أزمة ضخمة بين الرئاسة ووزير الداخلية تسببت فيها حركة تنقلات ضباط الداخلية، كادت تطيح بالوزير اللواء محمد إبراهيم، الذي نجح أخيرا فى منع تدخل الرئاسة، ومن ثم جماعة الإخوان المسلمين، فى حركة الشرطة، حيث أصر الوزير على أن لا يستجيب لتلك الضغوط التى مورست عليه، ورفض الكشف الذى أرسلته إليه الجماعة بأسماء الضباط المغضوب عليهم. الوزير كان حادًّا في لهجته عندما قال للرئيس مرسي «خلِّى الضباط يحبوا الوزارة ويبقوا فى صفها بدلا من الانقلاب عليها»، تلك الجملة التى قلبت الموازين وكشفت أن حوارا دار بين الرئيس والوزير وأن ما طرحه مرسى، على إبراهيم دفعه إلى الرد على الرئيس بالجملة السابقة، خصوصا بعد أن طلب 70 عقيدا إعفاءهم من الاستمرار فى العمل، مما أثار قلق الرئيس مرسى، وجعله يترك «العيش لخبازه». الحركة جاءت متأخرة على غير العادة، وقبل تنفيذها ب24 ساعة فقط، وبنظرة سريعة عليها نستطيع أن نقول إنها أقل من حيث العدد مقارنة بالعام الماضى، وذلك بعد خروج 454 لواءً، منهم 192 إنهاء خدمة مباشرة، و262 عميدا من دفعة عام 81 كان عليهم الدور فى الترقية إلى رتبة لواء وإحالتهم إلى المعاش، كما أبقت على عدد اللواءات فى الوزارة وعددهم 813، عندما قامت بالمد ل529 لواء وترقية 284 عميدا إلى رتبة لواء ليصبح العدد 813 لواء.
الحركة تعد مفاجأة للبعض بكل المقاييس، رغم أنها لم تَطُل كثيرا من الضباط، وتكمن المفاجأة فى أنها جاءت عكس التوقعات التى كانت تسير فى اتجاه الإطاحة بعدد كبير من الرتب الكبيرة وبعض القيادات بعينها، وهو ما لم يحدث نتيجة تمسك وزير الداخلية اللواء محمد إبراهيم بموقفه الرافض لأى تدخل فى الحركة حتى ولو كان من الرئيس محمد مرسى، أضف إلى هذا موقف الوزير الذى بدا صلبا ومتماسكا تجاه الضغط الذى مارسته جماعة الإخوان المسلمين وذراعها السياسية حزب الحرية والعدالة، الذى كان يسعى للإطاحة ب800 ضابط ما بين لواء وعميد، رغم نقل جميع ضباط جهاز الأمن الوطنى إلى الأمن العام.
والمؤكد أن الحركة تأخرت بسبب عرضها على مرسي علما بأنه لم تطلها تغييرات كثيرة وهو ما طرح عددا من التساؤلات حول سبب التأخير.
استطاع اللواء محمد إبراهيم أولا الاحتفاظ بالضباط الذين أوصت الجماعة بإعفائهم من الخدمة، وثانيا إصرار الوزير على إقصاء اللواء محمد نصر العنترى من موقعه كمدير لأمن الشرقية بعدما بدا الدكتور مرسى مصرًّا على بقائه وذلك لأن العنترى كان قد تدخل فى وقت سابق لصالح نجل قيادى بجماعة الإخوان المسلمين قام بالتعدى على الرائد محمود أحمد كمال رئيس مباحث الرعاية اللاحقة بمديرية أمن الشرقية والمعين بخدمة كمين تحصيل رسوم بلبيس، ليفاجأ الضابط باللواء محمد نصر العنترى مدير أمن الشرقية، يتصل به على هاتفه الخاص ويتحدث معه بلغة شديدة اللهجة ويريد إجباره على تمزيق المحضر، مهددا إياه باتخاذ أشد الإجراءات فى حالة عدم تنفيذه الأوامر، إلا أن الضابط رفض ضغط مدير الأمن عليه وتهديده له. وكان العنتري قد تدخل فى واقعة مشابهة فى سبتمبر الماضى لنجل الدكتور محمد مرسى، حيث كان نجل الأخير قد اعتدى على ضابط فى كمين بقسم أول الشرقية وقام بصفعه قائلاً له: «إنت مش عارف أنا ابن مين؟!» وتدخل العنترى لإتمام الصلح بينهما.
تلك الوقائع أثارت غضب وزير الداخلية وقرر إقصاء العنترى وتدخل الرئيس مرسى وأراد الإبقاء عليه فى منصبه وتمت إعادته مرة أخرى لكن وزير الداخلية أصر على نقله فى الحركة الأخيرة ليصبح مدير أمن الوادى الجديد. واقعة أخرى وقف محمد إبراهيم لها ورفض تدخل الجماعة فيها وهى إصرارهم على الإطاحة باللواء أمين عز الدين مدير الإدارة العامة لشرطة الكهرباء، لكونه كان مشاركا فى أحداث الثورة فى التنكيل بالمتظاهرين عندما كان فى مباحث الجيزة، وبعد مفاوضات تم نقله إلى مطروح ليكون مديرا لأمنها.