عندما فتح الدكتور نظيف صحف القاهرة الصادرة صباح أمس الأول.. فإنه قرأ نفس العناوين والتحقيقات التي تتكرر كل عام.. وفيها نقد للحكومة بعد غرق شوارع العاصمة والمحافظات بسبب هطول الأمطار.. وحتي إذا غضب رئيس الوزراء من هذا الهجوم.. فإن ماذكرته الصحف هو الحقيقة.. فإذا كانت حكوماتنا طوال ثلاثة عقود .. تفخر بما أنجزته في مجال البنية التحتية.. وما أنفقته من مليارات الجنيهات علي شبكات الطرق والصرف.. فإن السؤال المنطقي هنا هو: لماذا لم تسعفنا تلك البنية عندما هطلت الأمطار بغزارة.. وكيف غرقت شوارعنا في شبر ميه..وكيف سيكون حالنا وحال شوارعنا.. إذا استمر هطول الأمطار بضعة أيام أخري ؟!. ولأن الدكتور نظيف وبعض أعضاء حكومته.. بحكم دراساتهم وتخصصاتهم ينتمون إلي مدرسة التفكير العلمي المنظم.. والتي تفترض مع وجود مشكلة ما للمرة الأولي.. وجوب دراستها وإيجاد طرق علاجها ثم حلها علي أرض الواقع منعا لتكرارها مرة أخري.. إذا طبقنا ماسبق علي ماجري في شوارعنا بسبب الأمطار..فسنكتشف تكرارها سنويا.. مما ينفي معه تفكير حكومتنا بطريقة علمية.. أو ربما تفكر لكنها تفشل في إيجاد الحلول.. أو أنها تفكر علميا وتنجح في ايجاد الحلول لكن لاتنفذ شيئا منها..لكن لايستقيم بداهة تكرار تلك المشكلة كل عام دون حل.. وماينطبق علي مشكلة الأمطار.. يتكرر مع أزمات أخري مماثلة مثل أنابيب الغاز ورغيف العيش. وإذا كان الدكتور نظيف لايفضل قراءة الصحف المستقلة والحزبية ويجد راحته في قراءة الصحف القومية.. فالمؤكد أنه قرأ صباح السبت الماضي أيضا.. مانشرته الأهرام في صفحتها الأولي علي لسان وزير الري..والذي كشف عن كارثة سوف تستمر لعدة سنوات قادمة.. وهي دخول مصر هذا العام في نطاق السنوات العجاف مائيا.. نتيجة انخفاض كمية المياه الواردة من فيضان النيل إلي أقل من 40مليار متر مكعب.. بمايقل عن 17ملياراً عن حصتنا المائية الثابتة..مما يستدعي اتباع سياسة تقشف مائي وسحب كميات مائية من مخزون المياه في بحيرة ناصر والاعتماد علي المياه الجوفية. المؤكد أن ماقاله وزير الري يعرفه رئيس الوزراء قبل أن تنشره الأهرام.. لكن هل تمتلك الحكومة فعلا خطة استراتيجية للتعامل مع تلك الأزمة.. والتي أراها من أخطر الأزمات التي ستواجه مصر خلال السنوات القادمة.. فهل يعلن رئيس الحكومة عن خطته لمواجهة هذه الكارثة المائية ؟. وإذا وضعنا كلام وزير الري بجوار مشكلة غرق شوارعنا بسبب مياه الأمطار..فإنني أعرض اقتراحا - لا أعرف مدي جدواه الاقتصادية - علي وزير الري ورئيس الوزراء..وهو قيام الحكومة ببناء عدد من الخزانات في محافظات السواحل الممطرة كالإسكندرية ومطروح وبورسعيد وسيناء والبحر الأحمر.. ووظيفة هذه الخزانات..تجميع مياه الأمطار مع بناء شبكة صرف تجمع مياه الأمطار من الشوارع لتصب في نهاية المطاف في تلك الخزانات.. وبذلك نكون قد استفدنا من الأمطار ..خاصة أن تكلفة بناء خزان متوسط لن تزيد علي ثلاثة ملايين جنيه.. وهو رقم بسيط للغاية لكن عائده سيكون عظيما.. وقد عرض رئيس مدينة سفاجا - علي سبيل المثال - إنشاء سد لتخزين مياه الأمطار في مدينته..لحمايتها من خطر السيول التي تتكرر كل عام. كيف نحول مشكلة ما ليس لها حل..إلي فائدة تخدم المواطنين.. بدلا من سياسة بقاء الحال كما هو عليه.. والتي يؤكد استمرارها غياب الحكومة عن رعاية مصالح الناس..فكر يادكتور نظيف مع وزير الري..وقل لنا مارأيكما في هذا الاقتراح؟.