرض قيوداً مالية وتجارية على إيران وقيوداً على سفر مسئولين إيرانيين مرتبطين بالبرنامج النووى . ويرى الخبراء أن بكينوموسكو لهما مصالح متباينة مع إيران وهذا لا يسمح لهما بالتوصل إلى موقف مشترك منسق ، حيث أن بكين تتزود بالنفط من إيران فى حين أن موسكو لها مصالح مرتبطة بالطاقة الذرية ، وفى الحالين فإن طهران شريك استراتيجى للبلدين . على صعيد آخر تعززت العلاقات الاقتصادية بين روسيا والصين فى السنوات الأخيرة وبخاصة فى مجال الطاقة فى وقت تسعى بكين إلى تأمين إمداداتها من النفط والغاز لدى الدول المنتجة الكبرى بهدف تموين صناعتها المتنامية بسرعة ،وفى هذا الإطار أيضاً يتفق الجانبان على نقل النفط بين سكك الحديد الروسية والصينية . وعلى الصعيد التجارى ازداد تبادل البضائع بنسبة 42% فى عام 2006 لتبلغ قيمته 29 مليار دولار بينما تشير الإحصاءات الصينية من جهتها إلى 34 مليار دولار أى بزيادة 15% عن عام 2005 . ومن بين أبرز الأنشطة التى تم الإعلان عنها خلال الزيارة إقامة المعرض الوطنى الصينى (عام الصين فى روسيا) وهو الأكبر من نوعه الذى ترعاه الصين فى دولة أجنبية ، حيث يشارك فيه 200 شركة من البر الرئيسى ومنطقتى هونج كونج وماكاو ويضم أكثر من 15 ألف نوع من المنتجات ، كذلك مشاركة الوفد الصينى فى المنتدى الاقتصادى الدولى الذى سيعقد فى يونيو القادم ، فضلاً عن إقامة منتدى القمة الاقتصادية والتجارية الثانية بين الصين وروسيا ومؤتمر تعزيز الاستثمار بين الصين وروسيا فى نهاية العام . وفيما يجسد خطوة هامة باتجاه الامام اتخذها البلدان وتمتزج فى اطارها الخبرة الروسية بالقوة التكنولوجية الصينية ، تم الاتفاق على الشروع فى تنفيذ برنامج فضائى مشترك طموح لاستكشاف كوكب المريخ وأحد أقماره فى عام 2009 ،حيث سيحمل صاروخا روسيا قمرا صناعيا صينيا ومركبة إستكشاف روسية لدراسة المريخ علاوة على هذه الأنشطة هناك 27 حدثاً خاصاً تشمل مجالات الاقتصاد والتجارة والاستثمار والطاقة والنقل والتمويل وتكنولوجيا المعلومات والبريد والزراعة والسياحة . كما أسفرت الزيارة عن التوقيع على بيان مشترك حول سبل تعزيز تنية شراكة التعاون الاستراتيجية بين الصين وروسيا على الصعيد الثنائى الدولى متعدد الاطراف،وفى إطارالمنظمات التى ينتميان إلى عضويتها للدفع باتجاه إقامة عالم متعدد. كان الخلاف الايديولوجى بين الصين وروسيا قد ظهرمنذ ثورة ماو الشيوعية الصينية عام 1949 وتفاقمت فى 1969 مع المواجهة المسلحة التى وقعت بينهما على حدودهما المشتركة . أما اليوم وفى مواجهة السياسة التى تتبعها الولاياتالمتحدة إزاء الملف النووى الايرانى فالتعاون هو سمة العلاقة بين البلدين .