رحلة الدكتور البرادعي الحالية خارج مصر.. لم تقنع بعض الأقلام المحايدة أو المحسوبة علي النظام.. بسبب غياب الرجل طيلة شهر كامل عن مصر.. رغم حالة الحراك السياسي الكبير الذي أحدثه بعد عودته.. بشكل لم يتوقعه الحزب الحاكم.. خاصة حواراته إلي وسائل الإعلام ثم اجتماعه ببعض رموز المعارضة المصرية. فقد تحفظ د.عبد المنعم سعيد في مقال مطول بالأهرام علي سفر الرجل.. بسبب ترك مريديه طوال شهر كامل.. ورأي أن الأجدر بالبرادعي بقاؤه في القاهرة دون مغادرة.. حيث كان بإمكانه إنجاز ارتباطاته الدولية في أيام قليلة وليس شهرا كاملا.. ورأي أن البرادعي كان يستطيع السفر للخارج والعودة سريعا دون إطالة بالخارج.. (تشعر أثناء قراءة مقال الدكتور سعيد كأن قلبه علي مصلحة الدكتور البرادعي!!!) ولم تخل مقالة رئيس مجلس إدارة الأهرام من تذكير البرادعي بامتلاك مصر أكثر من مطار دولي يمكِّنه من مغادرة البلاد في أي وقت. وبعيدا عن الغمز واللمز اللذين حفل بهما المقال السابق.. فإن بعض مؤيدي البرادعي رأوا أن دعوته لتعديل الدستور.. لفتح الطريق أمام المستقلين لخوض الانتخابات الرئاسية.. تحتاج مزيدا من الوقت لتفعيلها عبر ممارسة الضغط علي الحكم.. وأن الوقت يكاد يضيق أمام تحقيق تلك الرغبة.. بسبب اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية ثم سيعقبها العام المقبل الانتخابات الرئاسية.. ورأوا أن ماسبق كان يستدعي بقاء البرادعي في القاهرة.. وعدم إضاعة زمن يتجاوز الشهر.. هي مدة سفره خارج مصر. ومع وجاهة هذا الطرح الذي لا يمكن أن يغيب عن ذهن رجل يتمتع بالذكاء والخبرة السياسية مثل البرادعي.. يصبح السؤال هو: لماذا إذن سافر البرادعي رغم الحاجة إلي وجوده داخل مصر؟!. ظني أن هناك سببين دفعا الرجل للسفر خارج البلاد في هذا التوقيت طيلة شهر كامل.. أولهما: إن البرادعي في رحلته الحالية التي زار فيها أكثر من عاصمة دولية والتقي خلالها أكثر من شخصية دولية.. فإنه في تلك اللقاءات كان يريد أن يعرف رد الفعل الدولي تجاه ما أحدثه في القاهرة من حراك.. ومعرفة حجم ومدي التأييد الدولي له إذا قرر خوض انتخابات الرئاسة.. وظني أن الرجل وخلال تلك الرحلة قد تكونت لديه رؤية حول حجم التأييد الدولي له. السبب الثاني: يتمثل في رغبة الدكتور البرادعي في اختبار كل من حضروا إليه في منزله من رموز المعارضة المصرية.. وحيث إنهم قد التفوا حوله وقرروا تكوين الجمعية الوطنية للتغيير.. التي تم تكليفها بجمع توقيعات المواطنين لتغيير الدستور ونشر دعوته عبر وسائل الإعلام.. لذا فإنه قد رأي أن في غيابه ثم عودته.. ماسيمكنه من تقييم تجربة الجمعية الوطنية للتغيير.. وكذلك تقييم أداء وثقل من حضروا إلي منزله.. وبناء عليه سوف يحدد إمكانية استمراره بالعمل مع هؤلاء المعارضين أم تغيير آلياته وأدواته والأشخاص الذين سيتعامل معهم. إذا صح ماذهبت إليه من أسباب لغياب البرادعي.. فإنه يكشف عن ذكاء الرجل وحنكته.. لذا يمكننا توقع تغيير كبير في استراتيجية عمله السياسي بعد عودته من الخارج.. وتقديري أن الرجل سيكون مختلفا في تحركاته من أجل تفعيل رغبته وهدفه بتعديل الدستور بناء علي العاملين السابقين.