خالد أبوبكر: الصناعة أهم طرق الحد من فاتورة الاستيراد    انتهاء توصيل خطوط المياه لمدرسة منشية النوبة بالأقصر    «التعليم» تعقد ورشة عمل إقليمية عن الذكاء الاصطناعي    إسبانيا ترفض دخول سفينة محملة بالأسلحة إلى موانئها في طريقها لإسرائيل    ظل عالقا 26 عاما.. فيديو يوثق لحظة خروج «شاب الحفرة» من تحت الأرض    توقيف رئيس حرم جامعي في كاليفورنيا بسبب تضامنه مع الاحتجاجات المؤيدة لفلسطين    ضربة قوية ل الهلال قبل مواجهة النصر في الدوري السعودي    تطور مفاجئ في مصير محمد صلاح مع نهاية الموسم.. ماذا سيحدث؟    3 ظواهر جوية تضرب البلاد غدا.. رياح محملة بالأتربة وموجة حارة شديدة    «نجوم إف إم» تكرم أحمد السقا في حلقة خاصة    تفاصيل افتتاح مهرجان إيزيس لمسرح المرأة في دورته الثانية بالأوبرا (صور)    الكشف على 1161 مواطنا في قافلة طبية مجانية بالبحيرة    نتيجة الصف الرابع الابتدائى الترم الثانى.. موعد وطريقة الحصول عليها    الفيوم تستضيف الجلسة ال26 للجنة قطاع العلوم الأساسية على مستوى الجامعات    تقرير: كايزر تشيفز يخطط للتعاقد مع بيرسي تاو    المؤلف نادر صلاح الدين: عادل إمام لا يتدخل في كتابة السيناريو إلا بطريقة احترافية شديدة    أستاذ قانون دولي: يجب على محكمة العدل إصدار قرار بوقف إطلاق النار في غزة    قصر ثقافة مطروح.. لقاءات عن العمل وإنجازات الدولة وورش حرفية عن النول والمسمار    لا عملتها ولا بحبها ولن نقترب من الفكر الديني.. يوسف زيدان يكشف سر رفضه «مناظرة بحيري ورشدي»    لراحة القلب والبال.. أفضل دعاء في يوم الجمعة «اللّهم ارزقني الرضا وراحة البال»    الشباب والرياضة: مشروع قومي لتطوير مدربي منتخبات كرة القدم    طريقة عمل العزيزية لتحلية سريعة التحضير وشهية    أعراض ضربة الشمس، وطرق العلاج في البيت والوقاية    نتنياهو: معركة رفح "حاسمة" واكتمالها سيقطع بإسرائيل مسافة كبيرة نحو هزيمة "حماس"    الاتحاد يتأهل إلى نهائي المربع الذهبي لكرة السلة    فعاليات فنية ل ذوي الاحتياجات الخاصة وسبل تخطي الأزمات ب ثقافة الغربية    حقيقة إيقاف شهادة 23.5 من بنك مصر بعد قرار التعويم الأخير    بعد وفاة زوجة الفنان أحمد عدوية- كيف يسبب السكري الموت؟    جامعة بني سويف من أفضل 400 جامعة عالميا.. والرابعة محليا    بالفيديو.. نصيحة هامة من الشيخ خالد الجندي إلى الأباء والأمهات    إنطلاق المشروع القومي لتطوير مدربي المنتخبات المصرية لكرة القدم NCE    مدفيديف يصف زيارة زيلينسكي إلى خاركوف ب«الوداعية»    وزيرا التعليم والأوقاف يصلان مسجد السيدة نفيسة لتشييع جثمان وزير النقل السابق - صور    فانتازي يلا كورة.. الثلاثي الذهبي قبل الجولة الأخيرة في بريميرليج    نقابة المهن الموسيقية تنعي زوجة المطرب أحمد عدوية    سكاي: فونيسكا الخيار الأول لخلافة بيولي في ميلان    أحلام الشباب في اقتناص ثروات الذكاء الاصطناعي تتحطم على صخرة الجامعات الحكومية    «كارثة متوقعة خلال أيام».. العالم الهولندي يحذر من زلازل بقوة 8 درجات قبل نهاية مايو    نائب محافظ الجيزة يتابع ميدانيا مشروعات الرصف وتركيب بلاط الإنترلوك بمدينة العياط    لجنة مركزية لمعاينة مسطح فضاء لإنهاء إجراءات بناء فرع جامعة الأزهر الجديد في برج العرب    "هُتك عرضه".. آخر تطورات واقعة تهديد طفل بمقطع فيديو في الشرقية    15 يوما إجازة رسمية بأجر في شهر يونيو المقبل 2024.. (10 فئات محرومة منها)    وكيل الصحة بالقليوبية يتابع سير العمل بمستشفى القناطر الخيرية العام    إطلاق مبادرة لا للإدمان في أحياء الجيزة    الخارجية الكورية الجنوبية تعرب عن تمنياتها بالشفاء العاجل لرئيس الوزراء السلوفاكي    هل يجوز الجمع بين الأضحية والعقيقة بنية واحدة؟.. الإفتاء توضح    ببرنامج "نُوَفّي".. مناقشات بين البنك الأوروبي ووزارة التعاون لدعم آفاق الاستثمار الخاص    بمشاركة مصر والسعودية.. 5 صور من التدريب البحري المشترك (الموج الأحمر- 7)    قرار قضائي جديد بشأن سائق أوبر المتهم بالاعتداء على سيدة التجمع    بدء التعاقد على الوصلات المنزلية لمشروع صرف صحي «الكولا» بسوهاج    رئيس جامعة المنيا يبحث مع الجانب الإيطالي تطوير معامل ترميم الآثار بالجامعة لخدمة الباحثين    الطاهري يكشف تفاصيل قمة البحرين: بدء الجلسة الرئيسية في الواحدة والنصف ظهرا    محافظ المنوفية يتفقد أعمال التطوير بكورنيش شبين الكوم الجديد وشنوان    «الداخلية»: ضبط 13 ألف قضية سرقة تيار كهربائي خلال 24 ساعة    دون إصابات.. تفاصيل نشوب حريق داخل شقة في العجوزة    أعطيت أمي هدية ثمينة هل تحق لي بعد وفاتها؟.. أمين الفتوى يوضح    نتيجة الصف الرابع الابتدائي الترم الثاني 2024 عبر بوابة التعليم الأساسي (الموعد والرابط المباشر)    «الأمن الاقتصادي»: ضبط 13166 قضية سرقة تيار كهربائي ومخالفة لشروط التعاقد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تقزيم مصر وتفكيك أوصالها جريمة خيانة عظمي تتعجل القصاص العادل
نشر في أخبار مصر يوم 23 - 04 - 2011

ترتكز لعبة الأمم التي تديرها أجهزة المخابرات العالمية الكبري علي وصفة سحرية لتمزيق الدول وتفكيك أوصالها وبعثرتها إلي أشلاء متناثرة بأقل قدر من الجهد والتكلفة‏.
وهي قاعدة مقدسة شديدة الفعالية والتأثير ونتائجها مضمونة مائة في المائة إذا توافر لها الشرط الرئيسي المرتبط بالقدرة علي تجنيد رموز مؤثرة في قمة هرم السلطة, وتسخيرهم دائما وعلي امتداد الزمن كطابور خامس ينفذ التعليمات باعتبارهم عملاء مطيعين في تنفيذ الأوامر والتعليمات بدقة وحرفية, وتستهدف دائما لعبة الأمم الفتاكة والمميتة للدول والشعوب تحقيق أمر صارم علي أوسع نطاق ومدي يرتبط بضمان أن يتم الاختيار لجميع المناصب القيادية والعليا من بين الأشخاص الأكثر سوءا, والأكثر رداءة, والأكثر انحرافا وفسادا, المشهود لهم بتدني الكفاءة والمعرفة, والقدرة العالية في اللصوصية والنصب والاحتيال والتزوير, وتضمن هذه المعايير الفاسقة للاختيار أن تدار شئون البلاد والعباد وفقا لقواعد المافيا والجريمة المنظمة, كما تضمن أن تصبح رءوس النظام الحاكمة والآمرة في حكم التشكيل العصابي الإجرامي الذي لا تحركه إلا مقتضيات النهب والسرقة, وتتلاشي من حساباته مقتضيات الأمن القومي, وتضيع منه بوصلة الولاء للوطن, ولا يشعر بالأمان إلا مع يقين بأن الأسوأ والأردأ والأفسد قد أمسك بتلابيب المسئولية والحكم في جميع المواقع, وبذلك تقر عين رأس النظام الفاسد وحاشيته من شيوع الفساد والانحراف والنهب وتقر عين أجهزة المخابرات العالمية الكبري وغيرها من التنظيمات السرية الخفية بنجاح ما خططته ورسمته, وقد كانت أم الدنيا دائما وأبدا في قلب هذه المخططات الجهنمية الفتاكة, وكان التنفيذ الحرفي الخائن هو صك الاعتماد, وصك المساندة والدعم والتأييد للنظام الإجرامي البائد الفاسد.
وقد كان التنفيذ الحرفي الصارم للقواعد المقدسة للعبة الأمم هو المسبب الرئيسي لسقوط الامبراطورية السوفيتية, وانهيار القطب العالمي العملاق المتمثل في الاتحاد السوفيتي وإعلان النهاية والفناء لمنظومة المعسكر الاشتراكي بغير الحاجة لإعلان الحرب العالمية الثالثة, حيث تمكنت لعبة الأمم الأمريكية الغربية من تفكيك أوصال الامبراطورية, وتمزيق كيان معسكرها ودولها وبعثرتها إلي أشلاء متناثرة اعتمادا علي تركيبة القادة الأسوأ والأرذل والأفسد الذين تم زرعهم في قمة السلطة والمسئولية, ومع نجاح المخطط لم تسقط فقط الأيديولوجية الماركسية والاشتراكية باعتبارها العدو الأول للأيديولوجية الرأسمالية, ولكن ايضا سقطت الدولة العظمي التي كانت تسمي الاتحاد السوفيتي, وتفككت أوصاله إلي جمهوريات لا تعد ولا تحصي.
دور الحكام العملاء والطابور الخامس في تفكيك أوصال الدول
ومع سقوط الامبراطورية السوفيتية من الداخل تحت معاول الطابور الخامس من العملاء الأفاقين الذين كانوا هم القادة والرؤساء والتيارات العليا للدولة ومؤسساتها وأجهزتها تردد بين جنبات العالم في أجهزة الإعلام الدولية والإقليمية والمحلية تفاصيل الوصفة السحرية التي قوضت دعائم الامبراطورية العالمية العظمي التي كانت تقف موقف الند والندية للامبراطورية الغربية وتزاحمها في السيطرة علي عرش العالم عسكريا وسياسيا, وتداولت أجهزة الإعلام قصة الجاسوس السوفيتي وهو المسئول الكبير في الحكومة والحزب الشيوعي الحاكم, حيث رصدت المخابرات السوفيتية واقعة تجنيده عن طريق المخابرات الأمريكية وما حصل عليه من رشوة, وحددت اسم البنك السويسري, ورقم الحساب الذي وضع فيه الأموال, وعندما عرض الأمر علي رئيس المخابرات أندروبوف الذي تولي رئاسة الاتحاد السوفيتي فيما بعد طلب عدم القبض علي المسئول ومتابعته وملاحقته لمعرفة أساليب المخابرات الأمريكية في تجنيد كبار المسئولين ومعرفة ما تطلبه وتركز عليه كما تقول القصة المتداولة وعلي امتداد سنوات طويلة من الرصد الدقيق لم يتم الكشف عن اتصالات جديدة ولم تتم معرفة التكليفات التي ينفذها المسئول الكبير, ولم يتم رصد تحويل رشاوي إضافية, وعندما جاء أوان تقاعد المسئول المهم طلبه أندروبوف وسأله عن طبيعة التكليف الذي يليق بمقام مسئول كبير في الدولة, فأخبره أنه يرتبط بقيامه باختيار الأسوأ والأردأ والأفسد من قائمة المرشحين للوظائف القيادية العليا حتي يضمن الغرب السقوط المدوي للاتحاد السوفيتي من الداخل بأيدي عديمي الكفاءة والمعرفة والخبرة, واختياراتهم الفاسدة بالضرورة للرؤساء والقيادات المحيطة بهم في كل موقع عمل مهما كبر أو صغر, وهو ما يضمن تخريب البيت من الداخل, وضمان سقوطه وتداعيه وتحوله إلي أنقاض بغير حاجة للزلازل والبراكين والصواعق, ومن أبرز دلائل فاعلية المخطط أن جورباتشوف الرئيس الذي أطلق شرارة الهدم كان تلميذا نجيبا لرئيس المخابرات الرئيس السابق أندروبوف, وأن خليفته الذي استكمل تفكيك الأوصال كان بوريس يلتسين الذي لا يفيق من السكر الذي هدم الامبراطورية, ومكن عصابات المافيا الداخلية والخارجية من نهب كامل الثروة بغير استحياء, وبدون خجل وكأن حقيقة القصة تؤكد علي ان اندروبوف بنفسه وشخصه كان هو المسئول الكبير الذي تم تجنيده للتخريب والتدمير بحكم تربعه علي قمة جهاز المخابرات الآمر الناهي.
وبحكم أن سقوط الامبراطورية السوفيتية كان يعني الانتصار الساحق للامبراطورية الأمريكية, وكان يعني ما هو أهم من ذلك بالنسبة لأمريكا, وهو انفرادها بقمة العرش العالمي منفردة, ودخول الكرة الأرضية تحت سطوة القطب الأمريكي الأوحد, ويستوجب منطق السطوة والسيطرة علي العالم أن تتم السطوة والسيطرة علي أقاليم العالم وقاراته من خلال قوة إقليمية خاضعة تتوافق والتوجهات والمصالح, مما استلزم وحتم أن تتم ممارسة لعبة الأمم علي أوسع نطاق ومدي مع مصر لتمزيقها وتفكيك أوصالها حتي لا تبقي في مكانها ووضعها الطبيعي باعتبارها رمانة ميزان العالم العربي, وقوته الإقليمية العظمي بجميع المعايير, وبكل الحسابات, والأكثر أهمية وخطورة حتي تختفي القيادة والريادة المعنوية والحضارية والفكرية لمصر في القارة الإفريقية, وحتي يضيع نفوذها وتأثيرها الفكري والعقيدي علي امتداد دول العالم الإسلامي في جميع قارات العالم.
مخطط تقزيم مصر إقليميا وإفريقيا وعالميا
ومع ارتكاز المخطط الصهيوني الأمريكي الغربي في نجاحه علي إخراج مصر, بتاريخها وحضارتها وثقلها ووزنها, من المعادلات الإقليمية للشرق الأوسط بمفهومه الواسع, وبمفهومه الضيق للتمكين للكيان الصهيوني المغتصب من قيادة الشرق الأوسط بالاشتراك مع أذرع إيرانية وتركية بالاعتماد علي محميات وإمارات تشكل بقعا سكانية متواضعة, وتشكل وزنا مفتعلا, وقيمة مصطنعة قياسا بحسابات وتقويمات القوة الشاملة فان الإجهاز علي الدور المصري البات والقاطع يعد منفذ الخروج الوحيد لهذا المخطط الشيطاني, لأن مصر بكيانها القائم عبر القرون تشكل حائط الصد المنيع أمام نفاذه وفعاليته, من هنا فإن سقوط مصر القوة الإقليمية العظمي لا يقل أهمية بالنسبة للمخطط عن سقوط الاتحاد السوفيتي باعتباره القوة العالمية العظمي, خاصة أن حلقات مخطط قصقصة ريش كل القوي العربية القادرة والمؤثرة استكملت حلقاته منذ احتلال العراق, القلعة الشرقية الحصينة للعالم العربي, وتفكيكه واقعيا علي النطاق الجغرافي, والنطاق الديني, والتفعيل المؤثر للدور الإيراني الشيعي علي مقدراته وسياسات وتوجهاته, بالإضافة إلي ما يتم علي امتداد الخليج العربي من تغييرات ديموجرافية عاصمة عرقيا وعقائديا.
وفي ظل هذه الحقائق الاستراتيجية الكونية والإقليمية والمرصودة في الدراسات المتخصصة, والوثائق الدولية, وسيناريوهات مراكز الأبحاث العالمية والجامعات الكبري, فإن أم الجرائم وأم المصائب التي ارتكبت في حق أم الدنيا من النظام الفاسد البائد, وتشكيله العصابي الإجرامي, ومجمل فصائل الطابور الخامس المؤتمرة بأمره, والمنفذة لمشيئته الشيطانية ترتبط في المقام الأول بجريمة الخيانة العظمي المتمثلة في تمزيق وتفكيك أوصال الدولة المصرية وتفريغها من دورها العربي والإسلامي والإفريقي, وفك ارتباطها بالقضايا الحضارية والإنسانية الكبري, ولا بديل عن تصدر هذه الجريمة لقائمة عريضة الاتهام الطويلة لكل النظام المنهار والساقط, ورموزه, وأركانه, مع تحميل رأسه البائد لمسئولية جسيمة ترتبط بارتكاب جريمة الخيانة العظمي للنظام الجمهوري, وللأمة بحكم المسئولية المباشرة عن تنفيذ مخطط هدم وتخريب مصر وتقويض دعائمها الراسخة عبر الزمن والتاريخ, وهو ما يتجاوز كثيرا تهم نهب الثروة, وتهم تزوير إرادة الشعب, وتهم الاستبداد والقمع, ويتجمع في خانة واحدة فقط مع الأمر بقتل المتظاهرين الثوار بالرصاص الحي, بالإضافة إلي تهم إهدار كرامة المصريين, وإفقارهم, وامتهان شرفهم, وإثارة أحقاد فتنة طائفية زائفة لخدمة الأغراض الشريرة لتمزيق نسيج المجتمع الواحد, وطنيا, وإنسانيا, وحضاريا.
حتميات مراجعة أولويات المشهد الثوري لتجاوز المأزق الصعب
ويحتم ذلك إعادة النظر بشكل جذري في طموحات الثورة, وفي مطالب الثوار, وأن تسارع النخب الفكرية والعلمية في جميع التخصصات والمهن لدراسة الوسائل الكفيلة بخروج مصر من غرفة الإنعاش التي دخلتها علي امتداد عهود الظلام البائدة الفاسدة, وهو ما يستوجب أن يتصدر هم إنقاذ مصر من براثن الخراب الذي صنعه نظام عصابة الجريمة المنظمة والمافيا المقدمة الأولي من الأولويات القومية والوطنية, ولا يعني ذلك الدعوة لإهمال المساءلة والحساب, أو الدعوة لتأجيل إجراءات القصاص العاجل والبات من المجرمين الفاسدين, لكنه يعني الاحتياج العاجل والضروري لأن يكون هناك يد تبني ويد تحمل السلاح.. يد تزيل أنقاض كوارث التشكيل العصابي وتضع قواعد البنيان الصحيح الراسخ, ويد أخري تحمل جميع أسلحة وأدوات المواجهة لفرض هيبة القانون وسيادته, وإعادة الثقة والاعتبار للنظام العام من منظور الاحترام والتقدير الكاملين للإرادة الشعبية, والتوقف عن الاصطدام الأرعن بمطالبها المشروعة, والبعد عن استفزازها بالإهمال أو التجني علي مواقفها واختياراتها, أو حتي التلويح والتلميح بإمكان تجاهل مشاعرها الوطنية الفياضة.
وتمتد مخططات لعبة الأمم إلي الكثير من الأمور المعقدة والمتشابكة حتي تحقق أهدافها, واستدراك ما فاتها وغاب عنها, مع قيام الثورة المص رية المفاجئة وثبوت عدم نجاح مخطط تفكيك وتمزيق مصر في تحقيق كامل مراميه, وأن العفن والعطب قد أصابا فقط لا غير القشرة العليا للدولة والمجتمع, وفي مقدمة المخططات التي تستوجب درجة عالية من اليقظة والوعي ما يرتبط بمخططات الترويع الاقتصادي والمالي, متلازمة مع مخططات الترويع والفراغ الأمني, ومتكاملة مع مخططات إثارة الفتنة الطائفية بين المسلمين والأقباط, وكذلك إثارة الفتنة بين أبناء الدين الواحد, وتحويلهم إلي أحزاب متناحرة يترصد بعضها بعضا, وكان النظام البائد الإجرامي يثير فزاعة الإخوان المسلمين, ويستخدمها أداة للقمع وتجميل صورته باعتباره القائم النشيط علي مواجهة ما يدعي أنه تطرف وأصولية, وفجأة خرج من القمقم التيار السلفي, وتصدرت أخباره أجهزة الإعلام, واتهم بهدم الأضرحة والمساجد لافتعال حرب إجرامية مع الصوفية, ومع أصحاب الديانات الأخري, وأضيفت إلي فزاعة الجماعات الإسلامية فزاعة جديدة هي السلفية التي بدت وكأنها كانت في قمقم النظام البائد, وأطلت فجأة برأسها علي السطح, يضاف إلي ذلك فزاعات كثيرة داخل الجماعة المسيحية, حيث هناك أحاديث التبشير الإنجيلي البروتستانتي, وهناك أحاديث الحماية الدولية للكاثوليك, وكل ذلك في مواجهة الكنيسة المصرية الأرثوذكسية التي هي كنيسة الأكثرية القبطية, ومع لعبة الأمم النشيطة فإن الملف الديني من أكثر الملفات المرشحة للدخول في قلب لعبة الأمم ومخططاتها الشيطانية المعقدة.
الدعاية السوداء وطوفان الشائعات الكاذبة لترويع المواطنين
وقد شهدت الفترة الأخيرة طوفانا من الأفكار المدسوسة بشكل منظم ومحبوك, تدخل تحت مظلة الحرب النفسية ضد الثورة, من أبرزها الأحاديث والتصريحات الفجة عن الإمكانات الكبيرة لتعرض الاقتصاد المصري للانهيار, وإطلاق الشائعات عن التراجع الحاد للمؤشرات الرئيسية الاقتصادية والمالية, مع فبركة مؤشرات مخيفة عن أن مخزون مصر من القمح لا يكفي إلا شهرا واحدا, بالتجاهل العمد ومع سبق الترصيد لحقيقة أن محصول القمح المصري بدأ حصاده وتسليمه للشون الزراعية مما يعني مخزونا إضافيا من القمح المحلي يكفي للاستهلاك لمدة تبلغ أربعة اشهر علي الاقل, ووصل الحال للاستخفاف بالعقول بالحديث عن أزمة سكر في قمة موسم نضج المحاصيل السكرية, وقمة موسم التشغيل بمصانع سكر القصب وسكر البنجر.
وللأسف الشديد فإن تصريحات غير مدروسة صدرت عن السيد سمير رضوان وزير المالية لم تأخذ الملاءمات السياسية للمشهد الثوري في الاعتبار, بل يمكن توصيفها بأنها لم تستوعب المستجدات الثورية المصرية وما تتيحه من قدرات وإمكانات تفاوضية إضافية لتحقيق المصالح المشروعة بشكل ملحوظ وواضح, حيث يتحدث وزير المالية الهمام عن طلب قروض جديدة من صندوق النقد والبنك الدوليين لمواجهة عجز ميزان المدفوعات, ولمواجهة احتياجات التشغيل بمليارات الدولارات, ويتجاهل إمكان أن تحصل مصر علي إعفاء دولي من الديون الخارجية الرسمية ورصيدها المتراكم, ويتجاهل إمكان أن يكون الظرف الثوري بتشابكاته فرصة حقيقية لتدفق مليارات الدولارات من المنح غير المشروطة, في حين أن قروض الصندوق والبنك تحكمها شروط, وتحكمها تعقيدات وضغوط متعارف عليها بين البسطاء والعوام في العالم.
ومشكلة المشكلات العاجلة شديدة الخطورة علي الأمن الاقتصادي لمصر لا ترتبط فقط من قريب أو من بعيد بأحاديث الترويع الاقتصادي والمالي لأن مصر يمكنها تجاوز العطل المؤقت والطارئ في دوران عجلة الاقتصاد لمدة شهرين بدرجة أو بأخري, لكن المشكلة الحقيقية تكمن في أن حكومة الدكتور عصام شرف تخلو تماما من المتخصصين في الشئون الاقتصادية والمالية, وحتي وزير المالية فإن خبراته الأساسية ترتبط بعمله الدائم في نطاق القوي العاملة, ووزيرة التنمية الاقتصادية والتعاون الدولي خبرتها ترتبط أساسا بالدبلوماسية, وفي أفضل الأحوال بتراكم خبرات التعاون الدولي, ووزير الصناعة والتجارة تخصصه في العلوم البحتة, ويتصاعد الخطر مع غياب وزارة الاقتصاد من التشكيلة الوزارية التي ألغيت في حكومة عاطف عبيد المتهم بالفساد والنهب والسرقة والتلاعب في ديون مصر الخارجية, بالاشتراك مع الوريث, وإبراهيم كامل محرض موقعة الجمل, وقد تم الإلغاء في نطاق مخطط الفساد والإفساد وتغييب الرقابة الفاعلة التنفيذية عن الاقتصاد المصري والسياسات النقدية, بالإضافة إلي تخصص رئيس مجلس الوزراء في هندسة النقل, وتخصص نائب رئيس مجلس الوزراء في الأحاديث التليفزيونية والصحفية, وإثارة القضايا الشائكة بصورة تفتح خزائن جهنم بدون مبرر, وبغيرداع.
لابد أن تملك الحكومة رؤية اقتصادية, ورؤية سياسية, ورؤية اجتماعية وإنسانية واضحة وعلمية ومنطقية, ولا تكتفي بالأحاديث المرسلة التي تدخل تحت بند فض المجالس, وتؤدي إلي القلق والاختلاف بديلا عن الاتفاق والاطمئنان والثقة, ولا يكفي أن تعلن الحكومة حديثا فضفاضا عن تمسكها بالاقتصاد الحر, لأن الاقتصاديين والخبراء والمختصين يعلمون أن هذا العنوان غابة مترامية الأطراف أكبر كثيرا من غابات الأمازون البرازيلية, وأن العالم المتحضر يتحدث عن الرأسمالية بلغة محددة متخصصة وواعية حتي يفهمه الناس في الداخل والخارج فهما صحيحا ومتزنا وهم ينتظرون مثلا حديثا عن اقتصاد السوق الاجتماعية المطبق في ألمانيا, أو حديثا عن التنمية الشاملة والمستديمة كما تتحدث وثائق الأمم المتحدة المتخصصة, وفي النهاية يتوقعون من الثورة حديثا متكاملا رصينا عن البعد الاجتماعي والإنساني للتنمية, وتوزيع الثورة والدخل من خلال منظومة سياسات وتشريعات بعيدا عن فكاهات ونوادر الدكتور يحيي الجمل, والأحاديث والنصائح الأبوية لوزير المالية.
تحتاج الثورة إلي ملامح مبدئية شفافة للإطار الاقتصادي المستقبلي تريح المواطن, وتطمئن رأس المال المنضبط والملتزم بقيم وتقاليد الأعمال المشروعة, ولا يدخل تحتها علي الإطلاق مع ما يتردد من أقوال خارجة عن النغمة الصحيحة تعد رجال الأعمال الفاسدين وتبشرهم بالإفلات من العقاب الجنائي, ولن يتحقق ذلك إلا بإعلان حكومة الدكتور شرف أن الفكر الجديد للحزب الوطني المنحل, وسياسات وتشريعات الوزراء الفاسدين المنحرفين من أتباع الأصولية الرأسمالية القائمة علي تنفيذ سياسات إفقار الغالبية العظمي من الشعب, ونزح الأموال الحرام بالفجر والفسوق والعصيان للقلة القليلة من مافيا التشكيل العصابي قد انتهت وإلي الأبد, مع التأكيد علي ان جميع تطبيقات الرأسمالية المتوحشة لا تدخل تحت لافتة الاقتصاد الحر محل التصريحات الرسمية حتي تعود الثقة والطمأنينة إلي نفوس الغالبية العظمي من المواطنين, ويخرجوا سالمين من الدوائر المسمومة للدعاية السوداء التي تستغل الفجوة الكبيرة بين ما هو كائن وما يجب أن يكون وبذلك فقط يضمن الجميع إنقاذ مصر من كبوتها, وانطلاقها العاجل لاستعادة دورها وقيادتها وإبراز كل ما تملكه من ثقل ووزن, وهو كثير ومعلوم للراسخين في العلم أصحاب الانتماء الوطني والقومي فقط لا غير؟!
* نقلا عن صحيفة الاهرام المصرية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.