أن يخسر مصنع لإنتاج الحديد في الوقت الحالي.. فهذا خبر ينفيه الواقع والميزانيات السنوية لشركات الحديد في مصر.. لكن شركة الحديد والصلب في حلوان كسرت القاعدة.. بعد أن أصبحت ومنذ سنوات تحقق خسائر سنوية بلغت نصف مليار جنيه.. والسؤال: لماذا تكسب كل شركات حديد القطاع الخاص بينما تخسر شركة حلوان المملوكة للدولة؟! يزداد العجب عندما تقارن بين إمكانيات حديد حلوان ونظيراتها في القطاع الخاص.. فحديد حلوان التي أنشئت عام 54 تبلغ مساحتها أربعة آلاف فدان، ويعمل بها 13 ألف عامل، وتمتلك 500مليون سهم مسجل و10 ملايين سهم يتم تداولها بالبورصة، (ملحوظة: سعر السهم بالبورصة 13 جنيهًا، وهو سعر غير عادل بسبب تراجع البورصات المصرية والعالمية.. أي أن القيمة السوقية للأسهم في حدها الأدني تصل قرابة سبعة مليارات جنيه). نحن إذن أمام قلعة لصناعة الحديد بالشرق الأوسط.. فكيف لشركة تمتلك كل تلك الإمكانيات الهائلة أن تحقق خسائر بالمليارات.. بينما شركات أخري لم يمض علي إنشائها سوي سنوات معدودة ولا تمتلك شيئًا من إمكانيات شركة حديد حلوان تحقق مكاسب مليارية، بل تقتطع حصصا احتكارية بالسوق وصلت 67%.. حسب بيانات جهاز حماية المنافسة ومنع الاحتكار. من يقف وراء هدم هذه القلعة الصناعية ويسعي بكل طاقته لتخسيرها حتي يتم خصخصتها.. وبيعها بثمن بخس مقابل دراهم معدودة.. مثلما جري في قلاع صناعية أخري كالمراجل البخارية وغيرها؟! في التحقيق الصحفي الذي نشرته الأهرام (3مارس) عن خسائر حديد حلوان ستكتشف في كل سطر منه المحاولات الدؤوبة لتركيع هذا الكيان العملاق؛ حتي إن العاملين به يتوقعون أن يكون الانهيار هو مصير الشركة العملاقة بعد أن حددوا الأسباب التي تعيق انطلاقها وأدت إلي تخسيرها.. مثل إغراق السوق المصرية بمنتجات مستوردة مماثلة من حيث الشكل فقط لتلك التي تنتجها الشركة، مرورًا بارتفاع أسعار الطاقة، وانتهاء بتضاعف أسعار شحن الحديد الخام من منجم الواحات البحرية إلي مقر الشركة بالتبين، ونتج عن ذلك تراجع الإنتاج إلي الثلث بعد توقف نصف أفرانها عن العمل، وتراجعت معدلات التصدير، والنتيجة خسائر بلغت 6مليارات جنيه مما يؤكد الاتجاه إلي تصفيتها. وقد سعت إدارة الشركة إلي تقديم تصوراتها للخروج من عثرتها الراهنة، وقدمت أكثر من اقتراح للحكومة، كما قدم أحد أبناء الشركة وهو النائب علي فتح الباب بيانا عاجلا بمجلس الشعب.. وقد أحاله فتحي سرور إلي ثلاث لجان إحداها كانت لجنة الخطة والموازنة التي يرأسها رجل الأعمال أحمد عز(!!) الذي تمارس مصانعه المنتجة للحديد سياسة احتكارية بعبارة أخري أصبح أحمد عز قاضيا وخصما ومطلوب منه بصفته النيابية بالمجلس إيجاد الحلول لشركة حديد حلوان كي تخرج من مأزقها لتنافس مصانعه المنتجة للحديد!!. كما أرسلت إدارة حديد حلوان أكثر من مذكرة لوزير الصناعة تناشده التدخل العاجل مع تحميل الحكومة المسئولية عن فتح الباب علي مصراعيه أمام الحديد المستورد، مما أدي إلي تراكم المخزون في الشركة، وتقليل الإنتاج، فحققت الشركة خسائر بلغت 320 مليون جنيه خلال الشهور القليلة الماضية. الحل يكمن في سؤال للحكومة وهو: هل تريد الحكومة فعلا إقالة شركة حديد حلوان من عثرتها.. أم أن هناك هوي في النفس يميل إلي زيادة تخسيرها حتي تتم خصخصتها بتراب الفلوس لتقع في حجر من يريدون من رجال الأعمال؟. هذا هو السؤال الذي ننتظر إجابته من رئيس الحكومة ووزيري الصناعة والاستثمار.. وما دون ذلك فهو حديث بلا طائل أو معني.