ما الذى يدفع صناع الدراما إلى عمل مسلسل طويل مثل «فرقة ناجى عطا الله» تدور أحداثه فى إسرائيل؟ لا نجوم الدراما المصرية عاشوا فى إسرائيل أو سافروا إليها، ولا يوسف معاطى مؤلف المسلسل يعرف بحكم تجربة شخصية التفاصيل الدقيقة لمجتمع العاصمة الإسرائيلية تل أبيب الذى يتناوله فى العمل بكل أريحية كأنه يعرف كل تفاصيله ودهاليزه وعاداته وتقاليده ويحفظها عن ظهر قلب. يقدم العمل مشهدا لمتدينين يهود متشددين يدخلون مطعما بوسط المدينة ليتأكدوا أن المطعم يلتزم بتقديم طعام يهودى شرعى. المشهد يبدو محاكاة لمشاهد الجماعات الدينية المتشددة فى الأفلام المصرية. بطل العمل ناجى عطا الله الملحق الإدارى بالسفارة المصرية يتجول فى المدينة كواحد من أبنائها، نرى كل إسرائيلى فى المدينة يرتدى الطاقية اليهودية كأنها أمر إلزامى، يطلق البطل النكات والمزاح مع الإسرائيليين، والغريب أنها كلها نكات تسخر من بخل اليهود، والأغرب أن الإسرائيليين يسمحون له بذلك رغم المعروف عنهم من حساسية للنقد! إننا أمام لازمة «عادل إمامية» كتلك التى يقوم بها فى مسرحياته حينما يسخر من الممثلين ويطلق عليهم الإفيهات وهم يضحكون فى بلاهة.
إننا إذن أمام عمل افتراضى نظرى سماعى عن المجتمع الإسرائيلى يود فى الأصل توصيل رسائل معينة، يبدو بعض هذه الرسائل نمطيا، فإسرائيل هى العدو الذى نكرهه، يُظهِر العمل حتى الآن كل الشخصيات الإسرائيلية بخيلة بالضرورة، غبية ويسهل خداعها والسخرية منها، وربما يلمّح العمل فى إشارات ملتبسة بالحلقات الأولى إلى أن قليلا من التطبيع لا يضر بل يفيد.. نشاهد صحفيا مصريا يتحدث مع أحد موظفى السفارة عن ذهابه لإجراء حوار صحفى مع بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلى، ويسأله الصحفى عن سبب رفضه التعاقد مع صحيفة «معاريف» الإسرائيلية لكتابة عمود بالصحيفة، فيرد الصحفى بحسم: «عشان أنا ضد التطبيع»! كأن زيارة إسرائيل والجلوس مع نتنياهو ليس تطبيعا!