.. ولعل نموذج شباب القضاة ووكلاء النيابة وموقفهم الأخير من تدخلات السلطة فى شأن النيابة ليعبر عن التغيير الذى يقوده الشباب.
.. فوكلاء النيابة ما زالوا على احتجاجهم ضد تدخل السلطة التنفيذية ومحمد مرسى وجماعته فى فرض نائب عام خاص، وضح تماما أنه لن يكون محامى الشعب وضمير الأمة فى الادعاء.. وإنما يمثل مرسى وجماعته فى الادعاء على الناس.
.. وحتى ولو فشلت حركتهم الاحتجاجية ضد ممارسات السلطة التى استعادت وبشكل فجٍّ وفاجرٍ ما كان يفعله النظام السابق ضد القوى المحتجة على سياسات الاستبداد والفساد.. فإن موقفهم سيظل عالقا وسيزيد شأنه خلال الأيام القادمة.. وكما كان يحدث فى عهد مبارك من تراكم الاحتجاجات إلى أن خرجت ثورة الشعب بعد تحرك الشباب ضد النظام لإسقاطه.
لكن محمد مرسى وجماعته.. لا يتعظون!
.. ولعل من المفيد من حركة احتجاج وكلاء النيابة وشباب القضاء هو بناء حركة حقيقية لاستقلال القضاء بديلة عن الحركة التى قادها شيوخ.. تحولوا فجأة إلى استغلال القضاء.. كأنهم كانوا فى انتظار تلك اللحظة.. حيث رحبوا بمناصبهم التنفيذية الجديدة فى ظل النظام الجديد.. وساروا على نفس الخطى التى كانوا ينتقدونها.. والممارسات التى وقف الشعب معهم ضد ما كانت تفعله السلطة التنفيذية والأجهزة الأمنية التى كانت مسيطرة على كل شىء.. فتحولوا إلى قيادة تلك الممارسات تحت رعاية إخوانية هذه المرة، وبخطى أسوأ مما كانت عليه فى النظام السابق.
.. ورأيناهم يرون المحكمة الدستورية وهى محاصرة من أنصار محمد مرسى وبإيعاز من جماعته لمنعها من أداء عملها ونظر قضايا خطيرة لها تأثير على مستقبل البلد.. ولا يتحركون كأنهم متواطئون.. وربما يكونون هم أصحاب هذه الأفكار.
فى نفس الوقت الذى سكت فيه قضاة المحكمة الدستورية عن هذا الأمر رغم تضامن محاكم العالم معهم.. كأنهم ارتضوا بذلك الأمر واشتروا دماغهم فى نظر القضايا الخطيرة التى من بينها واقع مجلس شورى صهر محمد مرسى الباطل.. الذين كانت أحكامهم ربما تصحح هذا المسار التشريعى الذى لا نعرف إلى أين يأخذنا، من بلطجة «قانونية» وتمكين جماعة على حساب الشعب المصرى ومصادرة الحريات (راجعوا ما قاله ياسر برهامى أحد القيادات السلفية وأحد حلفاء الإخوان الآن).. واكتفوا السادة شيوخ المحكمة الدستورية ببيان أو بيانين، يقرأه علينا سيادة نائب رئيس المحكمة.. كأن كلا منهم يبحث عن نصيبه فى الكعكة القادمة بعد الهجوم التترى من الإخوان وحلفائهم عليهم فى دستور مشبوه.. وبدؤوا فى العمل على ذلك.. وتركوا الشعب لمصيره وارتضوا أن يكونوا «صامتين».. وهو أمر لن ينساه التاريخ فى حقهم.
لقد تركوا الشعب دون غطاء دستورى لتصحيح المسار الذى فرضته عليهم جماعة الإخوان ومندوبهم فى قصر الرئاسة، بالتدخل فى أعمال القضاء وتحصين قراراته من الطعن أمامها.. وتحصين مجلس شورى صهر الرئيس «الباطل» الذى أصبح من مهامه إصدار تشريعات ستكون باطلة.. بناء على استفتاء مزور على دستور مشبوه.. لندخل فى دوامة من البطلان.
أيضا فى وقت يصمت فيه شيوخ من القضاة على ما يجرى.. ويهرولون إلى قصر الرئاسة.. ولا يعترضون على تدخل السلطة التنفيذية فى أعمال القضاء.. ولا يتدخلون فى وقف مذبحة حقيقية للقضاء على يد الإخوان وجماعتهم من قضاة الاستغلال.
.. كما يصمتون على مهزلة الاستفتاء والتزوير الفج والفاجر لإرادة المواطنين الذين تخيلوا أن ذلك التزوير ذهب إلى غير رجعة مع سقوط مبارك ووزير داخليته.. فإذا بنظام جديد أكثر فجرا وتعديا على إرادة المواطنين.
إذن الأمل فى وكلاء النيابة لتجديد القضاء الذى يتم انتهاكه وذبحه يوميا على مذبح جماعة الإخوان ومندوبهم فى الرئاسة.