شدد المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي امس في بكين على العودة السريعة لمفتشي الوكالة الى كوريا الشمالية بغية تفكيك البرنامج الذري الكوري الشمالي، وذلك عشية زيارة تاريخية الى بيونغ يانغ.وقال البرادعي للصحفيين خلال توقفه الاثنين في العاصمة الصينية قبل توجهه الى بيونغ يانغ، "آمل في ان نتفق مع كوريا الشمالية على ان يعود مفتشونا سريعا لتطبيق الاتفاق الذي تم التوصل اليه في المفاوضات السداسية".وتأتي زيارته، وهي الأولى منذ تعيينه في العام 1997، اثر الاتفاق الذي ابرم في 13 فبراير في بكين بين كوريا الشمالية من جهة والصين واليابان وكوريا الجنوبية وروسيا والولاياتالمتحدة من جهة أخرى والذي تعهدت فيه بيونغ يانغ بتفكيك منشآتها النووية مقابل مساعدات في مجال الطاقة. لكن البرادعي الذي من المقرر ان يجري محادثات مع المفاوض الصيني وو داويي امس، اقر بصعوبة المهمة.وقال في هذا الصدد "انها عملية معقدة جدا وهناك ثقة كبيرة في البناء".ولفت الى ان "هناك الكثير من المسائل ينبغي اخذها في الاعتبار، مسائل امنية واقتصادية وسياسية".وراى بيك هاكسون العضو في معهد سيجونغ في سيول وهو مركز خاص للابحاث "ان الطرفين سيبحثان مواضيع تقنية لتنفيذ التعهد الذي قطعته كوريا الشمالية في 13 فبراير بغية اقفال المنشاة النووية في يونغبيون".وثمة موضوع اخر يتوقع ان يتطرق اليه الطرفان وهو عودة كوريا الشمالية الى وكالة الطاقة.وقال البرادعي امس "نأمل في ان نتوصل الى تطبيع العلاقات بين الوكالة وكوريا الشمالية وان يكون لكوريا الشمالية مجددا عضوية كاملة في الوكالة" ، معترفا في الوقت نفسه انه لا يزال يلزم بناء "ثقة قوية".وقد انسحبت كوريا الشمالية من الوكالة الدولية للطاقة الذرية في العام 1994 ثم طردت مفتشي الوكالة في ديسمبر 2002 اثر خلاف مع الولاياتالمتحدة التي اتهمت بيونغ يانغ على تطوير برنامج لتخصيب اليورانيوم المخصب لمآرب عسكرية.وتأتي زيارة البرادعي ايضا قبل اسبوع من عقد جولة جديدة للمحادثات السداسية في بكين تبدأ في 19 مارس الجاري.واعتبر الخبير الصيني في شؤون كوريا الشمالية لي دانكيو ان مفتاح المشكلة ما زال يكمن في تحسن العلاقات الثنائية بين بيونغ يانغ وواشنطن.وقال "من المؤكد ان الوكالة الدولية للطاقة الذرية ستتلقى معاملة مختلفة عن العام 2002. لكن المسألة الأساسية تكمن في تحسين العلاقات بين كوريا الشمالية والولاياتالمتحدة".وكان كبير المفاوضين الكوريين الشماليين كيم كيي-غوان حذر السبت واشنطن بعد ان اجرى محادثات في نيويورك مع نظيره الأمريكي كريستوفر هيل، من ان بلاده ستتخذ إجراءات انتقامية ان نكثت الولاياتالمتحدة بوعدها رفع العقوبات المالية التي تفرضها على بيونغ يانغ.وبعد محادثات امس في بكين يتوجه البرادعي الى بيونغ يانغ اليوم، في اول زيارة له منذ تعيينه في 1997.ويعتبر البرادعي ان هذه الزيارة التي تأتي بدعوة من النظام الشيوعي "هي خطوة اولى على طريق طويل" يقود الى شبه جزيرة منزوعة السلاح النووي.ولدى مغادرته الاحد قال امام صحفيين انه "سعيد بعودته الى كوريا الشمالية ولاقامة اطار تعاون جديد" بين الطرفين.علما بان بيونغ يانغ انسحبت من معاهدة حظر الانتشار النووي في العام 2003 بعد قرارها طرد مفتشي الوكالة الدولية من أراضيها.وذكر البرادعي "اننا ضيعنا سنوات عدة عندما لم يكن هناك اي تعاون بين كوريا الشمالية والمجتمع الدولي"، مضيفا "لكن بفضل المحادثات السداسية وبفضل جهود الصين، وصلنا الان الى وضع مختلف".وكانت كوريا الشمالية التي وصلت الى شفير المجاعة ويعاني سكانها من الفقر،اعلنت في فبراير 2005 امتلاكها السلاح النووي. وبعد عشرين شهرا قامت باول تجربة على قنبلة ذرية.ثم وافق النظام الشيوعي على عودة مفتشي الوكالة كما وافق على ان يغلق بعد ستين يوما من اتفاق فبراير، مفاعله في يونغبيون الذي ينتج البلوتونيوم الممكن استخدامه في صنع اسلحة نووية، وكذلك اقفال منشأة اخرى لمعالجة المواد النووية.في مقابل ذلك تحصل كوريا الشمالية على 50 الف طن من الفيول الثقيل.ولفت البرادعي في هذا السياق الى انه "سيتعين توضيح التفاصيل الدقيقة لدور الوكالة الدولية للطاقة الذرية".لكن تبقى ثمة مسائل عالقة ومنها تساؤل الدبلوماسيين عمن سيقوم باقفال مفاعل يونغبيون:الوكالة الدولية ام كوريا الشمالية؟ وعما اذا كان هناك استحقاق في 13 ابريل لتوافر كل الشروط وما اذا كان اقفال مفاعل يونغبيون يعني عدم امكانية استخدامه لاحقا.كل هذا يؤشر بان المحادثات التقنية وكذلك السياسية ستكون حساسة.