«هل هناك ضوابط وقوانين تحدد نسبة الفواصل والمواد الإعلانية التي يتم عرضها علي القنوات الفضائية؟» سؤال مشروع وطبيعي جداً بدر إلي أذهان الملايين من المشاهدين الذين ضاقت صدورهم بهذا العدد الجنوني من الإعلانات الذي تبثه الفضائيات ليل نهار لتفسد علي الناس مشاهدتهم واستمتاعهم بالبرامج والمسلسلات والأفلام التي لجأوا إليها لتخفيف بعض مما يرونه في حياتهم اليومية. طرحنا هذا السؤال علي عدد من أساتذة الإعلام وخبراء الإعلان باحثين عن إجابة له. في البداية يقول الدكتور عدلي سيد رضا، رئيس قسم الإذاعة والتلفزيون بكلية الإعلام جامعة القاهرة: إن القنوات في العالم كله تحدد نسبة معينة للإعلانات المعروضة في المواد التلفزيونية بحيث لا تتعدي نسبة الإعلانات 10% من إجمالي مدة الحلقة أو المادة، كما أن مدة كل فاصل إعلاني لا تزيد علي ست دقائق علي عكس ما يحدث في قنواتنا التي أصبحت الإعلانات تمثل نصف مدة برامجها أو أكثر من ثلاثة أرباعها، وحتي البرامج الحوارية التي تحتاج إلي تركيز المشاهد أصبحت الإعلانات طاغية علي ما يدور فيها. وأضاف أن عدم وجود ضوابط قانونية يتطلب من القنوات أن تكون لديها ضوابط أخلاقية ومراعاة لحق المشاهد في وجود مناخ مناسب لتلقي الرسالة الإعلامية وعدم المبالغة في عرض الفواصل الإعلانية، فليس معني أن صناعة الإعلام مكلفة أن يكون البحث عن المواد والماديات علي حساب المشاهد الذي يشاهد الوسيلة الإعلامية بهدف التسلية والاستمتاع بما تعرضه. أما الدكتور صفوت العالم أستاذ الإعلان والرأي العام بكلية الإعلام جامعة القاهرة فيري أنه من الطبيعي أن تكون هناك مراعاة لحقوق المشاهدين في مشاهدة طبيعية دون أن تشتتهم الفواصل المفتعلة، بل إنه يري أن بعض مخرجي المسلسلات أصبحوا يقدمون مشاهد صالحة لعرض فواصل في وسطها! وأشار العالم إلي أن القنوات تهدف إلي تغطية مواردها من عوائد هذه المواد الإعلانية، إلا أن هذه الفواصل الإعلانية أصبحت تصيب المشاهدين بالملل، خصوصا تلك التي تحتوي علي مقاطع من برامج أخري تذيعها القناة، فتجد أن مثل هذه المواد تكررت علي شاشة القناة أكثر من عشرين مرة في اليوم، وكأن القناة تسعي لتحفيظها للمشاهد الذي أصبح يفقد أي رغبة أو متعة في متابعة الفيلم أو المسلسل الذي يشاهده. وأضاف العالم أن بعض الدراسات التي أجريت مؤخرا أثبتت أن الفواصل المتكررة تجعل المشاهد يقرر الانتقال إلي مشاهدة قناة أخري، ليبحث عن مواد أخري تجذبه سواء كانت أخبارًا أو فيديو كليب أو مباراة كرة قدم، وهو أمر طبيعي في ظل وجود عدد كبير من البدائل من القنوات الفضائية التي أصبحت منتشرة ويعرض معظمها نفس المواد، بالإضافة إلي فقدان الرغبة والاستمتاع بالمواد المعروضة بسبب زيادة مساحة تلك الإعلانات وعدم سير أحداث العمل في تسلسلها الطبيعي. أما الدكتور محمود يوسف رئيس قسم العلاقات العامة والإعلان بكلية الإعلام جامعة القاهرة فأكد أن زيادة نسبة الإعلانات بهذا الشكل تعمل علي تشتيت ذهن المشاهد، فالنسبة العلمية لمدة الإعلانات بالنسبة للعمل الفني هي 10%، بمعني أن العمل الفني لو مدته 100 دقيقة تصبح نسبة الإعلانات 10 دقائق فقط، لكن عندما تزيد مدة الفقرة الإعلانية عن النصف ساعة، فبالتأكيد سينسي المشاهد تفاصيل وأحداث العمل الفني الذي كان يتابعه قبل الفاصل. وأضاف أن زيادة نسبة الإعلان بهذا الشكل تجعل المضمون الإعلاني يطغي علي المضمون الإعلامي.