قبل نهاية شهر مارس يذهب المنتخب الأوليمبي إلي القدس، حيث يصلي اللاعبون في المسجد الأقصي، بينما «هاني رمزي» مدرب الفريق يصلي في كنيسة القيامة قبل المباراة المرتقبة بين الفريقين المصري والفلسطيني، لا أتصور أن يتم ذلك - لا أقول - بدون موافقة ولكن بتعضيد مباشر بل ورغبة ملحة من الدولة المصرية.. إنه قرار سياسي بالدرجة الأولي.. وهو يعد اختراقاً للموقف العام الذي اتخذته مصر والعالم العربي لإيقاف التطبيع.. إنه تطبيع مغموس أولاً بالرياضة وهي وسيلة للتقارب والألفة بين الشعوب تحت غطاء مناصرة العرب الفلسطينيين في القدس.. ثانياً فإن تلك الزيارة مغموسة أيضاً بقيمة دينية، المسلمون يصلون في الجامع والمسيحيون في الكنيسة.. وبعد ذلك ما الذي يمنع أن تسافر فرقة غنائية مصرية، ونشارك في المهرجانات بوفود ضخمة، إنها دائماً البدايات أيضاً بحجة المناصرة السياسية.. لماذا يحدث ذلك الآن منذ 30 عاماً بعد توقيع الاتفاقية؟ لأن الموقف العام العربي خاصة بين المثقفين والفنانين بدأ يشهد عدة اختراقات كلها تتحرك تحت غطاء براق وإنساني وهو التضامن مع العرب في الأراضي المحتلة رغم أننا من الممكن أن نحققه بأشكال عديدة داخل البلاد العربية فأغلب المهرجانات العربية تسمح لما يعرف بعرب 48 الذين يعيشون داخل «الخط الأخضر» الأراضي التي تحتلها إسرائيل أمثال المخرجين «إيليا سليمان» و«ميشيل خليفي» و«هاني أبو أسعد» هؤلاء مرحب بهم لاشتراك أفلامهم في المهرجانات العربية.. لا قيود وما تريده إسرائيل تحديداً هو أن تتسلل الوفود العربية الرياضية والفنية إلي القدس والحصول علي التأشيرة الإسرائيلية من هذا الباب الذي يفتح بدون قيد ولا شرط ولن يستطيع أحد إغلاقه بعد ذلك.. الاختراق الديني بدعوي الصلاة استطاع «البابا شنودة» منعه تماماً عندما قال بحسم إنه لن يدخل القدس للصلاة في الكنيسة إلا بعد تحرير القدس وعودة الحقوق المشروعة للفلسطينيين.. أظنها رسالة واضحة جداً.. إلا أننا شاهدنا العديد من الاختراقات أكثر من مطرب مصري أو عربي سافر وغني أكثر من تصريح لفنان استمعنا إليه وهو يقول وفيها ايه لماذا لا نحصل علي حقوقنا المادية إنهم يعرضون أفلامنا وأغانينا بدون أن يدفعوا شيئاً.. لكل هؤلاء أقدم لهم هذه الحكاية للشاعر الكبير الراحل «أحمد شفيق كامل» والطرف الثاني من الحكاية هو شاعرنا الكبير رئيس جمعية المؤلفين والملحنين السابق «عمر بطيشة» فوجئ «أحمد شفيق كامل» بمكالمة قبل عامين من مجهول يتحدث بالعربية ويقول له سوف أرسل لك شيكا علي بياض لتحديد المبلغ المطلوب من أجل أن نضع أغنية «انت عمري» علي C.D وبيعها لإسرائيل أغلق «شفيق كامل» السماعة في وجهه بعدها وصل إلي إدارة جمعية المؤلفين والملحنين بالقاهرة خطاب مماثل من إدارة الشركة للحصول علي موافقة «شفيق كامل».. وعندما أخبره «عمر بطيشة» بفحوي الرسالة قال له «يغوروا هم وفلوسهم» ولا يزال الشرفاء في بلادنا يقولون أيضاً «يغوروا هم وفلوسهم»!!