استعدادا للعام الدراسي الجديد.. التعليم تُعلن تدريب معلمي المرحلة الابتدائية ب3 محافظات    وزير العمل يلتقي مصريين بالخارج في "بيت العائلة" بجنيف    ما أدوات التحوط من النصب الإلكترونى؟.. إليك كل ما تريد معرفته    رسميًا.. طرح شيري تيجو 7 موديل 2025 المجمعة في مصر (أسعار ومواصفات)    متحدث الحكومة الإسرائيلية: لا ينبغى لأحد أن يفاجأ بردنا فى القتال مع حزب الله    وزير الخارجية ونظيره البريطاني يؤكدان دعم جهود وقف إطلاق النار في غزة    وزير الخارجية الإيطالي: لم نأذن باستخدام أسلحتنا خارج الأراضي الأوكرانية    أخبار الأهلي: تحرك عاجل من كبار الأهلي بعد أزمة أفشة وكولر    خالد الغندور يرد على اعتذار سيد عبدالحفيظ    ضبط شخص بالإسماعيلية يدير كيان تعليمى بدون ترخيص للنصب على المواطنين    بعد عرضه بساعات.. مفترق طرق ل هند صبري ضمن الأعلى مشاهدة على شاهد    المنتج محمد فوزى عن الراحل محمود عبد العزيز: كان صديقا عزيزا وغاليا ولن يعوض    الهلال الأحمر الفلسطيني: الأوضاع فى غزة كارثية ونحتاج لإمدادات فى أسرع وقت    عزة مصطفى: نمر بمرحلة زمنية صعبة.. والخطر اللي إحنا فيه محصلش قبل كدة    انطلاق فعاليات الاحتفال الخاص بمئوية ميلاد عبد المنعم إبراهيم بمركز الإبداع بدار الأوبرا    بالفيديو.. خالد الجندي يوضح فضل العشر الأوائل من ذي الحجة    نيمار: فينيسيوس سيفوز بالكرة الذهبية هذا العام    حجز محاكمة يوتيوبر شهير تعدى على سيدة بالمقطم لجلسة 25 يونيو    الداخلية تواصل تفويج حجاج القرعة إلى المدينة المنورة وسط إشادات بالتنظيم (فيديو)    مبادرة «100 مليون صحة» تشارك بالمؤتمر الطبي الإفريقي Africa Health Excon    ارتفاع جماعي لمؤشرات البورصة مع نهاية تعاملات اليوم الثلاثاء    لحسم الصفقة .. الأهلي يتفاوض مع مدافع الدحيل حول الراتب السنوي    مواعيد وقنوات ناقلة.. كل ما تريد معرفته عن دوري أمم أوروبا "يورو 2024"    "كنت هبطل كورة" ومهاجر لفرنسا.. حسام حسن رابع ضحايا موسيماني في 620 يوما بالأهلي    حتي الأن .. فيلم فاصل من اللحظات اللذيذة يحصد 58.8 مليون جنيه إيرادات    فليك يضع شرط حاسم للموافقة على بيع دي يونج    محافظ سوهاج يتسلم أرض مستشفى الحروق بناء على تكليفات السيسي    ونش نقل أثاث.. محافظة الدقهلية تكشف أسباب انهيار عقار من 5 طوابق    الجامعة العربية: عدم الانتشار النووى يعد عنصرا حاسما فى السلم والأمن الدوليين    منتدى دولي لحشد الدعم الإعلامي الإسلامي لمبادرات الاعتراف بفلسطين ومواجهة الخطابات المناوئة    التحفظ على المطرب أحمد جمال بعدما صدم شخص بسيارته بطريق الفيوم الصحراوى    نقص المياه الصالحة للشرب.. رحلة صراع يومية لسكان غزة    عيد الأضحى 2024| ما الحكمة من مشروعية الأضحية؟    ما حكم صلاة عيد الأضحى في البيت؟ ..«الإفتاء» توضح الحكم الشرعي    فرحات يشهد اجتماع مجلس الجامعات الأهلية بالعاصمة الإدارية الجديدة    طريقة عمل المبكبكة، لغداء شهي سريع التحضير    محافظ كفرالشيخ يتفقد أعمال تطوير وتوسعة شارع صلاح سالم    رئيس جامعة حلوان يفتتح معرض الطلاب الوافدين بكلية التربية الفنية    محمد علي يوضح صلاة التوبة وهي سنة مهجورة    مدير صحة شمال سيناء يتفقد مستشفى نخل المركزي بوسط سيناء    ل أصحاب برج الجوزاء.. تعرف على الجانب المظلم للشخصية وطريقة التعامل معه    «التعليم العالي»: التعاون بين البحث العلمي والقطاع الخاص ركيزة أساسية لتحقيق التقدم    مدير عام فرع التأمين الصحى بالشرقية يتفقد عيادة العاشر من رمضان    «شعبة مواد البناء»: إعلان تشكيل حكومة جديدة أربك الأسواق.. ودفعنا لهذا القرار    ترقية 20 عضوًا بهيئة التدريس وتعيين 8 مدرسين بجامعة طنطا    تعليمات عاجلة من التعليم لطلاب الثانوية العامة 2024 (مستند)    أول رد من الإفتاء على إعلانات ذبح الأضاحي والعقائق في دول إفريقية    محافظ القليوبية يناقش طلبات استغلال أماكن الانتظار بعددٍ من الشوارع    26 مليون جنيه جحم الاتجار فى العملة بالسوق السوداء خلال 24 ساعة    ضبط 3 أشخاص بحوزتهم 12 كيلو أفيون مخدر قيمته 1.2 مليون جنيه    إصابة 4 أشخاص في حادث سير بالمنيا    "تموين الإسكندرية": توفير لحوم طازجة ومجمدة بالمجمعات الاستهلاكية استعدادا للعيد    نائب رئيس "هيئة المجتمعات العمرانية" يتابع سير العمل بالشيخ زايد و6 أكتوبر    بملابس الإحرام، تعليم الأطفال مبادئ الحج بمسجد العزيز بالله في بني سويف (صور)    بتكلفة 650 مليون جنيه.. إنشاء وتطوير مستشفى ساحل سليم النموذجى الجديد بسوهاج    إجلاء نحو 800 شخص في الفلبين بسبب ثوران بركان جبل "كانلاون"    سيف جعفر: أتمنى تعاقد الزمالك مع الشيبي.. وشيكابالا من أفضل 3 أساطير في تاريخ النادي    جلسة بين الخطيب وكولر لتحديد مصير البوركينابي محمد كوناتيه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عمر طاهر يكتب: علي إسماعيل.. المزيكاتي الذي طلبت إسرائيل رأسه
نشر في الدستور الأصلي يوم 05 - 09 - 2012


الصنايعية
«كل أربعاء»
(1) كانت حالة عبد الحليم حافظ الصحية غير مستقرة مع بداية صيف 1974، الأمر الذى جعل الأطباء يضعون له قسطرة، وطالبوه بأن يستريح فى منزله وأن يتخلى عن الحركة لفترة.
كان على موعد مع كمال الطويل، وما إن اقترب كمال الطويل من بيت عبد الحليم حتى وجد الأخير يقف فى مدخل العمارة بالقسطرة فى انتظار سائقه الخاص.
هرول الطويل فى اتجاه عبد الحليم منزعجًا متسائلا «فيه إيه يا حليم؟»، فأجابه حليم والرعشة تسيطر على جسده «على إسماعيل مات يا كمال».
(2) لولا أن والده كان يسحبه من أذنه إلى الحلاق كل أسبوع ما كانت العقدة تجاه الحلاقين لتنمو فى وجدان على إسماعيل، وما كنا لنراه يومًا على الشكل المسجل فى ذاكرة التاريخ.
على إسماعيل متمرد، ما وصَلَنا من تمرده أنه كان نقطة التحول فى شكل الموسيقى فى مصر، قبله كانت الألحان جملة موسيقية واحدة تعزفها كل الآلات، ثم صارت الأغنية على يده -كموزع موسيقى- عدة ألحان فى لحن واحد، الأمر الذى منح الأغنية المصرية ثراءً جديدًا عليها، للأمانة يجب الاعتراف بأن هذا التغيير وضع سطوره الأولى الموزع أندريا رايدر، ثم أكمل إسماعيل المسيرة بمذاقه الخاص.
لم يهرب فقط من الحلاق، لكنه هرب أيضا من مدرسة الصناعات البحرية بالسويس، فألحقه والده بالعمل فى إحدى ورش القناة، هرب منها أيضًا، لكن هذه المرة باتجاه مدرسة الموسيقى العسكرية، وهناك تعلم أشياء كثيرة، أهمها أن يكون للموسيقى شخصية، تعلم فى مدرسة الجيش أن الأغنية مهما كانت عاطفية فلا بد أن يكون بها خشونة ما.. راجع «وانا كل ما أقول التوبة» لعبد الحليم.
خرج إسماعيل من المعهد مدرسًا، ثم هرب كالعادة، عندما اكتشف أن الموسيقى الكامنة بداخله لا تستقيم معها فكرة التدريس، كان يعرف أن طريق الموسيقى يبدأ من مكان آخر.
(3) كان أول الخيط فى المعهد العالى للموسيقى، ومن هناك خرج على إسماعيل شريكًا فى حلم واحد مع عبد الحليم حافظ وكمال الطويل وأحمد فؤاد حسن.
أما عبد الحليم فقد استقر به المقام فى ركن الهواة بالإذاعة المصرية، أما فؤاد حسن فقد تفرغ للعزف بالقطعة فى الفِرق المختلفة، أما كمال الطويل فقد أصبح مشرفا على قسم الموسيقى فى الإذاعة.
أما على إسماعيل فقد اختفى تمامًا..
كان قد حاول أن يلتحق بالعمل فى الإذاعة، فقال له أحد المسؤولين: الإذاعة مش ملجأ رُوح اشتغل واكبر برة وبعدين تعالى.
كيف يكبر؟
كان لا بد من بداية ثالثة، فلتكن من تحت الصفر، من شارع عماد الدين، عازفا خلف المونولوجيستات، خلف إسماعيل يس مرة وخلف إحسان عبده مرة، إلى أن ضاق يومًا بما يفعله، فصاح فى وجه إحسان عبده قبل بداية البروفات: أنا بطّلت أعزف المزيكة ال.. دى، أنا ماشى.
قدمت إحسان عبده شكوى ضده لرئيس اتحاد الملاهى الليلية، فأصدر قرارًا بعدم العمل معه.
أصبح لدى إسماعيل من الفراغ ما يسمح له بزيارة أصدقائه، عرف يومًا أن ثُريا حلمى مريضة فذهب ليطمئن عليها، قالت له «نفسى أسمع مزيكا»، ارتبك قليلا ثم قال لها فيه واحد صاحبى كان كاتب غنوة اسمها «عيب اعمل معروف» غنَّاها لها، وفى اليوم التالى كان يدرب فرقتها على الأغنية التى نجحت بالقدر الذى أعاده إلى الملاهى والحفلات.
إلى أن كان يعزف يومًا ثم وجد كمال الطويل يقف أمامه، ناظرًا إليه باندهاش، فشعر إسماعيل بحرج ما وكأن نظرة الطويل قد ذكّرته فجأة بأنه يسير فى الطريق الذى لا يستحقه.
فى صباح اليوم التالى كان إسماعيل يجلس إلى البيانو فى الإذاعة يعزف ويغنى بصوته الجهورى إحدى أغنياته، وما إن انتهى منها حتى قفز عبد الحليم من مكانه قائلا «أنا اللى هاغنّى الكلام ده»، غنى «يا عاشقين يا مغرمين»، وكانت دَخلة حليم على المجد.
بعدها بأيام اقترب منه مطرب جديد طالبًا لحنًا، وبعد أن انتهى من غنائه لم يرضَ عن نفسه وصارح إسماعيل بذلك، فقال له إسماعيل بداخلك موسيقى أكبر من مجرد الغناء.
بعدها بسنوات كان على إسماعيل ومحمد فوزى يصطحبان هذا المطرب ويدخلان به على أم كلثوم وقال لها «ده ملحن مصر القادم.. اسمه بليغ حمدى».
(4) أكره أن أذكرك بما قدمه على إسماعيل للموسيقى المصرية، يُفترض أن تكون على علم بالحد الأدنى من إنجازات واحد من أهم صنايعية مجاله، لكن لا بأس.
أما ألحانه فما بين الوطنيات «رايحين فى إيدنا سلاح» و«أم البطل» والأغنيات المرحة «حلاوة شمسنا»، أما عن التوزيع الموسيقى فحدث ولا حرج، بداية من «وطنى الأكبر» مرورًا ب«السد العالى» و«المسؤولية» و«صورة» و«مطالب شعب»، وضعْ ما تشاء من أغنيات عبد الحليم وألحان عبد الوهاب والطويل والموجى فى هذه الفترة، بداية من «جبار» ونهاية ب«قاضى البلاج» و«دقوا الشماسى» و«خايف مرة أحب».
أما إنجازه الفنى الأقرب فكان «فرقة رضا» التى احتكر كل ما يخصها من أعمال الموسيقى سينمائيًّا ومسرحيًّا وحفلات، تلحينا وتوزيعا وشريكا فى النجاح.
أما عن السينما فعندك أكثر من 350 فيلما ألَّف لها الموسيقى التصويرية، لا تبدأ ب«الأرض» و«العصفور» ليوسف شاهين، ولا تنتهى ب«غرام فى الكرنك» و«الأيدى الناعمة» و«معبودة الجماهير».
لكن تظل أغنية «فدائى» هى صاحبة القصة الأشهر.
(5) أغنيات على إسماعيل الوطنية جعلت مندوب «منظمة فتح» الفلسطينية يطرق بابه، حاملا إليه الدعوة لزيارة معسكرات الفدائيين، من جهة ليتعرف على الرجال الذين يلهب حماسهم بموسيقاه، وفى الوقت نفسه ليضع موسيقى النشيد الوطنى الفلسطينى.
فى صحبة ياسر عرفات ورفاقه أقام إسماعيل أربعة أيام ثم عاد ليسجل «فدائى»، استمع إليها عبد الحليم فأصر أن يغنيها، ثم انتشرت الأغنية سريان النار فى الهشيم، وكانت شعار واحدة من أهم مراحل النضال، وشجع نجاحها على إسماعيل أن يقيم كل ثلاثة أشهر حفلا موسيقيًّا للمقاتلين، مرة اصطحب معه فرقة رضا، ومرات اصطحب معه مشاهير الفنانين، إلى أن أبلغه المسؤولون أن رأسه مطلوب، وطالبوا بالتوقف عن زيارة الجبهة، فكان أن كثف عدد الزيارات إلى أن احتدم القتال وصارت الزيارة مستحيلة.
(6) لم يكن إسماعيل يهوى إيقاف بروفاته، لذلك عندما تسلل بليغ حمدى والمخرج حسين كمال إلى المسرح جلسا فى صمت إلى أن أنهى إسماعيل عمله، فصفقا له بحرارة.
قال لهم إسماعيل «مزيكة فيلم (مولد يا دنيا) هتكون جاهزة النهارده» ثم عطس، ثم قال «وسنسجلها قبل ما أسافر موسكو» ثم عطس، ثم ابتسم لهما ابتسامة واسعة ثم سقط فى مكانه فسرتْ فى الجو لسعة برد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.