مصر ما زالت عزبة خاصة.. يديرها ويسيطر عليها من يحكم! هكذا هو الحال، بعد أن كان مبارك وعصابته يتصرفون فى البلاد كأنها عزبتهم الخاصة.. أصبح الأمر نفسه فى يد الحكام الجدد.. ورث هذا الأمر جنرالات معاشات المجلس العسكرى فى إدارتهم السيئة والعقيمة لشؤون البلاد خلال 15 شهرا حاولوا فيها تدمير الثورة وإجهاضها.. واستمروا على خُطَى مبارك البطيئة والعقيمة.. وأضاعوا على البلد فرصة عظيمة للانتقال إلى مجتمع ديمقراطى وتحقيق أهداف الثورة.
نفس الأمر لدى الحكام الجدد من جماعة الإخوان الذين استطاعوا أن يسرقوا الثورة وبسرعة شديدة ليحولوا البلاد إلى عزبة خاصة على غرار ما كان يفعله مبارك وعصابته، فكل ما يفعلونه الآن محاولات للسيطرة والتمكين.. لا يهمهم هنا مستقبل الأمة ولكن مستقبلهم هم، لا يهمهم أهداف الثورة ولكن أهدافهم هم..
فى سبيل ذلك حافظوا على طريقتهم فى العمل السرى التنظيمى حتى بعد أن سيطروا على مؤسسات البلد وأصبحوا هم التشريعيين والتنفيذيين، بل أصبحوا هم المسيطرين على لجنة كتابة الدستور ليكون دستورا على مقاسهم يتبدلون فى مواقفهم بين يوم وليلة من أجل مصالحهم لا من أجل هذا الشعب الذى ضحى بدمائه للتخلص من الاستبداد والقهر، ولعل موقفهم من قرض صندوق النقد الدولى دليل على ذلك، فقد تعمدوا أن لا يكون فى قراراتهم ومواقفهم شفافية فقد تربوا جميعا على اللفّ والدوران وعدم الشفافية.
ولعل فى موقف مكافآت أعضاء مجلس الشعب الذى تم حله واحتفاظ رئيس المجلس «المنحل» سعد الكتاتنى بسيارة المجلس وبطاقم الحراسة دليلا آخر على عدم شفافية الحكام الجدد وإصرارهم على السير على خطى مبارك وعصابته.. فها هو النائب المخضرم أبو العز الحريرى يتهم مجلس الشعب وأمانته العامة بإهدار المال العام بصرفهم بدلات للنواب حتى الآن رغم أن مجلس الشعب تم حله.. واستند فى بلاغه الذى قدمه للنائب العام فى هذا الأمر إلى تحويلات من مجلس الشعب على حسابه باعتباره عضوا فى البرلمان المنحل..
ورغم هذا الاتهام لم يخرج بيان رسمى عن مجلس الشعب وأمانته حول هذا الأمر.. وإن كانت هناك تصريحات شخصية لبعض النواب ينفون فيها أنهم حصلوا على مكافآت بعد حل المجلس.. واكتفى سامى مهران أمين عام المجلس بتصريحات صحفية من قبيل أن الأموال التى تم تحويلها إلى حسابات الأعضاء هى تسويات لمكافآت فى شهور سابقة على حل المجلس.
وبالطبع لم يتطرق سامى مهران إلى موقف سيارة رئيس مجلس الشعب «المنحل» سعد الكتاتنى التى ما زال يستخدمها حتى الآن رغم انقضاء صلته بمجلس الشعب ولم يصدر فى الوقت نفسه أى بيان عن مجلس الشعب وأمانته يضع الأمور فى نصابها ويردّ بشكل صريح على اتهام النائب أبو العز الحريرى.
إنه استمرار فى سياسة التعتيم وعدم الشفافية التى كان يمارسها مبارك وعصابته واعتبارهم مصر عزبة خاصة يتصرفون فيها كيفما يشاؤون.. ولِمَ لا.. وقد احتفظ الحكام الجدد بسامى مهران على رأس أمانة مجلس الشعب، وهو المتهم بالكسب غير المشروع، وكان شريكا أساسيا فى طبخ القوانين سيئة السمعة مع فتحى سرور وترزية قوانين مبارك.
فلماذا احتفظوا به حتى الآن؟! بالطبع من أجل أن يحصلوا على خبرته فى الفساد السياسى والتشريعى.. وفى التعتيم وعدم الشفافية.. وليحافظ الرجل بالمرة على سيارة رئيس مجلس الشعب. يا أيها الحكام الجدد.. ردوا على اتهامكم بإهدار المال العام.
يا أيها الحكام الجدد.. اخرجوا من تنظيمكم السرى.. وتعاملوا مع الشعب بشفافية.