لم يخل إعلان اللجنة المنظمة لمؤتمر المصالحة الصومالية عن نهايته في اليوم التالي من مفاجأة حتى للوفود المشاركة فيه فقد كان من المقرر أن يستمر وقد افتتح في مقديشو منتصف يوليو على الأقل شهرين إلا أن اللجنة استعجلت نهايته لأسباب غير معروفة ونجحت في تحضير جيد لنهاية المؤتمر الذي استمر 45 يوما وشاركت فيه قبائل صومالية وقطاعات أخرى من المجتمع الصومالي. وحضر حفل الختام الرئيس عبدالله يوسف أحمد ورئيس الوزراء علي محمد جيدي ورئيس البرلمان الشيخ آدم مدوب ومسؤولون من الدول المجاورة ودبلوماسيون من الأممالمتحدة وجامعة الدول العربية والاتحادين الإفريقي والأوروبي. حظي المؤتمر بتأييد دولي وإقليمي كبير فقد وصفه سفير الولاياتالمتحدة في نيروبي ميكل بانبيغر بأنه بداية طيبة وخطوة في الاتجاه الصحيح ودعا القائمين على هذا الشأن إلى مواصلة جهود المصالحة، وأوضح أن الرئيس يوسف ورئيس الوزراء جيدي ورئيس اللجنة المنظمة المؤتمر علي مهدي محمد دعوا المعارضة لحضور المؤتمر، إلا أنهم اختاروا رفض تلك الدعوة، وجدد دعم واشنطن للحكومة الصومالية ووقوفها إلى جانب الشعب الصومالي، وحث على تنفيذ توصيات المؤتمر وعلى تقاسم حقيقي للسلطة، ودعا الصوماليين إلى نبذ العنف والتطرف. ولم تمر نهاية مؤتمر المصالحة من دون انتقادات، فقد أوضح رئيس جناح شيوخ من قبيلة “الهوية” معارضين للحكومة الصومالية محمد حسن حاد أن المؤتمر انتهى من دون نتيجة، ولم يحرك ساكنا في حل النزاع السياسي والمشكلة الأمنية القائمة في الصومال. وقالت جمهورية أرض الصومال الانفصالية على لسان وزير خارجيتها عبدالله محمد دعالي الذي زار أديس أبابا مؤخراً إن المؤتمر خاص بما وصفها الأقاليم الجنوبية في الصومال، إلا أنه أكد استعداد الجمهورية الانفصالية للمساهمة في الجهود المبذولة لحل النزاعات في منطقة القرن الإفريقي ونفى تناول محادثات أجراها مؤخرا في نيروبي مع مسؤولين من السفارة الأمريكية في نيروبي إمكانية إقامة شراكة بين الحكومة الصومالية والجمهورية الانفصالية، وقال ان مباحثاته مع الدبلوماسيين الأمريكيين تركزت على تحقيق الديمقراطية والتنمية في “أرض الصومال” واعتبر الإسلاميون الصوماليون والمنشقون عن الحكومة الصومالية والبرلمان المقيمون في أسمرا المؤتمر مضيعة للوقت، وقالوا انه لا يمكن البحث في حل أزمة بلدهم في ظل الاحتلال الأثيوبي، وتعهدوا بعقد اجتماع يبدأ أعماله في أسمرا يوم الخميس المقبل، ويشارك فيه أكثر من أربعمائة من قيادات إسلامية وأعضاء ما يوصف بالبرلمان الحر وسياسيون بارزون ومثقفون ونشطاء في منظمات المجتمع المدني ومغتربون صوماليون. وقال رئيس البرلمان الصومالي السابق الشريف حسن شيخ آدم إن الاجتماع لا يناقش القضايا السياسية، وهدفه تشكيل جبهة تسعى إلى إنقاذ الشعب الصومالي وتحريره من الهيمنة الأثيوبية، إلا أن الاجتماع نفسه لم يخل من تحديات، ليس من الحكومة الصومالية التي اعتبرته تقويضا لجهود السلام فحسب، وإنما من المقاومة المسلحة المعارضة للوجود الأثيوبي في الصومال. وعبرت حركة شباب الجهاد “الجناح المسلح للمحاكم الإسلامية” في بيان نشر في موقع لها على شبكة الانترنت رفضها القاطع لاجتماع أسمرا الذي قال البيان إنه لا يختلف عن المؤتمرات الصومالية السابقة في جيبوتي وكينيا وغيرهما. وندد ببعض الإسلاميين الذين قال إنهم أبدوا استعدادهم للدخول في شراكة مع من وصفهم البيان بالعلمانيين وصنائع الدول الغربية. وقالت حركة “شباب الجهاد” إنها لا تقبل أنصاف الحلول، واعتبرت الاجتماع انحرافا عن الجادة، وإثارة بلبلة لدى الشعب الصومالي الذي يقاوم الاحتلال الأثيوبي، وأوضحت الحركة أن الحل لديها يكمن في إجبار القوات الأثيوبية على الانسحاب من الصومال وإقامة نظام إسلامي يطبق الشريعة الإسلامية وأظهر البيان انشقاقات في صفوف الإسلاميين الصوماليين حيث يعتبر رئيس اتحاد المحاكم الإسلامية الشيخ شريف الشيخ أحمد أول من دعا إلى اجتماع أسمرا، ويرى مراقبون أن التطورات الجارية في الساحة الصومالية والتحديات التي تواجه جهود المصالحة تدل على أن فصول الأزمة لم تنته بعد، وأن الطريق ما زال بعيدا لإيجاد تسوية دائمة للمشكلة الصومالية.