لماذا اللف والدوران الذى يتبعه مَن فى السلطة من جنرالات «العسكرى» إلى الرئيس محمد مرسى وجماعته؟! قبل كل شىء لا تصدقوا ما يزعمونه من أن الرئيس محمد مرسى منفصل عن جماعة الإخوان الآن، وأن الرئاسة شىء وجماعة الإخوان وحزب الحرية والعدالة شىء آخر.. هذا ما يردده بعض قيادات الإخوان، بل والمتحدث باسم الرئاسة د.ياسر على، لكن للأسف هذا غير صحيح، فواضح تمامًا من كل التصرفات التى يؤديها الرئيس مرسى أنه يسير على أجندة إخوانية واضحة، وإن كانت مرتبكة وبنفس نظام وطريقة الإخوان السرية، وكأنهم فى تنظيم تحت الأرض، على الرغم من أنهم الآن يمتلكون الأرض والسماء. ليست هناك شفافية مع الذين انتخبوهم ووثقوا بهم، فالقرارات تصدر فجأة، واللف والدوران مستمر، وانتهاكات القوانين مستمرة، وترزية القوانين شغالين وبطريقة أسوأ من التى كان يدير بها نظام مبارك المخلوع. ولعل إصدار الدكتور محمد مرسى قانون معايير «تأسيسية الدستور» أول من أمس، ونشره بتاريخ 11 يوليو فى ملحق تابع للجريدة الرسمية، لم يكن الأول ولن يكون الأخير فى استخدام الجريدة الرسمية فى الالتفاف على القانون، وبشكل مسرف، وبطريقة أكثر إسرافًا مما كان يفعله النظام السابق.. فقد أصبحت طريقة استخدام الجريدة الرسمية فى نشر القوانين والقرارات فجّة لدرجة التقزز.. أسرف فيها المجلس العسكرى، ويستمر على نفس المنوال الرئيس المرسى. فمن العيب أن يصدر القانون قبل 48 ساعة من نظر القضية المقامة أمام مجلس الدولة بشأن بطلان تشكيل اللجنة التأسيسية فى محاولة منه لتحصين اللجنة ومنع القضاء من إصدار قراره بالبطلان، وكأن ترزيتهم لم يعرفوا أن هناك حكمًا من المحكمة الدستورية بحل مجلس الشعب. وعلى الرغم من قرار مرسى بعودته فإن المحكمة الدستورية أوقفت القرار، وأعلن الرئيس احترامه لحكم المحكمة الدستورية، ويبدو أن كلامه كان «طق حنك» على رأى إخواننا اللبنانيين.. لأن تصرفه غير ذلك، فقد أصدر الرئيس مرسى القانون فى الجريدة الرسمية، باعتباره صادرًا من مجلس الشعب الذى انحل قبل ذلك بأسابيع. إنه «استهبال الناس.. واستعباطهم» بما فعله. كما استتبعت ذلك استقالة أعضاء من «الحرية والعدالة» وحلفائهم فى «النور» من اللجنة التأسيسية باعتبارهم أعضاء فى مجلس الشورى، وهو الأمر المطعون عليه أيضا، وكان سببًا فى إبطال اللجنة التأسيسية الأولى، ولكن ماذا عن أعضاء مجلس الشعب أيضا فى «التأسيسية».. وبلاش لف ودوران مرة أخرى، من اعتبارهم شخصيات عامة..؟ وبالمناسبة سيمثل بديلا لهؤلاء من أعضاء «الحرية والعدالة» وحلفائهم أيضا.. يعنى تشكيل اللجنة سيكون بالنسب نفسها التى يحافظ عليها الإخوان. ومع هذا فإن محاولتهم تحصين «التأسيسية» باطلة، لأنه لم يصدر القانون فى فترة انعقاد مجلس الشعب. فمن العيب على الرئيس وجماعته محاولة التدخل فى أحكام القضاء بالاستباق بهذه التصرفات للتأثير على الحكم الذى سيصدر. يحدث ذلك.. وأمامه فرصة تاريخية لأن يخرج للناس ويقول بشفافية إن هناك أخطاء حدثت، وإنه يحترم أحكام القضاء جديًّا، وسينفذ أحكامه، وأن يعود إلى الطريق الصحيح بدلا من اللف والدوران والطرق المعوجة التى جعلت الناس يدركون أنه لم تحدث ثورة فى البلاد ضد الاستبداد والفساد وأنهم استبدلوا نظاما بنظام آخر مماثل، ويلعنون الثورة. إنهم يفتقرون إلى الشفافية، وما زالوا يتعاملون وكأنهم فى تنظيم سرى. يا أيها الذين فى التنظيم السرى.. اظهروا وخاطِبوا الناس بشفافية.