«الانتقادات الموجهة لتشكيل المجلس القومي لحقوق الإنسان، في محلها»، لم يكن هذا التصريح الصادم لمن اختاره نائبا لرئيس ذلك المجلس، غريبا على يساري مخضرم وباحث له مؤلفات ودراسات ضخمة، مثل عبد الغفار شكر، الذي بدأ مسيرة نشاطه السياسي كواحد من قيادات منظمة الشباب في ستينات القرن العشرين، قبل أن يشارك في تأسيس حزب التجمع، لكنه ترك التجمع بعد خلافات واضحة مع قياداته، ليؤسس حزب التحالف الشعبي الاشتراكي. شكر لم يكتف بتبرير انتقاد تشكيل المجلس القومي لحقوق الإنسان، بل شارك في الهجوم على هذا التشكيل غير المتكافئ، مؤكدا أنه «لا يعبر عن كل التيارات السياسية».
الآن؛ حيث ما زالت أزمة تشكيل «قومي حقوق الإنسان» في حموتها، التقت «التحرير» عبد الغفار شكر، لتبحث معه تلك المسألة ومسائل سياسية أخرى، تعصف بالمشهد السياسي المصري.
- نبدأ باستفسار يحمل طعم الاتهام، عن تصريحك بأن «قبولك لمنصب نائب رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان، ذي الأغلبية الإسلامية، بات محللا لتشكيل به عوار شديد».. فما ردك؟
* الحقيقة لي نشاط في مجال حقوق الإنسان من 30 سنة، ومشارك رئيسي في المؤتمرات والندوات التي عقدت بأوراق بحثية ولي كتب ودراسات تعتمد عليها المنظمات الرئيسية في مجال حقوق الإنسان في مصر مشاركتي في مؤتمراتها وندواتها وأبحاثها، منها مركز القاهرة لحقوق الإنسان والمنظمتين المصرية والعربية لحقوق الإنسان، والجمعية المصرية للنهوض بالمشاركة المجتمعية وغيرها من المؤسسات، فأنا شغوف بالعمل فى مجال حقوق الإنسان منذ زمن بعيد، بل يكاد يكون المجال الرئيسي لنشاطى.. وهناك منهجان في العمل السياسي؛ أحدهم أن تنعزل تماما عن أي مؤسسات ترى أن فيها أعضاء لا يتفقون معك في المواقف والميول السياسية، ومنهج آخر يرى أن تكون متواجدا وتكون الفيصل والممثل، وأنا دائما اختار المنهج الثاني.. وكنت في عديد من الهيئات التى تجمع أطراف مختلفة، فأسسنا «كفاية» وكان فيها شخصيات من كافة الاتجاهات، وأسسنا الجمعية الوطنية للتغير وكان فيها الجميع بما فيهم الإخوان، وكنت رئيس لجنة الدفاع عن سجناء الرأي، حينما لم يكن في السجون خلال التسعينات إلا الإخوان المسلمين، فلدي فرق كبير بين أن أقوم بدوري في مجال حقوق الإنسان وبين المواقف السياسية.. والفيصل بين أن أكون «حلية» في صدر هذا المجلس، الذى يهيمن عليه الإخوان أم لا هو الممارسة، فطوال تاريخي كله لم أهادن أحدا، وأتمتع بمصداقية عالية في المجتمع، واتخذت مواقف واضحة وصريحة، ومازلت حتى الآن، ولو رصدت كل ما ينشر على لساني من ستة شهور ستجد أن لي انتقادات حادة وقوية ضد سياسات ومواقف الإخوان المسلمين، لكن هذا لا يمنع من الاعتراف بأنهم جزء من المجتمع، وأنهم أكبر جماعة سياسية في مصر ومن حقهم التواجد في أي منظمات شأن الآخرين، والفيصل في نفي هذا الاتهام أنني أعتبر كل الانتقادات التي وجهت لتشكيل المجلس ووجهت لي شخصيا، هي انتقادات لها مبررها ومخاوف مشروعة والرد عليها سيكون وفقا للإجابة العملية عن هذا السؤال وهو: هل بالفعل سنجمل الصورة؟ أم سننشط في الدفاع عن قضايا حقوق الإنسان في مصر، فلم آتي للمجلس لخوض معارك سياسية، فالسياسية مجالها أحزابنا والمجتمع، أما المجلس فهو لحقوق الإنسان نناقش فيه الانتهاكات التي ترتكب ضد حقوق الإنسان، وما يتعرض له الإنسان المصري من مصاعب وعقبات في تمتعه بحريته وحقوقه الأساسية، فيظل الاتهام معلقا حتى تفصل فيه الممارسة
- البعض يرى أن تشكيل المجلس، كان يجب أن يراعى المعيار المهني والاحترافي، إلا ان التشكيل جاء على أساس سياسى، فجآت الاغلبية إسلامية، بما يتعارض مع «معايير باريس» المنظمة لعمل المجالس الوطنية؟
* أولا معايير باريس متحققة في التشكيل الجديد، فمعايير باريس تقول إن المجلس يعكس التنوع في المجتمع؛ سواء السياسي بوجود الأغلبية ووجود المعارضة، هذه معايير باريس لتشكيل المجالس الوطنية لحقوق الإنسان، يوجد أيضا معاقون وتعدد ديني، وليس أصحاب الدين السائد فقط بل يوجد ممثلين لأصحاب الأديان الآخرى، كما يوجد ممثلون عن الحقوقيين والمحامين المدافعين عن حقوق الإنسان والمنظمات الحقوقية، وهذه المعايير موجودة في المجلس الحالي.. والمشكلة الأساسية الموجودة في المجلس الحالى، هي وجود نسبة أكثر من ذوي التوجه الإسلامي، وليس جميعهم إخوان، فهناك سلفيين وهناك محسوبين على التيار الإسلامي، لكن في الآخر نزاهتهم ومواقفهم من قضايا حقوق الإنسان، ستتضح حين يعمل المجلس ويبدأ فى عقد جلساته ومناقشة الافكار والقضايا المختلفة، لكن أن ضد الأحكام المسبقة، وآن الأوان أن نؤجل الإدانة والبراءة، وأن تكون على ضوء الموقف الفعلي.
- ماذا لو اصطدم عبد الغفار شكر في رأيه مع الأغلبية الإسلامية داخل المجلس؟
* المجلس مطالب بالتصدي لأي انتهاكات ونشر ثقافة حقوق الإنسان، ويوسع نطاق تمتع المصريين بحقوقهم وحرياتهم، ليس فقط في المجالات السياسية والمدنية، إنما أيضا في المجالات الإقتصادية والاجتماعية، والثقافية، وفي هذا الصدد يكون له اختصصات واضحة فيما يتعلق بهذه الواجبات والمسؤوليات، وليس لذلك علاقة بالأغلبية والأقلية.. وإذا اكتشفت بعد فترة من الوقت شهرين إلى خمسة شهور أنه لا جدوى من هذا المجلس في الدفاع عن حقوق الإنسان سأنسحب منه. هذا المجلس مهمته الدفاع عن ونشر ثقافة حقوق الأنسان، ورصد الانتهاكات والتنديد بها، وتعديل التشريعات والقوانين المنظمة وإذا لم يقم بهذا الدور «يبقى الواحد ينسحب»
- المجلس في السابق كان يسجل مواقف، مثلما حدث مع قانون الطوارئ، ورغم أنه كان على غير إرادة النظام إلا أنه سجل موقفه الثابت ضد الطوارئ.. اليوم لو عرض أمر قانون الطوارئ الذي تعتزم الحكومة إصداره وحدث حوله خلاف مع الأغلبية الإسلامية، فماذا سيكون موقفك ؟
* تعرفون أن هناك فرقا بين مشروع القانون وإعلان حالة الطوارئ، فهي قضية ملتبسة، فأي بلد في العالم بما فيها أعتى الدول الديمقراطية يجب أن يكون فيها قانون ينظم إعلان حالة الطوارئ، هذا القانون يحدد متى وكيف تعلن حالة الطوارئ، وما هي حقوق المواطنين في ظل حالة الطوارئ، ما هي السلطة الاستثنائية التي تتولها السلطة التنفيذية في حالة الطوارئ، في هذا الإطار لدينا الآن قانون سيئ للغاية للطوارئ، ما يفعله المستشار أحمد مكي هو تعديل هذا القانون بما فيه صالح الإنسان المصري، فمن يقرأ مشروع القانون سيجد أن حالة الطوارئ تعلن فقط في مواجهة كوارث طبيعية أو حالة فوضى عارمة أو حرب أهلية أو اضطربات عامة، أو كارثة صحية مثلما حدث في مصر عام 1948 عندما انتشر وباء الكوليرا وأعلنت حالة الطوارئ ومنع انتقال الناس بين المحافظات، يعني الوباء يتطلب مواجهته بهذه الطريقة، فما يفعله المستشار مكي هو تعديل قانون الطوارئ بحيث توجد أسباب واضحة لهذا الإعلان وليس كلام غامض ولا عام، وحالة الطوارئ عندما تعلن، تكون من قبل رئيس الجمهورية ويجب أن يحيل الأمر خلال أسبوع إلى السلطة التشريعية المنتخبة، والإجراءات تتم تحت رقابة القضاء، فهناك فرق إذن بين أن يعدل القانون للأفضل وبين أن تعلن حالة الطوارئ، نحن ضد إعلان حالة الطوارئ ومع تعديل قانون الطوارئ للأحسن بما يحفظ للإنسان المصري حقوقه وحريته الأساسية في ظل حالة الطوارئ، والنقطة الوحيدة أن المستشار أحمد مكي بدأ يعدل قانون الطوارئ في وقت أثير فيه كلام عن أن وزارة الداخلية تريد إعلان حالة الطوارئ فدخل الموضوعان في بعض وأسيء إلى الرجل وهو برئ من تهمة إعلان حالة الطوارئ.
- لكن البعض له مخاوف من سيرة الطوارئ، فمن ضمن ما عرضه مشروع قانون أحمد مكي هي فكرة «حالة الفوضى»، فالناس تبدي مخاوف من تجريم الاعتصامات والإضرابات العمالية وبالتالي الثورة التي قامت على تظاهرات سلمية وأسقطت النظام تخشى أن يكون ذلك نوع من أنواع تأمين النظام الجديد ليمنع أي ثورة أو مظاهرات.. فما تعليقك؟
* هنا يأتي دور المجلس القومي لحقوق الإنسان فيرسل للمستشار أحمد مكي ليطلب صورة من مسودة القانون الذي يعده، ونبدي ملاحظاتنا عليه بما يتفق مع حقوق الإنسان وهذا هو الدور الذي نقوم به، وأعد أن يطلب المجلس من المستشار أحمد مكي مشروع القانون ويناقشه ويزيل أي غموض أو التباس فيه، وهذا المشروع يجب أن يعرض للنقاش العام، والمجتمع يكون طرفا في صياغة هذا المشروع.
- البعض يرى أن قانون العقوبات يكفي لمواجهة ما يحدث في الداخل من إضرابات، وأننا لسنا في حاجة لقانون الطوارئ.. فما هو رأيك؟
* لا نحتاج لإعلان حالة الطوارئ، لكن كل دول العالم كضمانة للشعب يجب أن يكون فيها قانون لإعلان حالة الطوارئ، لوضع ضوابط على ما سيكون في حالة الطوارئ.
- نعود للسؤال الأول مرة أخرى، ماذا لو اصطدم موقف عبد الغفار شكر بالأغلبية الاسلامية داخل المجلس.. ماذا ستفعل؟
* الأمور ليست بالقطاعي، فلسنا في محل بقالة نبيع بالتجزئة، لكن نحن في مجلس خلال شهرين إلى ثلاثة ستعرض حالات كثيرة، إذا ظهر خلال هذه الشهور أن هذا المجلس لن يكون مدافعا بحق عن حقوق الإنسان وراصدا بحق للانتهاكات يبقى في هذه الحالة لا جدوى منه وسننسحب من هذا المجلس، لكن لن نأخذ الأمور موقف .. موقف.
- كيف ترى أداء مجلس حقوق الإنسان السابق؟
* أولا قانون إنشاء المجلس قيده ولم يعطه الصلاحيات الكافية ولا الواجبة، وبالتالي لا نظلم أعضاء المجالس السابقة، فهم عملوا ما عليهم، يكفي أنهم قدموا تقريرا عن حادثة «الكشح»، وتقارير عن التعذيب وحالات انتهاك حقوق الإنسان، ومن إنجازات آخر مجلس أنه أعد مشروع قانون جديد لإنشاء المجلس، وضعوا تعديلات على قانون إنشائه تتلافى السلبيات الموجودة به لتعطيه صلاحيات أكثر؛ منها حق زيارة السجون وغرف الحجز في أقسام الشرطة بشكل مفاجئ دون أذن مسبق من الداخلية، وأقترح بوجود مفوض عام في المجلس يرصد حالات التمييز ضد المواطنين لأي سبب من الأسباب سواء كان تمييزا بسبب الدين أو الجنس أو الانتماء الطبقي .. المجلس السابق اهتم بقضية الحقوق الإقتصادية والاجتماعية وأنشأ لها لجنة، ففي انجازات تمت في حدود قانون إنشاء المجلس، وأقترحوا تعديلات وسنواصل السعي بإصدار قانون جديد للمجلس لإصدار هذه التعديلات.
- هل أنت راضى عن مسيرة عمل المجلس منذ إنشائه وحتى الآن؟
* لا يوجد رضى كامل ولا انتقاد كامل، لكن هناك أداء له أسباب، فهذا المجلس لم يكن بالفاعلية الكافية لأن قانون إنشائه لا يعطيه اختصاصات كاملة، وهذا ما نسعى له أن يأخذ اختصاصات كاملة، ومن في مصر كان يؤدي واجبه في ظل حكم مبارك، فالأحزاب كانت مقيدة وتوجد في الغرف المغلقة، ولا يوجد بها سوى جورنال ومقر، منظمات المجتمع المدني أيضا قيدت وخضعت لرقابة وزارة الشئون الاجتماعية، النقابات العمالية أممت وخضعت لارستقراطية عمالية كانت هي التي تدير أمورها، صودرت انتخابات النقابات المهنية من سنة 1993 لما سيطر عليها الإخوان، وظلت 20 سنة بلا أي انتخابات، اشمعنى يعني المجلس القومي لحقوق الإنسان؟ .. فكل مؤسسات المجتمع كانت تعاني، والمجلس عمل في حدود ما اعطاه قانون إنشائه من سلطات واختصاصات، وهي غير كافية ولابد من تطوير هذا القانون ليكون للمجلس ولاية حقيقة على موضوع حقوق الإنسان وله سلطة إلزامية بالحصول على المعلومات والإطلاع على كل السجلات التي تتصل بهذه المسألة وأعضائه يتمتعون بالحصانة القضائية بحيث لا يعاقبوا على أعمالهم ورصدهم للانتهاكات والتقارير التي يصدرونها.
- لكن البعض يرى أن الحصانة القضائية لأعضاء المجلس تجاوز لسلطاته، لأنه ليس مجلسا نيابيا؟
* الحصانة المطلوبة تخص ما يتصل بنشاطه في مجال حقوق الإنسان، أي لا يقبض على أحد أعضاء المجلس وهو يمارس دوره في الشارع من أجل حقوق الإنسان، وليس مقصودا أن يتمتعوا بحصانة مطلقة، أي أن يكون لديه ضمانات إذا نزل للشارع في قضايا متعلقة بحقوق الإنسان، فلا يتخذ إجراء ضده.
- ما هي أهم القضايا التي يجب أن يتبناه المجلس فورا؟
* كل ما يتعلق بانتهاكات حقوق الإنسان في مصر، مثل تطوير السجون وغرف الحجز بأقسام الشرطة ينبغي أن تليق بإنسان يعيش في القرن الحادي والعشرين، كذلك غرف الحبس الاحتياطي فمن حق المحتجز إقامة إنسانية، سكان الأحياء العشوائية والمهمشين، والطفل المصري من حقه نشأة توفر له مستقبل آمن.. لكن على رأسها أى حالة من حالات انتهاك حقوق الإنسان كذلك موضع التمييز سواء الديني أو ضد المرأة أو بسبب الوضع الطبقي، فالفقراء لا يحصلون على حقوقهم لأنهم فقراء، مثل الشاب الذي انتحر لأنهم قالوا له إن حالاته الاجتماعية لا تؤهله للعمل في وزارة الخارجية، فهذا تمييز ضد الفقراء، كذلك التمييز بسبب الموقف السياسي، فمثلا التمييز ضد المعارضين وأبنائهم الذين لا يدخلون الكليات العسكرية ولا يحصلون على المناصب المتميزة، وإنهاء دور البوليس السياسي أيا كان مسماه مباحث أمن دولة أو أمن وطني ينتهي دورها فيما يتصل بحق الناس في العمل فهذه مسؤولية المجلس.
- ماذا سيفعل المجلس حيال الدستور الجديد؟
* سيدرس المسودة الأولية التي يتطرح للنقاش العام وسيقول رأيه فيها.
- لكن ماذا عن المواد التي خرجت للفضاء العام في باب الحقوق والحريات؟
* كل الضجة الموجودة في الإعلام معظمها على اقتراحات شخصية، نحن ننتظر عندما تنتهي اللجان وتقدم أعمالها للجلسة العامة، عندها يبدأ الكلام الجدي عن الدستور، والمجلس لن يتأخر عن القيام بدوره وواجبه في مناقشة المسودة الأولية للدستور، وسيبدي رأيه ويعقد مؤتمرات ويتشاور مع المنظمات الحقوقية في مصر ويعقد لها لقاءات للتعرف على رأيها، فالمجلس ليس بمفرده، بل لنا شريك هو منظمات المجتمع المدني.
- هل لديك مخاوف شخصية على الدستور؟
* أنا لي موقف عملي يعبر عن مخاوف حقيقية، لما صدر التشكيل الأول للجنة إعداد الدستور وكنت عضوا منتخبا انسحبت واستقلت من اللجنة بسبب الأغلبية الإسلامية الضخمة، ولما أعيد تشيكل اللجنة وظهر لنا أنه ستوجد نفس الأغلبية، كنت ضمن 16 شخصية من القوى الديمقراطية قررنا رفض التواجد ب«التأسيسية»، فلدينا تحفظ على وجود أغلبية إسلامية داخل اللجنة، لكن في النهاية أنا لي المنتج وليس الشائعات، أول ما تظهر المسودة الأولى هقول هذا صح وهذا خطأ، والمجلس لن يتقاعس في هذا الصدد، أعضاؤه سيقولون رأيهم والباحثون الموجودون به سيقولون رأيهم بالبحث والدراسات.
- هل يعقل أن يبدي مجلس حقوق الإنسان رأيا مستقلا في الجمعية التأسيسية لوضع الدستور وهو يرأسه المستشار حسام الغرياني رئيس «التأسيسية»؟
* وما أدراك أن المستشار حسام الغرياني سيكون ضد حقوق الإنسان في الدستور، وما أدراك وهو من قضاة الاستقلال ويتمتع بضمير ونزاهة أن يرضى بأن يكون رئيس اللجنة التي تصدر دستورا لا يليق بمصر في القرن الحادي والعشرين، هل لمجرد أنه رجل متدين.
- لكن الانتقاد الموجه يتكلم عن الازدواجية في الجمع بين من يضع الدستور ومن يراقب؟
* المستشار حسام الغرياني لا يراقب، بل الذي يراقب هو المجلس، فهو رئيس المجلس وليس المجلس كله، فالمجلس يضم شخصيات لها خبرتها ولها دورها، فماذا عن أحمد سيف الإسلام حمد وأحمد حرارة، فالمجلس له قوامه وهو ال 27 عضوا، وأنا ثقتي كاملة في أن المستشار الغرياني شخصية نزيهة ولن يقبل أن يخرج من لجنة إعداد الدستور ما لا يليق بمصر.
- كيف تقيم أداء اليسار في مصر، فالبعض يقسمه ليسار طيب القلب ويسار عنيف، خصوصا بعد تصريح الدكتور عصام العريان في هذا الشأن؟
* أخبرت الدكتور عصام، معلنا رفضي لتقسيمه اليسار لقطاع يرضى عنه الدكتور عصام وقطاع لا يرضى عنه، فاليسار ليس فلانا ولا علانا، بل هو الآلاف المواطنين المصريين المناضلين من أجل العدالة الاجتماعية، والذين ضحوا على مدار 100 سنة ويضحون حتى الآن من أجل العدالة الاجتماعية .. هذا هو اليسار.. وهو القوى السياسة التى ضحت من أجل إعلاء قيمة الحرية بمعناها الواسع وتحرير الإنسان من صور القهر والاستبداد وهذا التقسيم مرفوض، فاليسار المصري يوجد به عمال وفلاحين وشباب وكبار سن وغيرهم، وهو أوسع من فلان وعلان.
- يتضح للمتابع أن الإخوان اضطروا للتعامل مع اليسار طيب القلب أو الذي يقبل الحوار؟
* من قال أن اليسار طيب القلب.. لو رجعنا لبيانات ومواقف حزبنا «التحالف الشعبي الإشتراكي» نرى عكس ذلك، فبمجرد انتخاب الدكتور محمد مرسي أصدرنا بيانا قلنا أننا في المعارضة، وحددنا موقفنا من البداية وكل موقف أو إجراء تتخذه الرئاسة أو جماعة الإخوان نقول رأينا فيه بوضوح، فحزب التحالف يتمتع باستقامة ولا توجد مواقف متناقضة أو متعارضة.
- كيف ترى مستقبل التحالفات التي تتم حاليا على الساحة السياسية؟
* التحالفات الحالية لها منطق أن الإخوان يريدون بناء تحالفهم لدخول الانتخابات القادمة، رأيي أن هذا التحالف لن يكون كالتحالف الذي خاضوا به انتخابات 2011 وضموا فيه أحزاب مدنية كحزب غد الثورة وحزب الكرامة وانما سيكون في الغالب تحالف إسلامي.. هناك تحالف آخر يسمي نفسه تيار الوسط ويؤسسه أبو العلا ماضي واعبد المنعم أبو الفتوح والنهضة وحزب مصر «عمرو خالد»، وهذا تيار يصف نفسه بالوسطية والمدنية ذات مرحعية حضارية إسلامية.. هناك تحالف ثالث هو «الأمة المصرية» يؤسسه عمرو موسى ومعه حزبي غد الثورة والجبهة وحتى الآن حزب الوفد، هذا التيار هو تيار القوى الليبرالية التي ستعكس رؤيتها للرأسمالية لأنها تعمل في اقتصاد السوق.. التحالف الرابع الذي يتم إنشائه حتى الآن له اسم مؤقت هو «الوطنية المصرية» وهو القوى والأحزاب السياسية التي ترى أن قضية العدالة الاجتماعية لها الأولوية فى النضال من أجلها، ويضم أحزب «الدستور، المصري الديمقراطي الاجتماعي، التحالف الشعبي، الإشتراكي المصري، الكرامة، مصر الحرية، والناصري وأيضا التيار الشعبي الذي أسسه حمدين صباحي، وربما تنضم أحزاب النظام القديم إلى تحالف الأمة المصرية أو تنشئ فيما بينها تحالفا خاصا بها».
- هل لو انضمت قوى النظام القديم لتحالف الأمة المصرية سنجد هذا التحالف وجها لوجه مع الإخوان المسلمين في الانتخابات القادمة؟
* احتمال كبير تحالف الأمة المصرية يأخذ عدد كبير من المقاعد، لكن أتنبأ أن يكون مسار الصراع السياسي في مصر خلال 4 سنوات لصالح القوى الليبرالية على حساب الإسلام السياسي.
- وماذا عن اليسار؟
* اليسار سينهض لكن خلال 3 أو 4 سنوات لن يكون هو القوى الرئيسية، لكن سيكون قطب فاعل في الصراع السياسي، وأوضاع الاقتصاد المصري ترشح التيار الليبرالي ليكون في مواجهة تيار الإسلام السياسي.
- هل يمكن أن تنسقوا مع الإخوان المسلمين في بعض الدوائر؟
* هذا مستبعد تماما.
- هل تحقق القوى الليبرالية واليسارية أغلبية في البرلمان القادم؟
* هم يهدفوا لذلك، فالهدف أن تأخذ القوى الديمقراطية الليبرالية واليسارية مقاعد أكثر من الإسلاميين.
- هل هذا معناه أننا قد نجد تحالف بين «الوطنية المصرية» المؤمنة بالعدالة الاجتماعية و«الأمة المصرية» الليبرالية؟
* تحالفنا سياسي وغير وارد ان نتحالف سياسيا مع قوى ليست مؤمنة بالعدالة الاجتماعية لكن في الانتخابات هنوسع النطاق بصيغتين، فخارج التحالف قوى يمكن أن ندخل معها في قوائم مشتركة، وهناك قوى ليبرالية لن ندخل معها في قوائم، وسنترك لها دوائر مقابل أن تترك لنا دوائر تكون أقوى فيها، لنحقق التكامل بدلا من أن تقضي المنافسة على فرصتنا في التواجد بالبرلمان القادم.