كان العامان الثالث والرابع من ولاية رؤساء أميركا السابقين جيمي كارتر، بيل كلينتون، جورج بوش الأب، وجورج بوش الابن، أكثر صعوبة من العامين الأولين للجميع. فقد سئمت أميركا والعالم الخطابة وبلاغتها. وتقلصت أهمية بدعة منصب رئيس الأركان، وتركزت أرقام الاستطلاع في جنوب البلاد. يحدث الشيء نفسه الآن للرئيس الأميركي باراك أوباما على جبهات متنوعة. فقد طمأن الديمقراطيون الناخبين بأنهم سوف يطبقون قانون الرعاية الصحية الذي اقترحه أوباما بمجرد تطبيق خطة الرعاية الصحية الفيدرالية في نهاية المطاف. وحذر النقاد الجمهوريون من أنهم يفضلون كشف طبيعة هذا القانون بمجرد ظهوره. سوف نرى قريباً من هو على حق، حيث تبدأ أربع سنوات من التنفيذ بشكل جدي خلال عام 2011. ولكن إذا كانت 100 منظمة وشركة قد حصلت بالفعل على إعفاءات من إدارة أوباما، فكم جهة أخرى سوف تسعى لتجنب القانون الجديد في عام 2011؟ هناك شيء آخر لابد أن يعطى أهمية في ميزانية هذا العام. فقد كان من المفترض أن يكون الإنفاق «الكينيزي» بمثابة انطلاق للاقتصاد، ويجلب المزيد من الإيرادات الفيدرالية. وبدلاً من ذلك، فلم يؤدِ اقتراض 3 تريليونات دولار أخرى خلال العامين الماضيين إلى تحسن كبير في الاقتصاد، ذلك أن معدل البطالة لا يزال أعلى بكثير من 9٪. وسوف نرى مواجهة مع الواقع المالي في 2011، لأنه سوف يتوجب تخفيض الضمان الاجتماعي أو الرعاية الطبية أو المعونة الطبية أو الدفاع، التي تشكل جميعها 60٪ من نفقات الميزانية الحكومية سنوياً. إنه أحد الأمور التي يتعين على الساسة التركيز عليها في خطاباتهم فيما يتعلق بالإنفاق الطائش والدين الذي يمكن تحمله، والأمر الآخر هو التركيز على مسألة تجميد الزيادات في الضمان الاجتماعي، من خلال زيادة سن التقاعد أو تقليص الميزات في قانون الرعاية الطبية. على مدار العامين الماضيين، كان هناك افتراضان بشأن الطاقة طرحتهما إدارة أوباما. الأول، كان بشأن التراجع في الاقتصاد العالمي في أواخر عام 2008، والذي شهد انهيار أسعار النفط، فهو سيمنح المستهلكين الأميركيين المحاصرين بهدية مفاجئة من الغاز بسعر أرخص وذلك من دون اتخاذ أي إجراء من جانب الحكومة. والأمر الثاني هو أن الطاقة الشمسية وطاقة الرياح و«الملايين من الوظائف الخضراء الجديدة» سوف تدخل في مستقبل الطاقة البديلة لدينا. ولكن تدخلت الحقائق القاسية. ففي حين وجدت إدارة أوباما أن تطوير النفط والغاز في الأراضي الغربية المملوكة للحكومة كان أصعب ما يكون، وتأجل الحفر البحري في خليج المكسيك وشرق المحيط الهادئ وعلى طول سواحل الأطلسي، كان الاقتصاد العالمي يتعافى، وكان يزيد معه الطلب على الطاقة. وفي الوقت الذي يقترب سعر النفط الآن من 100 دولار للبرميل، يتجاوز غالون الغاز الثلاث دولارات، ولا يزال يواصل ارتفاعه. ربما استغرق الأمر عامين منذ أن تبنى سوق السيارات العام المحاصر صيحة «الحفر، الحفر »، ولكن عندما يبدأ الناخبون في تسديد حوالي 4 دولارات للغالون في 2011، فسوف يطالبون بزيادة إنتاج النفط بصورة أكبر، وبعدد أقل بكثير من الخطب الخضراء بعيدة المنال. في ظل خطة جديدة مقترحة لتخفيض نفقات الدفاع، فسوف يفقد الجيش الأميركي من قوته ما يقرب من 50 ألف جندي في أربع سنوات، و20 ألفاً آخرين من مشاة البحرية، إلى جانب التقليص الجذري في عدد المدرعات والمقاتلات النفاثة والسفن الجديدة. ولكن هل سيكون هناك تخفيضات متكافئة في الالتزامات الأميركية في الخارج؟ ربما سترحل جميع القوات الأميركية من أفغانستان والعراق قريباً، في حين أن الصين لن تستعرض قوتها ضد تايوان أو اليابان. ربما لن تهاجم كوريا الشمالية جارتها الجنوبية. يحتمل أن تبقى قبرص هادئة. ويمكن لجمهوريات الاتحاد السوفييتي السابق نظرياً أن تحسّن علاقاتها مع روسيا. وينبغي أن تظل منطقة البلقان سلمية. في نهاية المطاف أعلن الرئيس أوباما أن لديه رغبة جديدة للسعي نحو التوافق والإجماع مع المعارضة الجمهورية. ومع ذلك، فإن مجلس النواب الجديد الذي يسيطر عليه النواب الجمهوريون، والذي ينشط على يد أعضاء حزب الشاي، يؤمن بأن مثل هذه التوعية الرئاسية المفاجئة تستند فقط على واقع انتخابي يتمثل في فقدان الديمقراطيين 63 مقعداً في مجلس النواب في الانتخابات الأخيرة. وتفترض المعارضة المحافظة أيضا أنها قد تم انتخابها من أجل تفكيك، وليس تسهيل، جدول أعمال أوباما. لذلك، فسوف نرى في عام 2011 ما إذا كان أوباما لا يزال يتحدث عن خصومه بوصفهم «أعداء» لابد من «معاقبتهم» وتركهم في «المقعد الخلفي»، أو إذا كان على استعداد للتسليم بأن مبدأ الحزبين قد يعني الآن أن رؤيته الليبرالية في 2009 اعتبرت غير فعّالة وفقاً للواقع السياسي في نوفمبر الماضي. * نقلا عن صحيفة البيان الاماراتية