كان واضحاً من جلسة الاستماع الى قائد القوات الاميركية في العراق الجنرال ديفيد بترايوس والسفير الاميركي لدى بغداد رايان كروكر في مجلس النواب الاميركي حول الاوضاع في العراق، ان هناك هاجسين يسيطران على السياسة الاميركية في العراق: مكافحة «القاعدة» ومواجهة إيران. وأخذت إيران الحيز الأكبر في المناقشات التي دارت أمام لجنتي العلاقات الخارجية والقوات المسلحة في مجلس النواب إذ ذكرت 50 مرة، بينما كانت «القاعدة» المنافسة لها وذكرت 42 مرة في تقييم التحديات الامنية للولايات المتحدة في العراق. من ناحية ثانية، أغفل النقاش الاميركي «أسلحة الدمار الشامل» و«الديمقراطية»، بعدما كان هذان الملفان محط النقاشات قبل اربع سنوات ونصف السنة عندما اتخذت واشنطن قرار خوض الحرب في العراق. وعند التدقيق في ما دار خلال الجلسة يظهر انه جاء ذكر ايران الاول في شهادة بترايوس في نفس الجملة التي ذكرت فيها «القاعدة»؛ إذ انه يجب إبقاء القوات الاميركية في العراق لمواجهة «القاعدة في العراق والميليشيات المتطرفة المدعومة من قبل ايران». من جهته، شدد كروكر على ان «ايران تلعب دوراً مؤذياً في العراق»، قبل إعلانه أن طهران «تخوض حربا بالوكالة ضد الدولة العراقية وقوات التحالف هناك». وتم التركيز على ايران في تصريحات بترايوس وكروكر وأسئلة اعضاء مجلس النواب، لكن تطرقت الجلسة الى دور سورية ايضاً في العراق وتمت الاشارة اليها 11 مرة؛ في إشارة الى المقاتلين الذين يدخلون العراق من خلال الحدود السورية. وبينما جاء ذكر ايران وتنظيم «القاعدة» في اطار التهديدات الامنية الى العراق، كانت محافظة الأنبار نجمة شهادات بترايوس وكروكر اذ ورد ذكرها 26 مرة 9 منها في شهادة بترايوس الاولى التي قال فيها ان «الأنبار فريدة» في مواجهتها للإرهاب بينما أشار كروكر الى سلسلة من المناطق السنية «من الأنبار الى صلاح الدين» وبعدها «من الأنبار الى ديالى»؛ في إشارة الى التغيير في موقف المناطق التي تقطنها غالبية من السنة في التعاون مع القوات الاميركية. واللافت ان كلمة «الديمقراطية» لم تذكر بتاتاً في النقاشات التي استمرت ساعات عدة باستثناء اشارة كروكر مرة واحدة الى الامل بأن ينهض العراق «بلداً ديمقراطياً موحداً»، مما يدل على ان الآمال بإرساء الديمقراطية باتت بعيدة المنال بنظر الولاياتالمتحدة، حيث تركز الحديث على المخاطر الامنية للولايات المتحدة من احتمال الانسحاب من العراق. ومن الملفت ايضا، ان اسم الرئيس العراقي السابق صدام حسين ورد 9 مرات فقط، 4 مرات منها في الاشارة الى الجيش العراق السابق والأسباب وراء حله، بينما لفت كروكر الى نظام صدام «الذي حكم من دون رحمة» قبل سرد موجز عما طرأ على العراق منذ «سقوط تمثال صدام». ا يضا غاب عن المناقشات تقريبا النازحون العراقيون الفارون من الاقتتال؛ إذ ذكرت مسألة اللاجئين مرة واحدة فقط في عرض المشاكل في العراق. يذكر ان الادارة الاميركية ابتعدت منذ فترة عن الحديث عن «النصر» في العراق، واتبع كروكر وبترايوس نفس المنهج؛ إذ امتنع بترايوس من ذكر كلمة «النصر»، بينما استخدمها كروكر مرة واحدة فقط، قائلا انه «لن تكون هناك لحظة معينة نستطيع ان نعلن النصر فيها»، مما أعاد الى الاذهان إعلان بوش «النصر» في مايو 2003، بعد سقوط نظام صدام حسين وقبل اندلاع الهجمات الارهابية والنزاع الداخلي.