من جديد عاد الإرهاب الدامي يضرب ويلف المشهد الجزائري علي مدي الساعة تفجيرات في العاصمة وأخري في ولايات الشرق وثالثة تطول مقار وثكنات عسكرية . إرهاب متنقل بالفعل برع في فنون التخطيط وتطويع أدواته تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي بكل عدته وعتاده الإرهابي المتنقل منذ بداية هذا العام واحترفت لعبته في تفجيرات الأسبوع الحالي وفي المقابل اطلقت السلطات الامنية الجزائرية ساعة الصفر ونصبت منصات التصويب والاطلاق في كل اتجاه ضد مرامي القاعدة واخواتها من التنظيمات الإرهابية في معسكرات ومعاقل خاصة في مناطق الشرق الجزائري حيث المقر لعمليات تورا بورا الجزائرية هذه المرة. تلك تفاصيل مشهد ارهابي أضحي هذه الأيام ينذر بأن الجزائر ذاهبة حقا إلي معركة تكسير عظام وكتابة الفصل الأخير في دوامة العنف والإرهاب بعد أن رفع الرئيس عبد العزيز بوتفليقة الذي كانت تستهدفه لأول مرة إحدي العمليات الإرهابية الأخيرة في ولاية باتنه بالشرق قبل لحظات من وصوله سيف الحجاج وطالب الإرهابيين بانتظار ما هو قادم حيث سيكون السيناريو الاسوأ لهم إيذانا بكتابة شهادة وفاة حقيقية مرتقبة لفصل الإرهاب المتفجر حاليا في الجزائر. وكان لافتا طيلة الاسابيع القليلة الماضية أن مفاجآت تفجيرات الارهاب المتنقل تلك كانت متوقعة بالفعل علي لائحة بيان القاعدة بعد سلسلة التحذيرات الانتقامية التي اطلقها ابو مصعب عبد الودود أمير التنظيم من منطقة المغرب العربي في أكثر من إطلالة عبر شرائط فيديو مصورة علي مواقع القاعدة أفردت لها وسائل الإعلام الجزائرية متوعدا ومنذرا بنقل عمليات التفجيرات وسيارات الموت المفخخة إلي الساحات والميادين في الجزائر وعديد مدن المغرب العربي بعد سلسلة الضربات الامنية التي وجهتها قوات الجيش والدرك الوطني إلي تنظيم القاعدة طيلة الأسابيع الماضية وقتل العديد من قياداته العسكرية بفعل عمليات نوعية ناجحة فضلا عن اختراق القوات الامنية للعديد من أمراء التنظيم واقناعهم بالنزول من الجبال وتسليم أنفسهم وبلغت حصيلتهم قرابة العشرة في اسابيع قليلة. بوتفليقة صوت وصورة ويبدو الأمر الاكثر اثارة في أتون سجالات التفجير والتفخيخ هذه بروز لغة التحدي واعتماد استراتيجية لا يفل الحديد إلا الحديد تلك التي لجأ إليها بوتفليقة ولأول مرة عقب التفجيرات بلحظات ليبلغ الجميع وفي مقدمتهم جماعة القاعدة وسائر التنظيمات الإرهابية أن السلطات في الجزائر قد شارفت علي معركة الخلاص وأن الوقت المستقطع لم يعد بالكثير موجها لهم ما يشبه صيغة الانذار الأخير للإسراع بالنزول من الجبال والكف عن دراما العبث الإرهابي بعد اليوم واللحاق بالعربة الأخيرة في قطار السلم والمصالحة الوطنية قبل أن تدور الدوائر وتنطلق ضخامة الألة العسكرية التي لن تبقي ولن تذر ولن تضع حرب التصعيد تلك أوزارها حتي آخر إرهابي في الجزائر ليتخلص الجميع من ذلك الكابوس المقيت الممل. وبات واضحا أن بوتفليقة أراد من هذه الإطلالة النادرة التي سعي من خلالها إلي أن يطمئن الجميع في الجزائر بعد تفجيرات باتة علي سلامته وأنها لم تطله ان يكشف المستور للجزائريين هذه المرة عندما كشف عن وجود قوي وأياد خارجية تحرك تلك الجماعات الإرهابية لتنفيذ أجندة داخلية في الجزائر من جديد, ولكن هيهات بين ذلك الذي كانت عليه الجزائر بالأمس في التسعينات وما أصبحت عليه اليوم حيث السلطة والجيش وقوي الأمن تملك زمام الأمور والسيطرة وبالتالي إبلاغ تلك القوي الخارجية وأدواتهم في الداخل القاعدة واخواتها بان القيادة الجزائرية الممسكة بتلابيب الأمور بقوة واحترافية لن تسمح لكل هؤلاء بان يبددوا الانتصارات العديدة التي حققتها ولاتزال تحققها قوات الجيش والأمن علي جبهات معارك الإرهاب بطول الجزائر وعرضها ودفع الشعب الجزائري أثمانا غالية لأكثر من15 عاما بتفجيرات جانبية في ساحات وأزقة الجزائر الضيقة بحثا عن معارك وفرقعات اعلامية وقتية لاستمرار وصم الجزائر بالإرهاب من جديد. ثلاث ضربات ولذا بات الرئيس بوتفليقة يدرك اليوم قبل الغد أن الوقت يقطع الجميع في الجزائر قيادة وشعبا ولذا لابد من التخلص من ملكة الصبر الطويل لبعض الوقت وقلب الطاولة علي رأس الجميع قوي خارجية وجماعات إرهابية في وقت واحد وزمن قياسي لتحقيق ثلاثة أهداف جوهرية بشكل متزامن ومتلازم. * أولا: البدء بقوة من الآن لاقتلاع يد الإرهاب وضرب شوكته المغروسة طيلة الوقت في ظهر الجزائريين بشكل نهائي لتوفير الأرضية الكاملة لانجاح مشروعه التصالحي المعروف بميثاق السلم والمصالحة باعتباره الدواء المر الذي يجب علي الجميع تجرعه كفرصة أخيرة لإنهاء الأزمة الأمنية في الجزائر. * ثانيا: قطع الطريق علي العديد من الجهات الخارجية التي تساند تلك القوي الإرهاب وبناء حائط صد قوي من الآن ضد موجة المد الأمريكي للوصول إلي أرض الجزائر ومنطقة المغرب العربي لاختراق الحواجز السياسية والوطنية الرافضة لحضورها للمنطقة بحجة مكافحة الإرهاب والضغط لبناء قواعد وقوات انتشار سريع في أكتوبر القادم لمطاردة القاعدة وأخواتها. * ثالثا: أن بوتفليقة يسعي من خلال كسب معركة ضرب الإرهاب بجدارة وفي مقتل هذه المرة إلي تهيئة الأجواء والأرضية بين الشعب الجزائري لترشيحه لفترة رئاسية ثالثة بعد نجاحه في معركة تعديل الدستور المرتقبة خلال أسابيع بدلا من فترتين تنتهي آخرها بداية عام2009 كما في الدستور الحالي. وبالتالي فيري أن نجاحه في تنفيذ مشروعه الاستراتيجي حاليا بالقضاء علي عصابات الإرهاب سيكون الضامن الأكبر دون منغصات سياسية للاحتفاظ بفترة ثالثة خاصة وأن هناك أشارت إيجابية عديدة طيلة الأيام من ولايات ومدن الجزائر تقودها الأحزاب والتجمعات السياسية وقوي المجتمع المدني وكذلك أحزاب التحالف الرئيسي الحاكم ومؤسسات الأمن والجيش هذه المرة أيضا تطالبه بالبقاء لتنفيذ مشروعه الأساسي بالقضاء علي الارهاب والذي بات يقض علي مضاجع الكثير من الجزائريين مع المطالبة بضرورة تحقيق ما كان مستحيلا بالأمس بتحقيق الإستقرار والأمن والأمان في بلد الشهداء. وبات ملموسا هذه الأيام أن بوتفليقة وجيشه وعتاده باتوا مصممين علي كسب معركة الإرهاب بالكامل وأفول نجم القاعدة وسائر التنظيمات الإرهابية خلال الأيام والأسابيع القادمة بعد أن رفع يزيد زهوني وزير الداخلية الغطاء الأمني وأعلن خلال الساعات الماضية علي غير العادة في بلد يقيس ويحسب التحركات السياسية والأمنية بالدقة المتناهية إن الجيش وقوي الأمن باتوا يمتلكون الآن أسلحة وأدوات حديثة مدمرة وقاتلة ضد الإرهابيين ولذا فان عليهم ان يسارعوا بتسليم أنفسهم أو انتظار الموت القادم.