تسيطر مخاوف الإنتخابات البرلمانية القادمة على الساحة السياسية في مصر.. الجميع خائف من المفاجأة التي يمكن ان تغير حسابات كثيرة.. لا شئ تغير في مصر حتى يمكن ان نفتح أبواب الأمل أمام برلمان جديد نكمل به هذه المرحلة الإنتقالية من خارطة الطريق كل شئ مازال في مكانه لم يتحرك.. لا نستطيع ان نقول ان الواقع المصري قد تغير بصورة جذرية منذ ثورة يناير وحتى الآن.. لقد سقط العهد البائد وبقيت رموزه وسقط الإخوان وبقيت مؤامراتهم وتغير ثلاثة رؤساء وبقى السؤال وماذا بعد.. نحن أمام منظومة يسودها الإرتباك فمازالت أشباح الماضي تدور في كل مكان لتؤكد تأثيرها ووجودها.. ان أخطر ما يهدد مصر الآن ان هناك أطرافا كثيرة تشدنا للوراء وترفض ان يتحرك هذا الشعب ليأخذ مكانه ومكانته بين قوى المستقبل الصاعدة.. لماذا يصر الإعلام المصري على ان يحشد أمامنا كل يوم صور وأشباح ورموز العهد البائد في إلحاح غريب.. ان هذا الغزل المشبوه بين الإعلام والعهد البائد يؤكد ان مصر لم تتغير وان رجال الأعمال الذين نهبوا أموال هذا الشعب في زواج باطل بين رأس المال والسلطة قد خرجوا من السجون ولا أحد يعلم مصير محاكماتهم أو نتائجها.. يتبادلون المواقع الآن على الفضائيات ومواقع النت.. والسؤال هنا.. لأي شئ يمهد هؤلاء وهل هم عائدون وأين القضايا التي حوكموا فيها والأحكام التي صدرت ضدهم ان عودة هذه الأشباح يثير تساؤلات كثيرة لدى المواطن المصري.. والسؤال الأخطر أين جهاز الكسب غير المشروع وأين عشرات بل مئات القضايا التي شملت اتهامات صريحة بنهب المال العام والإعتداء على أموال هذا الشعب.. أين القضاء من هذه الإتهامات ولماذا أغلقت الدولة هذه الملفات.. نحن لا نطالب بمحاكمات وأحكام ظالمة ولكننا فقط نطالب بإسترداد أموال الشعب المنهوبة.. أين الأموال التي نهبها المسئولون السابقون من الوزراء وكبار المسئولين وما هو مصير الأحكام التي صدرت ضد هؤلاء وأين أباطرة الحزب الوطني وأين جرائم الفساد السياسي والزواج الباطل.. هذه الملفات جميعها تم إغلاقها لأسباب غير واضحة.. ان من حق هذا الشعب ان يعرف مصير أمواله التي نهبها هؤلاء.. ان هذا لا يعني إغلاق الملفات الخارجية عن أموال هؤلاء في البنوك الأجنبية.. ان صمت الحكومة عن هذه الجرائم يطرح الكثير من الهواجس والظنون.. هل قررت الدولة المصرية إغلاق هذه الملفات والتغاضي عنها.. وإذا كان ذلك صحيحا فهل من حق الحكومات ان تفرط في أموال الشعوب. ماذا لو عاد هؤلاء بأموالهم واقتحموا مجلس الشعب القادم وفرضوا سيطرتهم مرة أخرى على الشارع السياسي المصري وهم يعرفون نقاط ضعفه وأعادوا صور الماضي الكئيب فسادا وتحايلا واستهتارا. ان صورة القوى السياسية المفككة في الشارع المصري تدعو للحزن والأسى.. لا تستطيع ان تضع يديك على أحزاب أو رموز أو أشخاص يمكن ان يشكلوا فريقا سياسيا يحسب له حساب.. ان معظم الأسماء المطروحة على الساحة في منظومة العمل السياسي لا علاقة لها من قريب أو بعيد بالشارع.. ان التاريخ لا يكفي في مثل هذه الأحداث والمواجهات.. ان من بين هؤلاء أشخاص ورموز نعتز بتاريخهم الوظيفي والوطني والتنفيذي ولكنهم لا يمثلون الحاضر أمام أجيال تغيرت وواقع جديد يفرض نفسه هل يعقل ان تقضي القوى السياسية في مصر أربع سنوات في مفاوضات وحسابات لم تصل إلى شئ غير انهم اتفقوا على ألا يتفقوا.. ان حالة الفراغ السياسي في الشارع المصري يمكن ان تفتح الأبواب أمام المغامرين وأصحاب الأموال من قوى العهد البائد وهنا سيكون المال هو السلطان المتوج على انتخابات البرلمان القادم. لا يمكن ان نتجاهل موقف القوى الإسلامية في الشارع المصري رغم الظروف التي تعرضت لها وأدت إلى انهيارها وتفككها.. لا يمكن تجاهل ما بقى من فلول الإخوان المسلمين وإمكانية العودة إلى الشارع السياسي.. بل انه ليس من المستحيل ان تشهد الساحة تربيطات بين القوى الليبرالية المحبطة أمام انتهاك ثورة يناير وما بقى من الإخوان.. ان كليهما يشعر بالفشل والإحباط أمام ثورة لم تحقق أهدافها ولا أهدافهم هنا يمكن ان يلتقي مرة أخرى شباب الثوار المحبطين وشباب الإخوان المطاردين.. والشئ المؤكد ان هناك فريقا ثالثا تحاصره موجات الإحباط وهو المواطن المصري الفقير الذي لم يجد في الثورتين حلما يتوكأ عليه.. وهنا يمكن ان نجد أكثر من سؤال.. حين يقول وزير التموين ان رغيف الخبز سوف تحل أزمته بعد عام فهذا كلام يصيب الناس بالإحباط وحين تعرض وزارة الإسكان على الشباب سكنا متوسطا بسعر 600 ألف جنيه للشقة فهي تدعو الناس للخروج إلى الشوارع.. وحين تصدر الحكومة قرارا بوقف مرور سيارات النقل في الشوارع ثم تتراجع فيه.. فهذه سلطة ينقصها الحسم.. وحين لا يجد المواطن الخدمات المناسبة في المياه والكهرباء فنحن نحرك فيه كل دوافع الرفض والغضب.. هذه الجوانب جميعها يمكن ان تتجمع في لحظة يأس وغضب وتغير كل الحسابات في الشارع السياسي أمام واقع حياتي ومعيشي لا يتغير.. هناك أجيال كثيرة من الشباب تشعر بالحزن والإحباط وهي تشاهد أمامها مجتمعا لا يتغير في شئ.. ان غياب تكافؤ الفرص وتوريث الوظائف المهمة والبطالة.. وأشباح الجوع والفقر التي تحاصر الجميع هذه كلها أسباب ترفع درجة الغضب في نفوس الشباب.. حين يرث أبناء القضاه وظائف الآباء.. وحين توزع قطاعات الخدمات ابتداء بالكهرباء والصحة الوظائف على أبناء العاملين فيها.. وحين تكون الأعمال المهمة في الدولة جميعها بالوراثة.. الأطباء يرثون مستشفيات الآباء.. ولاعبو الكرة يرثون الملاعب.. والإعلاميون يرثون الفضائيات والصحف.. وأساتذة الجامعات يرثون مواقع ابائهم.. هذه الأبواب المغلقة تدفع الشباب دفعا إلى تكسيرها وفي كل يوم تثار أزمة حول مسئول سابق أو لاحق يتصدر المشهد ويحصل على جزء من الغنيمة كمستشار أو مسئول أو صاحب قرار وهناك آلاف الشباب الأكفاء يترنحون في الشوارع باحثين عن فرصة عمل تخرج بهم إلى الحياة.. ان الشئ المؤسف ان أساليب التحايل والوساطة مازالت تسيطر على القرار الحكومي هناك عشرات الأسماء التي تم تعيينها لأسباب شخصية في مواقع مهمة وحين ثار الإعلام والرأي العام لم يجد هؤلاء قرارا يعيد الحق لأصحابه خاصة إذا كان مجرد قرار فردي لا يشاركه أحد فيه فلم يكن اختبارا أو مسابقة. كان ينبغي ان تكون هناك قواعد سليمة للتعامل مع الفرص المتكافئة للمواطنين كل المواطنين خاصة ونحن نتحدث عن قيم غابت كثيرا عن حياة المصريين وهي العدالة. لا شك ان تأجيل القضايا في المحاكم يصيب المواطن المصري بحالة من الإحباط خاصة في تلك القضايا التي يبقى فيها المواطن سجينا دون اتهام واضح وصريح وجريمة لا تقبل التأجيل أمام آلاف الأشخاص الذين يقفون أمام العدالة وهم يتساءلون متى يصدر القضاء أحكامه.. ان ذلك يشمل المسجونين السياسيين.. وقضايا أخرى اجتمعت في حالات الإنفلات الأمني والفوضى والمظاهرات وهذه القضايا ينبغي ان ننظر اليها من مفهوم مختلف للعدالة.. إذا كان اللصوص الذين نهبوا أموال الشعب قد خرجوا من السجون وعادوا إلى أنشطتهم السابقة في النصب والتحايل فكيف نحرم شابا غضب في لحظة إحباط وضيق من عفو يعيد له حريته ليبدأ من جديد مشواره مع الحياة.. أعرف ان هناك أعدادا كبيرة من الشباب الغاضبين داخل السجون وليس من العدالة ان نحرمهم من حريتهم ونمنحها راضين للصوص الذين سرقوا أموال الشعب وحريته ان الحسم في قضايا الأموال المنهوبة في الداخل والخارج ومطاردة الهاربين منهم قضية لا ينبغي إهمالها أو التفريط فيها.. تبقى بعد ذلك الأزمات اليومية التي يعيشها الإنسان المصري وهو يبدأ رحلة جديدة مع زمن جديد.. كان الصيف مرهقا مع أزمة انقطاع الكهرباء وكان المرور مرعبا مع الحوادث الدامية كل يوم.. وكان الزحام شديدا أمام التخبط في الميادين والشوارع والقرارات.. وكانت الحيرة شديدة مع رغيف الخبز ورحلته اليومية المتعبة وكانت الأسعار تمثل نيرانا تحيط بالأسرة المصرية في غياب الرقابة الحكومية للسلع التموينية والخضراوات وجشع التجار وأزمات الفلاحين مع متطلبات الزراعة وتسويق المحاصيل أو بيعها للحكومة ومشاكل العمال مع المعاشات والبطالة المقنعة.. أشياء وأزمات كثيرة ارهقت الإنسان المصري بعد أربع سنوات من الثورات وخلع الرؤساء وإسقاط الوطني والإخوان ورغم رحيل هؤلاء بقيت كوارثهم تطارد كل بيت مصري ما بين غياب الأمن والفوضى وغياب الحقوق عن أصحابها.. مازال كل شاب مصري يداعبه حلم بأن يجد نفسه في صفوف رجال النيابة بتفوقه المدهش وليس بحالة والده الفقير.. مازال بين أبنائنا من يبحثون عن فرصة في عمل أو مشروع أو حق في حياة كريمة.. مازال الالاف ينتظرون مجتمعا عادلا يوفر لهم فرصا متكافئة بعيدا عن الوساطة والتحايل وسطوة أبناء الكبار.. مازال كل مريض يسأل عن علاج ودواء وانقاذ لحياته هناك من ماتوا أمام المستشفيات ومن ماتوا في حوادث المرور ومن ماتوا بسيف الإرهاب وجنون الإرهابيين.. هذه الظواهر عانى منها الإنسان المصري أربع سنوات كاملة فهل جاء الوقت لكي نخرج به من هذا السرداب المظلم الطويل.. وهل جاء الوقت لكي ينام الإنسان المصري آمنا على وطنه وحياته وأبنائه بعيدا عن خفافيش الظلام التي أفسدت علينا ثورتين وخلع رئيسين وحفاوة دولية لم يشهدها وطن آخر.. علينا ان نحلم حتى نستعيد مصر التي أحببناها.. وسوف تعود ..ويبقى الشعر غداً يَهدأُ الشوقُ بينَ الضلوعِ وترتاحُ فينَا الأمانِي الصغارْ وتَغدو الربوعُ التي عَانقتنا رُسوماً من الصَّمتِ.. فوقَ الجدارْ وبين المرايَا التِي كم رسَمنَا علي وَجنتيهَا عُيونَ النَّهارْ ستجرِي الوجوه ظِلالاً.. ظِلالاً وينسَابُ حُزناً أنِينُ القطِارْ وبَينَ الكئوسِ التي أرقتهَا دمُوعُ الرحيلِ.. وذِكرَي انتظارْ سيأتِي المسَاءُ حزيناً خَجُولاً ونمضِي كنجْمينِ ضلا المسَارْ غداً يسألُ الفجرُ أين البَلابِلُ أينَ النَّوارسُ.. أين المَحارْ؟ وأينَ النجُومُ التِي رافقتنَا عَلي كلَّ دربٍ.. وفي كُل دَارْ؟ أنَا نورسٌ لا يُحبُ الرحِيلَ وَحينَ انتشَي ذابَ شوقاً.. وطارْ ولكنهُ عَادَ يوماً حزيناً فقد أسكَرَته الأمَانِي.. فحَارْ وقدْ ظلَّ يرقصُ حتَّي تلاشَي ومَا كانَ يدرِي جنُون البحَارْ أنا نخلهٌ طاردتَها الرياحُ فكلُّ الشواطِيء حوليِ قِفارْ أنا قصهٌ منْ زمانٍ جميلٍ طَواهَا مع الحُزنِ صمتُ السَّتارْ أنا فِي كتابكِ أبياتُ شعرٍ وأيامُ زهوٍ.. وذكري فَخارْ أنا في الحدائقِ أشجارُ فلً وبين المحبينَ أهلٌ.. وجارْ أنَا فِي ضميركِ سرُّ الحياهِ وإن صِرتُ بَعدكِ طيف انكِسارْ تَمنيتُ يَوماً زماناً عنيداً أرَي العمْرَ فيه ِأكاليلَ غَارْ تَوالتْ عَلينَا السُّنونُ العِجَافُ وشَردَنَا وَجهُهَا المُستعَارْ ثِقيلٌ هُوَ الحُلمُ إن صَارَ وَهماً وضَاقَ بِهِ العُمرُ حَتَّي اسْتجارْ سأمضِي إلي الحُلم مَهمَا تَوارَي ومَهمَا طَغَي اليأسُ فِينَا وَجَارْ فلا تَحزنِي إنْ رأيْتِ الفوَارسَ خَلفَ الجِيَادِ بَقايَا غُبارْ ولا تَعجَبي إنْ رأيْتِ الجيَادَ وقدْ زيّنتْها أكالِيلُ عَارْ تموتُ الجيادُ إذا مَا اسْتكانتْ وتغدُو معَ العَجزِ.. دُخّانَ نارْ غَداً نلتقِي عِندَ حُلمٍ ٍصغيرٍ فكمْ خادَعتنَا الامانِي الكِبَارْ وقدْ نلتقِي في خَريفٍ حَزينٍ نحنّ إليْهِ.. ويحلُو المزارْ فليسَ لنَا في لِقانَا قرَارٌ ولَيسَ لنَا في هَوَانا اختيَارْ فَبعضُ الهَوَي فِيهِ سِرٌ الحياةِ وبَعضُ الهوَي.. قدْ يَكونُ الدَّمَارْ أنَا لنْ اغِيبَ.. وإن غِبتُ يوماً سَأُشرقُ فِي ضَحكَاتِ الصغَارْ سَأرجِعُ حينَ يُطلُّ الرَّبيعُ ويَصدحُ فِي الكَونِ صَوتُ النَّهارْ تَمنيتُ عمْراً.. أحِبكِ فِيهِ وكَمْ رَاودَ القَلبَ عِشقُ البِحارْ ولكنَّ حُبَّكِ دَربٌ طويِلٌ وأيَّامُ عُمرِي.. ليَالٍ قِصَارْ إذا صِرْتُ في الافْقِ أطلالَ نَجْمٍ فيَكفِي بِأنكِ.. أنْتِ المَزارْ "تمنيت عمرا أحبك فيه سنة 2003" نقلا عن جريدة الأهرام