عندما اعتدت بعض الجماهير الجزائرية علي المشجعين المصريين في السودان في نوفمبر الماضي.. كان هذا الاعتداء هو الحدث الأهم لدي المصريين ووسائل الإعلام.. رغم وقوع حدث آخر لايقل أهمية وهو خروجنا من كأس العالم بعد هزيمتنا من الجزائر.. وكان يجب أن نحاسب الجهاز الفني لمنتخبنا عن أسباب الهزيمة.. لكننا نسينا الهزيمة وعدم التأهل للمونديال.. رغم أن منتخبنا كان سيئًا فنيًا وخططيًا لكن واقعة الاعتداءات الجزائرية غطت علي محاسبة المقصرين في اتحاد الكرة والمنتخب. شيء مثل هذا جري الأسبوع الماضي في مجلس الشعب.. عندما أثيرت قضية تلاعب النواب بتصاريح العلاج علي نفقة الدولة.. وثار جدل ساخن حولها.. وبدأت وزارة الصحة تكشف عن أسماء بعض النواب الذين استفادوا.. وانتهي الموضوع بإحالة الملف إلي وزارة الداخلية. إثارة القضية رغم أهميتها أدي إلي التغطية علي قضية أهم.. وهي محاسبة وزير الصحة علي أدائه.. خاصة والخدمة تزداد سوءًا داخل المستشفيات الحكومية.. وبات العلاج وشراء الدواء بمثابة أزمة تفتك بخناق ملايين المصريين رغم أن العلاج حق المواطن علي حكومته.. وعكس ذلك يجعل الحكومة محلا للمساءلة أمام مجلس الشعب.. لكن كيف سيحاسب النواب وزير الصحة بينما هم وقوف علي باب وزارته للحصول علي تأشيرته لعلاج المحاسيب وأبناء دوائرهم علي نفقة الدولة؟! كيف سمحت الحكومة باستمرار هذا النظام الكريه والذي يشي بالفساد.. عندما جعلت العلاج علي نفقة الدولة يجري عبر وساطة نواب البرلمان.. فظهر الابتزاز والرشوة من بعض ذوي النفوس المريضة من أعضاء البرلمان.. الذين أكلوا أموال المرضي الفقراء بالباطل؟! وإذا كان العلاج علي نفقة الدولة هو حق لكل مواطن.. فلماذا لايحصل هذا المواطن علي حقه مباشرة من وزارة الصحة.. عبر تقديم طلب تدعمه التقارير الطبية لموظف مختص بالوزارة والذي عليه الموافقة الفورية.. طالما استحقت الحالة هذا الحق. لماذا إذلال عباد الله.. وخلق وسطاء بين الفقير والحق في العلاج.. مما ينتج عنه هذا الفساد؟!.. ولماذا لم يعلن وزير الصحة في مجلس الشعب قبول وزارته طلبات العلاج مباشرة من المواطنين بدلا من وساطة النواب.. أم أنه يريد تقديم السبت للنواب فيقدمون له الأحد.. فلا يسألونه ولايستجوبونه.. خاصة أن الدكتور الجبلي - وزير الصحة - لديه مقدرة علي التشخيص فقط دون العلاج.. فعندما يكتشف قصورًا لدي أحد المستشفيات في تقديم الخدمة.. فإنه يغلقه فورًا دون سعي لإيجاد الحلول وتأهيل هذه المستشفيات حتي تعود للخدمة مرة أخري.. إنه هنا أشبه بمريض اشتكي لطبيبه من آلام في ذراعه فما كان من الطبيب إلا أن استأصل الذراع.. دون أن يجتهد بحثا عن علاج يقدمه لهذا المريض وهكذا حال وزير الصحة الحالي. في المقابل حدث تنامي في معدلات الإصابة بالأمراض الخطيرة بين المصريين.. فمرضي فيروس سي في ازدياد.. وكذلك مرضي السرطان إلي آخر القائمة، وزيارة واحدة لأي مستشفي حكومي ستري من خلالها مصر المريضة والموجوعة بآلام فقرائها.. فلا مكان لفقير اليوم في العلاج بأي مستشفي حكومي والويل للمرضي الفقراء.. ناهيك عن مبالغة غالبية أطبائنا في أسعار الكشف والتي تبدأ من مائة وخمسين جنيها وإنت طالع دون مراعاة ظروف الشعب الفقير. رحم الله زمنًا كان يذهب فيه الفقير إلي المستشفي الحكومي فيجد كبار الأطباء والأسرة النظيفة والخدمة الطبية المتميزة والدواء المتوافر.. واسألوا من ذهب يوما للعلاج بمستشفي الدمرداش.. تلاعُب النواب بأذون العلاج علي نفقة الدولة قضية غطت علي الأداء المتردي لوزير الصحة.. فهل من محاسب؟.