ماذا فعل الدكتور محمد مرسي حتى يواجه بكل هذه الجماعات المناهضة له والتي تطالب بعزله وإبعاده عن الرئاسة؟ ما الجريمة التي ارتكبها مرسي حتى يخرج علينا شخص معتوه ويطالب بإقصائه ومحاكمته وحبسه؟ ماذا فعل الإخوان المسلمون حتى تخرج علينا كل يوم مجموعة من المعارضين لهم والداعين إلى نبذهم للتخلص منهم وكأنهم مجرمون؟ إنني لفي دهشة من هذه الأحداث المتسارعة التي وقعت في مصر منذ نجاح الدكتور محمد مرسي في الانتخابات الرئاسية وحتى اليوم بدءاً من الانفلات الأمني المتزايد والبلطجة المفرطة وخروج الجماعات تلو الجماعات من أصحاب المطالب الفئوية وتصعيد مطالبهم أمام القصر الجمهوري وكأن الرئيس مرسي سيحقق كل آمال الشعب المصري في خلال شهر أو شهرين.
كما أن الرجل يواجه تحديات كبيرة من قبل النخب السياسية التي لا تريد منحه الفرصة للعمل على تنفيذ برنامجه الذي يتطلب سنوات من العمل الدءوب حتى يحقق التنمية المطلوبة لشعب أصبحت معاناته مثلاً يضرب في الفقر والصبر على الحاجة والاحتمال الذي لا يطيقه إنسان على وجه الأرض.
إن السياسيين والمفكرين والمحللين في بلدنا اليوم ينقسمون إلى قسمين أحدهما لا يطيق انتظاراً ويريد من الرئيس مرسي أن يضرب بعصاه السحرية الأرض فتخرج ما يكفي لإطعام شعب نصفه جائع والنصف الآخر يعيش على الفتات، والقسم الآخر وهو القسم المعتدل ينتظر المائة يوم التي تعهَّد مرسي خلالها بحل مشكلات الأمن والمرور والوقود والنظافة والخبز حتى يبدأ في الهجوم عليه.
وأنا أقول لهؤلاء وأولئك إن أي شخص مهما أوتي من حكمة ونفوذ لن يستطيع خلال مائة يوم أن يحل هذه المعضلات الخمسة التي تراكمت لأكثر من ثلاثين عاماً ولاسيما مع وجود أكثر من نصف الشعب المصري في حالة هياج ومعارضة للرئيس مرسي وللإخوان المسلمين.
أعتقد أن الرئيس مرسي خلال المائة يوم لن يتمكن سوى من تحقيق أمر واحد ألا وهو التخلص ممن يحيكوا ضده المؤامرات ليظهروه أمام شعبه بأنه قد فشل في تحقيق ما وعد به. لقد بدأ مرسي بالفعل في تحقيق هذا الهدف أولاً بإبعاد طنطاوي وعنان اللذان كانا السند الذي تعتمد عليه قوى الثورة المضادة عندما كانت كل الخيوط بأيديهما.
وتلا هذا إلغاء الإعلان الدستوري المكمل الذي وضعه المجلس العسكري ليكون حجر عثرة في طريق مرسي حتى لا يتمكن من تحقيق أي نجاح في برنامج المائة يوم. ومازال أمام الرئيس مرسي عقبات لابد من تذليلها قبل أن ينطلق إلى تنفيذ برنامجه أهمها التخلص من ترزية القوانين الذين صنعهم النظام السابق لتفصيل القوانين، وأدناها التخلص من بلطجية الحزب الوطني المنحل المنتشرين في كل ربوع مصر ومؤسساتها ولديهم مليارات لا تحصى من أموال الشعب التي نهبوها خلال ستة عقود من الحكم الفاسد.
وبين هذا وذاك هناك إعلام فاسد ينتمي بكل المقاييس إلى النظام البائد ولابد من ضربه بيد من حديد حتى يستطيع الرئيس المنتخب أن يتفرغ لمشروع النهضة لأنه من المستحيل أن يعمل رئيس بكل طاقته تحت وطأة هذه الظروف غير الملائمة وفي ظل هذا الفساد المستشري.
وكلما تحدثنا عن الإعلام الفاسد يطلع علينا بعض المأجورين ويقولون إن الرئيس والإخوان يريدون تكميم الأفواه وقصف أقلام الصحفيين حتى لا ينتقدوا الرئيس إذا أخطأ. وأقول لهؤلاء إن حرية الرأي والتعبير والنقد المباح للصحفيين لابد أن يتسم بالأدب والتعامل الراقي.
فإذا أردت أن تنتقد الرئيس أو أي مسئول فلا غبار عليك ولكن لابد أن تكون مؤدباً في نقدك ولا تتعرض للرئيس أو غيره بالقذف والسب والتجريح. وإلا فأخبروني أين كان هذا النقد المقرون بالقذف والسب أيام المخلوع الذي حكم مصر ثلاثين عاماً لم نر منه خيرا قط؟