انقسم نشطاء حقوق الإنسان، بين مؤيد ومعارض للإعلان الدستوي، الصادر عن المجلس العسكري مؤخرا. وبينما أكد بعض أنه تغول غير مقبول، من السلطة العسكرية فى سلطات الدولة المختلفة، ورأى بعض آخر أن الإعلان الدستوري جاء إنقاذا لمدنية الدولة ومنع تحويلها إلى دولة دينية، ومحققا لمصالح الأقليات المتخوفة منها.
وقال الدكتور سعد الدين إبراهيم، رئيس مركز ابن خلدون للدراسات الإنمائية، إن الهدف من الإعلان الدستوري هو تحقيق التوازن بين السلطات وحماية المؤسسة العسكرية من المساءلة مع الاحتفاظ، إلى حد كبير، بصلاحيات تقرير السياسات العامة.
وأضاف إبراهيم قائلا: «أنا راضى تماما عن الإعلان الدستوري، لأن الإسلاميين توغلوا فى كل مؤسسات الدولة، فى الفترة التى أعقبت الثورة، ومن حق المؤسسة العسكرية أن تحافظ على نفسها من توغل أى تيار سياسى أو دينى، حفاظا لها على حياديتها وانحيازها للشعب». مشيرا إلى أن كلامه هذا، لا يعنى انحيازه إلى المجلس العسكري، ولكن لا بد من التفريق بين محاولة الحفاظ على استقلال مؤسسات الدولة، والسعى للهيمنة على السلطة.
وأشار إلى أن «العسكري» وضع مفاهيم فضفاضة في الإعلان الدستوري، مثل أهداف الثورة، في محاولة منه للسيطرة على مسار اللجنة التأسيسية والدستور الجديد.
بينما قال محمد زارع، مدير المنظمة المصرية للإصلاح الجنائي، إن الإعلان الدستوري المكمِّل ما هو إلا استمرار لنفس دور القوات المسلحة بأنها صاحبة اليد العليا، خصوصا بعد أن أصدر وزير العدل قانون الضبطية القضائية للشرطة العسكرية، مشيرا إلى أن المجلس الأعلى يحاول طوال الوقت أن تكون له أرضية على الواقع وذلك وسط عدم التجانس بينه وبين الإخوان وبين القوى السياسية.
وأكد زارع أن المجلس يحاول، من خلال الإعلان الدستورى، أن يدافع عن وجوده، مشيرا إلى أن لديه مخاوف من إعادة هيكلة الجيش وقياداته في حالة وصول الإسلاميين إلى الحكم بشكل كامل.
وأوضح أن الإعلان الدستوري المكمِّل جعل رئيس الجمهورية القادم بلا صلاحيات قائلا: «ما زالت مصر الكل يريد أن يغتصبها»، مضيفا أن القوى على الأرض جميعها من قوى سياسية والثوار لم يتفقوا على خريطة تفاصيل في المستقبل، خصوصا الإخوان والعسكريين، فكل منهما يحاول أن يحشد قواه.
وأوضح زارع أن الرئيس القادم سيحلف اليمين أمام المحكمة الدستورية العليا، معتبرا ذلك فراغا تشريعيا، وهذا مقبول بأن الرئيس يحلف أمام أعلى سلطة في الدولة، مطالبا أنه من بعد الثورة لا بد أن يحلف الرئيس القادم اليمين أمام الشعب كله.
ومن جانبه قال جمال عيد، مدير الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، إن الإعلان الدستوري المكمِّل هو فى الحقيقة إشهار علنى بأن مصر ديكتاتورية عسكرية حتى إشعار آخر، واغتصاب صلاحيات الرئيس المنتخب والسلطة التشريعية، وإعلان واضح وصريح من العسكر بعدم تسليم السلطة كما تعهدوا، ومن الناحية القانونية أشار عيد إلى أن «الإعلان» وكل ما يترتب عليه من آثار باطل قانونيا ما لم يتم إجراء استفتاء شعبي يعطيه القبول، مشيرا إلى أن الإعلان الصادر يغتصب سلطة التشريع التى لم تعد من حق المجلس العسكري بنص الإعلان الدستوري الصادر بموجب الاستفتاء، مضيفا أن مجلس الشعب فقط من حقه إصدار التشريعات، وإذا قال البعض إن مجلس الشعب تم حله، فإن هذا لا يخول العسكر حق التشريع، ولا يجوز تعديل الدستور المؤقت القائم إلا باستفتاء جديد.
وأضاف عيد أن الإعلان اغتصب معظم الصلاحيات المفصلية والأساسية لرئيس الجمهورية المنتخب، ويستبقها للمجلس العسكري، حيث لا يحق للرئيس إعلان حالة الحرب (المادة 53 مكرر 1)، أو التدخل في ترقيات أو فصل ضباط القوات المسلحة (المادة 53 مكرر)، أو الاستعانة بالقوات المسلحة لتأمين الداخل (المادة 53 مكرر 2) إلا بعد موافقة المجلس العسكري بما يعنى أن الجيش أصبح مستقل الإرادة عن السلطة التنفيذية، وهو ما يخالف جميع تقاليد الديمقراطية، واصفا تلك المواد بأنها تحول الجيش إلى دولة داخل دولة، وتفصح عن المخاوف الحقيقية لدى قادة القوات المسلحة، والأسباب المباشرة لإصدار هذا الإعلان العسكري.