"الحرية المصري": كلمة الرئيس تجدد عهد الدولة بثوابت 30 يونيو    الدولار يتراجع مع تقييم الأسواق لاحتمال إبرام اتفاقيات تجارية    ارتفاع إنتاج النفط الخام بالولايات المتحدة لمستوى قياسي خلال أبريل    السيسي يبحث مع رئيس الوزراء الكندي سبل تعزيز العلاقات الثنائية    بعد شهادات الجنود.. قادة بالجيش الإسرائيلي يقرون بقتل المجوعين في غزة    إذاعة جيش الاحتلال: زيارة نتنياهو لواشنطن قد تتم مطلع الأسبوع المقبل    ميرزويان يدعو لافروف لعدم التدخل في الشئون الداخلية لأرمينيا    بيراميدز يفتح باب اختبارات الناشئات استعدادًا للموسم الجديد    تشكيل إنتر ميلان الرسمي لمواجهة فلومينينسي في كأس العالم للأندية    قنا: تحرير 230 مخالفة تموينية في 4 أيام.. حملات مكثفة تضبط الأسواق وتراجع الأرصدة والأسعار    بيان بشأن الخدمات المقدمة للمحامين في إطار تنفيذ رؤية مصر 2030    رايات حمراء وصفراء وخضراء.. إقبال ضعيف من المصطافين على شواطئ الإسكندرية    خلاف ميراث ينتهي بجريمة قتل مأساوية في زراعات الموز بقنا    نقل 6 مصابين إلى مستشفى الباجور إثر تصادم سيارتين على الطريق الإقليمي بالمنوفية    وليد منصور: شيرين صوت مصر وأم كلثوم العصر الحديث.. والهجوم عليها لجان فاشلة    فنانين خالدين في وجدان يحيى الفخراني.. تعرف عليهم    دعاء الصباح مكتوب وبالصور.. ابدأ يومك بالبركة والسكينة    عميد طب قصر العيني: إنتاج أول جهاز تنفس صناعي صحوة للصناعة الوطنية.. والتجارب نجحت بالكامل    تنس طاولة.. سيدات بتروجت يحققن لقب الدوري الممتاز    بالفيديو.. تعرف على الشروط العامة للقبول بالكليات العسكرية دفعة أكتوبر 2025    «ترابي وناري ومائي».. تعرف على لغة الحب لكل برج حسب نوعه    رئيس الجالية المصرية في النرويج: ثورة 30 يونيو بداية عهد جديد من العمل الجاد والتنمية الشاملة    محافظ المنوفية يقدم واجب العزاء لوالد سائق حادث الطريق الإقليمي بمنزله في «طملاي»    تقديم خدمات طبية مجانية ل 6 آلاف مواطن في المنيا خلال يونيو    رئيس حزب "المصريين الأحرار": 30 يونيو أعظم ثورة في تاريخ مصر الحديث    سيامة دياكون جديد بالكنيسة المرقسية بالأزبكية    عضو بمركز الأزهر: الوضوء عبادة عظيمة ذات أثر نفسي وروحي ومادي    بقيمة 103.5 مليون يورو.. مجلس النواب يوافق على اتفاقية تعاون مع ألمانيا    «التنظيم والإدارة» يعلن مسابقة لتعيين 14031 معلم مساعد لغة عربية    يويفا يؤجل قراره بشأن مشاركة كريستال بالاس في الدوري الأوروبي    على إيقاع الطبيعة الساحرة.. هكذا يمارس السائحون الرياضة في جنوب سيناء    آخر رايات الأندلس وسقوط القمر على مسرحي روض الفرج والسامر ضمن مهرجان فرق الأقاليم    بالصور.. إحباط تهريب عشرات الزواحف والكائنات النادرة بمطار القاهرة    مدبولي: التعاون الإنمائي الدولي بات أمرًا ضروريًا لتحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030    ما هو حق الطريق؟.. أسامة الجندي يجيب    البلجيكى يانيك فيريرا الأقرب لقيادة الزمالك.. ومدرب آخر يعطل التوقيع    4.8 مليار متر مكعب سنويا، الري تنفذ مشروعات جديدة لإعادة استخدام المياه    وجه الشكر للأطقم الطبية.. وزير الصحة: 300 مستشفى لاستقبال مصابي غزة للعلاج في مصر    انطلاق القوافل الطبية العلاجية بالجيزة غدا- تفاصيل    ماذا يحدث للجسم عند تناول ماء الكمون مع الملح الاسود؟    هانى سرى الدين: ضريبة السجائر والكحوليات والبترول الخام ضمن الإصلاحات الهيكلية    التنظيم والإدارة يعلن عن حاجة «النقل النهري» لتعيين 57 مهندساً    الرئيس اللبناني يشدد على انسحاب إسرائيل من التلال الخمس ويدعو لاستمرار دعم "اليونيفيل"    الداخلية تكشف تفاصيل فيديو «ميكروباصات عكس الاتجاه»    الشافعي يساند شيرين عبد الوهاب بعد جدل إطلالتها في موازين: «رمز القوة»    منة شلبي تشوق جمهورها ببرومو "هيبتا 2".. الحب يعود بصيغة جديدة    الرقابة المالية توافق على تأسيس "صندوق استثمار عقاري ومعادن"    دورتموند يتحدى مفاجآت مونتيري بدور ال16 بمونديال الأندية    جمال ما لم يكتمل.. حين يكون النقص حياة    آسر ياسين يكشف تفاصيل ارتباطه بزوجته: «حماتي قالت عليا بتهته في الكلام»    السيسي: مصر تبذل أقصى جهودها لدعم الأمن والاستقرار في ليبيا    عماد الدين حسين: أداء الحكومة في التعامل مع حادث الطريق الإقليمي يأخذ 4.5 من 10    مقتل شخصين فى إطلاق النار على رجال إطفاء بولاية أيداهو الأمريكية    جوارديولا: مانشستر سيتي سيعاني أمام الهلال.. و«الزعيم» يفتقد الدوسري    «الرقابة النووية» تطلق العدد السابع من مجلتها التوعوية بعنوان «الأمن المستدام»    ما فضل صيام يوم عاشوراء؟.. أجرٌ عظيم وتكفيرٌ للسنة الماضية    ترامب يتهم جيروم باول بإبقاء معدلات الفائدة مرتفعة بصورة مصطنعة    نجم الاتحاد السكندري يُعلن رحيله    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إبراهيم عيسى يكتب:الرئيس وخطبة الجمعة التى ألقاها يوم السبت!
نشر في الدستور الأصلي يوم 08 - 10 - 2012

خطاب الرئيس مرسى بين جماهير جماعته وجمهور طلائع الجيش فى استاد ناصر هو أفضل خطاب من خطاباته الكثيرة المفرطة.
صحيح أنه خطاب طويل ممل، ساعته الأولى عبارة عن رطانة تقليدية من كتاب الخطب المنبرية، كرر فيها الرئيس مرسى كل موضوعات التعبير التى كتبها تلاميذ مصر عن حرب أكتوبر ولم يلفظ الرئيس جملة واحدة مختلفة أو جديدة أو تحمل زاوية خلاقة أو رؤية مبدعة للحرب، لكنه كلام مكرور وثرثرة مُعادة لخطيب مكبل بالبلاغة البالية، وفى ظل الاحتفال الحفى بنصر أكتوبر فإن مرسى لم يذكر بحرف أو لفظ اسم الرئيس السادات بطل وقائد الحرب حتى على سبيل الترحم على الرجل الذى أخرج الإخوان من قبْو المعتقلات وأمّنهم من خوف، بل وكان بين حضور المنصة المحكوم عليهم فى قضية قتل السادات فى افتقار إلى الحد الأدنى من اللياقة السياسية والإنسانية.

ثم إن الرئيس مرسى استغرق وقتا فى تكرار التحية للجيش وقادته الذين وقفوا، (بل وعبروا!) مع الشعب فى خمسة وعشرين يناير، ولكن المدهش أن المشير طنطاوى والفريق عنان لم يكن أيهما فى هذا الاحتفال ولو بشكل بروتوكولى هش، فالرجلان وعدد من أعضاء المجلس العسكرى الذين أحالهم مرسى للتقاعد غابوا أو غُيِّبوا، فالبعض منهم على ما يبدو سيكون فى السجن مع نهاية هذا العام.
لكن لماذا أصبح هذا الخطاب هو درة خطابات مرسى فى المئة يوم إذن؟

لأن الرئيس فى الساعة الثانية للخطاب كان مضغوطا وعصبيا، فصار أقل قدرة على التحكم فى مشاعره، ومن ثم أكثر تحررا فى التعبير عن أفكاره ومواقفه الحقيقية، ومن هنا كان الخطاب مهما وفارقا.

كل ما قاله مرسى عن الاقتصاد يجعلنا أمام جمال مبارك وقد أطلق لحيته، وكل الأرقام التى ذكرها مرسى تشى بأننا لم نقم بثورة على سياسة مبارك، فالأرقام عن الدعم ووصوله إلى مستحقيه وعن التجار الذين ينهبون الدعم ويسرقون الفقراء وعن تحمل الدولة أعباء الدعم للفقراء وعدم المساس بالفقراء الذين يسكنون فى القلب والثرثرة عن تعطيل سائقى الميكروباص، والأطباء وإضراباتهم، وعجلة الإنتاج هو نفسه كلام مبارك ونظامه ورجاله، بل إن مبارك ورجاله لم يصلوا يوما إلى درجة الدفاع عن صندوق النقد الدولى، فهى جرأة لا تليق إلا برئيس أصابته الانتقادات بالتوتر.

وقائمة الإنجازات الباهتة عن الاستثمارات القادمة والبورصة التى سردها فخورا لا تصل إلى ما حققه أحمد نظيف، والشهادات الواهية التى تشعبط فيها خطاب الرئيس، وجاءته من مؤسسات دولية هى أقل بكثير جدا من مدائح هذه الهيئات نفسها فى نظيف وبطرس غالى، ولعل الرئيس يذكر أن مصر ثارت رغم هذه النجاحات أو ربما بسببها.

إذن نحن أمام سياسة اقتصادية إخوانية لا تختلف عن مبارك فى شىء وبنفس العلاج للمشكلات وذات منهجهم فى الحلول الاقتصادية، وإن قلت لى إنهم ليسوا فاسدين مثل نظام مبارك أقُل لك: أعتقد، لكن لِننتظرْ ونرَ.

ثم ننتقل إلى علاقة الرئيس بمعارضيه، وهى لا تختلف إطلاقا عن نظام مبارك الفرعونى كذلك، فهو يتهم معارضيه بتجاهل النجاح، ويلجأ مرسى إلى نفس الاتهام المبتذَل: إن المعارضين لا يرون إلا السلبيات وإنهم لا يطرحون رؤية ولا يقدمون حلولا (كل أحزاب المعارضة لها برامج للحلول، ولو الرئيس مهتم يروح يقراها)، وإن المعارضة طبقا للرئيس مرسى عميلة، حيث يرتبط بعضها مع النظام السابق، والرئيس قال «البعض» حتى ترتمى التهمة على الجميع، وهى تهمة، كما ترى، من نفس النوعية الرخيصة التى كان يطلقها مبارك ورجاله على معارضيهم الذين كانوا موضع اتهامات بالتعاون أو التعامل مع الإخوان وتلقِّى أموال ودعمٍ منهم.

نفس تُهم التدنى السياسى، لكن الإضافة الجديدة من الرئيس المصلِّى محمد مرسى أنه اتَّهم منتقديه على مواكب الصلاة الرئاسية بأنهم مش بتوع صلاة الفجر، وطبعًا الرئيس الذى يصلى أمام الكاميرات ويصحب آلاف الجنود والضباط والقناصة والحرس والموظفين والسيارات والمدرعات ويعطل المرور ويشل حركة الشوارع كى يركع لله أمام عدسات البشر، صار يحكم على معارضيه بأنهم لا يعرفون صلاة الفجر، حيث يتطلب الأمر من هنا ورايح أن يسجل المعارضون صلاتهم فيديو، وهكذا فإن الرئيس المصلى بات فورا من المطوّعين الذين يسألون الناس عن صلاتهم، ولا أعرف لماذا لا يخصص الرئيس بالمرة شرطة تتابع صلاة وزكاة وصيام المعارضين. حسنًا، إن الرئيس مهتم بالانتقادات، لكنه يلجأ إلى كلام وهمى من نوع أن الحرس الجمهورى متطوع، وهو ما يدخل فى باب النكتة التى تثير غَمَمانًا فى النفس، فإن الرئيس كذلك تورط فى فخ التفتيش فى الضمائر وفى نوع من الإرهاب الدينى، وحسبى أن أقول للرئيس إننا لا نصلى لك ولا لكى تشهد لنا بالصلاة، فاهْتمّ بصلاتك أنت ودع لله صلاتنا.

ثم يلحّ الرئيس بنفس الحجج المباركية السقيمة فى الدفاع عن زياراته للخارج التى يقدم عنها دعاوى، تؤكد نجاحه فى الاقتراض من الدول، كأنه يقول لنا كما قال سلفه: أجيبلكم منين؟! وكأنه يشحت علينا، فلا داعى للعكننة عليه وسؤاله عن جدوى وتكاليف هذه السفريات. والحقيقة أننا فى انتظار تقرير لجهاز المحاسبات، ولعله هذه المرة يتسم بالشجاعة والوطنية ويكشف حسابات وإنفاقات الرئاسة بدلا من التعمية عليها، حتى يعرف الشعب أىَّ منقلَب ينقلبون، وأرجو أن يراجع الرئيس من أخبره أن بدل السفر خمسة وستون دولارا وبلاش يرفده، كفاية خصم فقط.

لكن أهم ما فى هذا الخطاب على الإطلاق هو زعم الرئيس أن الفائدة الواحد والنصف فى المئة ليست رِبا وأنه لن يرضى أن يأكل الشعب بالرِّبا، فقد صار لدينا الرئيس المفتى، ولقد ذكّرنى الرئيس بالشيخ الذى استضفته ذات مرة فى حلقة عن فوائد البنوك، وسألنى قبل التسجيل: عايزها حلال ولّا حرام؟!
سيدى الرئيس، هناك فتوى من مشيخة الأزهر متجددة وموثَّقة، تؤكد أن فوائد البنوك حلال، وأنها ليست رِبا، فاعتمد عليها بدلًا من تلبيس السياسة عمة وتسييح الحق على الباطل، فالناس انتخبتك رئيسا لا مفتيا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.