"القومي للمرأة" ينظم لقاءً بعنوان "قوتي في مشروعي.. لمناهضة العنف"    وزير الزراعة يدلي بصوته في جولة إعادة انتخابات مجلس النواب بدائرة الرمل    تحقيقات عاجلة بعد اعتداء على ممرضة في مستشفى الفيوم العام    ارتفاع سعر الدولار الأمريكي أمام الجنيه المصري بداية تعاملات اليوم 4 ديسمبر 2025    مصر تقيم احتفالية كبرى لوزراء البيئة وممثلي 21 دولة من حوض البحر المتوسط    السبت القادم قطع الكهرباء عن قرى مركز تلا فى المنوفية لإجراء أعمال الصيانة    منال عوض: تنفيذ 57 حملة تفتيش ميدانية على 9 محافظات خلال نوفمبر    الصين وفرنسا تتعهدان بدفع جهود السلام.. وشي جين بينج يخصص 100 مليون دولار لإعادة إعمار غزة    إيديكس - 2025 يواصل استمرار فعاليات واستقبال الزائرين    بوتين: محاولات الضغط الاقتصادى على الدول ذات السيادة تسبب مشاكل لأصحابها أنفسهم    وفد من مجلس الأمن يصل سوريا في أول زيارة من نوعها    حماس: الاحتلال يواصل خروقاته وندعو للضغط عليه لتنفيذ تعهداته ومنها فتح معبر رفح في الاتجاهين    يوم كروي ساخن.. مواجهات حاسمة في كأس العرب وختام مثير للجولة 14 بالدوري الإنجليزي    الحقيقة الكاملة حول واقعة وفاة لاعب الزهور| واتحاد السباحة يعلن تحمل المسئولية    فيديو.. الأرصاد تحذر من برودة الطقس الأسبوع المقبل: لا تخففوا الملابس    الداخلية تضبط شخصا يوزع أموالا بمحيط لجان انتخابية فى جرجا    محكمة جنح أول الإسماعيلية تؤجل نظر محاكمة والد المتهم بجريمة المنشار    اختفاء يتحوّل إلى مأساة فى أسيوط.. تفاصيل العثور على جثتين من أسرة واحدة    السيطرة على حريق مخزن فى حدائق الأهرام    طرح برومو ملوك أفريقيا استعدادًا لعرضه على الوثائقية الأربعاء المقبل    الصحة: مباحثات مصرية عراقية لتعزيز التعاون في مبادرة الألف يوم الذهبية وتطوير الرعاية الأولية    استشهاد 5 فلسطينيين وإصابة 32 آخرين في عدوان الاحتلال على خان يونس    سعر الذهب يتراجع 10جنيهات اليوم الخميس 4 ديسمبر.. وعيار 21 يسجل هذا الرقم    اليوم الثاني للتصويت بالبحيرة.. إقبال لافت من الناخبين منذ فتح اللجان    بيراميدز يخسر جهود زلاكة أمام بتروجت    استمرار الغلق الكلي لمحور 3 يوليو.. تعرف على البدائل    «الأعلى للأمناء»: منهج البرمجة والذكاء الاصطناعي يجهز جيل المستقبل    مانشستر يونايتد يستقبل وست هام في مباراة خارج التوقعات بالبريميرليج    فيدرا تدعم منى زكي بعد الانتقادات بسبب فيلم الست: ممثلة تقيلة وموهبتها تكبر مع كل دور    رمضان 2026| سوسن بدر تتعاقد علي «توابع »ل ريهام حجاج    الإدارية العليا تتلقى 159 طعنا على نتائج المرحلة الثانية لانتخابات النواب    أسعار البيض اليوم الخميس 4 ديسمبر2025    حبس شبكة تستغل الأطفال في التسول بالقاهرة    بوتين يعلن معارضته لبعض نقاط الخطة الأمريكية للحرب في أوكرانيا    محافظ الدقهلية ينعى الحاجة سبيلة صاحبة التبرع بثروتها لصندوق تحيا مصر    في أول ظهور له.. رئيس سموحة الجديد يكشف خطته لإعادة هيكلة النادي وحل أزمات الديون والكرة    فيديو.. متحدث الوزراء: عملية تطوير القاهرة التاريخية شاملة ونراعي فيها المعايير العالمية    هل وجود الكلب داخل المنزل يمنع دخول الملائكة؟.. دار الإفتاء تجيب    وزير العمل يستقبل مدير مكتب منظمة العمل الدولية بالقاهرة لبحث تفعيل التعاون في الملفات المشتركة    المنيا.. حين تعود عاصمة الثقافة إلى مسرحها الأول    كتيب عن المتحف المصرى الكبير.. طالب يلخص الحكاية فى 12 صفحة.. صور    تعليم البحيرة تصدر تعليمات مشددة للتعامل مع الحالات المرضية المشتبه بها داخل المدارس    عبد الحميد معالي يهدد بفسخ تعاقده مع الزمالك    بعد إلغائه لغياب تقنية الVAR.. البدري ومصطفي في مواجهة حاسمة الليلة بنهائي كأس ليبيا على ستاد القاهرة    لو عندى نزلة برد أعمل إيه؟.. الصحة توضح خطوات التعامل والوقاية    اللهم إني أسألك عيش السعداء| دعاء الفجر    دولة التلاوة.. المتحدة والأوقاف    نائب وزير المالية: تمويل 100 ألف مشروع جديد للانضمام للمنظومة الضريبية| فيديو    أحمد حمدي يكتب: هيبة المعلم    حلمي عبد الباقي يكشف إصابة ناصر صقر بمرض السرطان    جمال شعبان يُحذر: ارتفاع ضغط الدم السبب الرئيسي للفشل الكلوي في مصر!| فيديو    محمد رجاء: لم يعد الورد يعني بالضرورة الحب.. ولا الأبيض يدل على الحياة الجميلة    موعد صلاة الفجر.....مواقيت الصلاه اليوم الخميس4 ديسمبر 2025 فى المنيا    كأس إيطاليا – إنتر ونابولي وأتالانتا إلى ربع النهائي    علاج ألم المعدة بالأعشاب والخلطات الطبيعية، راحة سريعة بطرق آمنة    الحكومة: تخصيص 2.8 مليار جنيه لتأمين احتياجات الدواء    هل يجوز لذوي الإعاقة الجمع بين أكثر من معاش؟ القانون يجيب    مواقيت الصلاه اليوم الأربعاء 3ديسمبر 2025 فى المنيا.. اعرف مواقيت صلاتك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. عماد عبد اللطيف يكتب: في نقد الغباء السياسي
نشر في الدستور الأصلي يوم 17 - 06 - 2012

كثيرًا ما يُستخدم تعبير "غباء سياسي"، لوصف فعل أو قول يبدو متسمًا بالحماقة أو السذاجة. ويبدو أن ظاهرة الغباء السياسي شديدة القدم، حيث نتوقع أن يكون الغباء السياسي قرين الذكاء السياسي، وكلاهما مصاحبان للفعل السياسي منذ نشأته. ومع ذلك فإن هذه الظاهرة لم تحظ باهتمام كبير من الباحثين، خاصة في العالم العربي. ومن هنا تأتي أهمية كتاب "الغباء السياسي: كيف يصل الغبي إلى كرسي الحكم"، للكاتب الأستاذ محمد توفيق.

يقع الكتاب في خمسة فصول تتناول الجوانب المختلفة لظاهرة الغباء السياسي. في الفصل الأول يؤصل الكاتب لظاهرة الغباء السياسي في التاريخ المصري على وجه التحديد، منذ عصور الفراعنة حتى الأسرة العلوية التي أسسها محمد علي وسقطت في عهد حفيده الملك فاروق. أما الفصل الثاني فيتعامل مع الغباء السياسي لدى شريحة معينة من الحكام هم العسكريون، ويتتبع بعض مظاهر غباء حُكم العسكر، مشيرًا إلى أحداث شهيرة يمكن أن تُصنَّف بوصفها شكلا من أشكال الغباء السياسي؛ مثل الصراع على السلطة بين رجال عبد الناصر وأنور السادات في الشهور الأولى من حكمه، وهو ما عُرف بثورة مايو أو انقلاب مايو 1971. ويتناول في هذا الفصل الغباء بوصفه مقومًا للوصول إلى السلطة والاحتفاظ بها! ويخصص قسمًا للحديث عن النكت السياسية التي تصنف وتنتقد غباء العسكر.

يتناول الفصل الثالث أحد مظاهر الغباء السياسي، وهو تصدير الأمن لحل مشكلات المجتمع. وتحت عنوان "الغباء الأمني" يتحدث الأستاذ محمد توفيق عن مظاهر الغباء الأمني، وآثاره على المجتمع، ويضرب المثال ببعض الحوادث الشهيرة الدالة على هذا الغباء مثل حادثة تعذيب وقتل الشاب السكندري خالد سعيد. ويختتم الفصل بتحليل نفسي للغباء السياسي، خاصة حالة الغباء الأمني.

الفصل الرابع يبدو في غاية التشويق، لأنه يتحدث عن كيفية استثمار الغباء سياسيًا. وفي هذا الفصل يقترب المؤلف من الأبعاد البرجماتية لظاهرة الغباء السياسي، وهي الأبعاد التي قد تجعلنا نعيد التفكير في تصورنا للغباء السياسي. فإذا كان هذا الغباء يحقق مصالح من يوسم به أو يدعيه، أليس الأحرى بنا أن نعتبره شكلا من أشكال الذكاء السياسي؟ يضرب المؤلف عدة أمثلة للاستغلال السياسي للغباء؛ من بينها استخدام الرئيس جمال عبد الناصر لشخصية إسماعيل ياسين في سلسلة الأفلام التي حملت اسم "إسماعيل ياسين" في الأسطول والطيران والجيش وغيرها لتقديم صورة إيجابية للجيش المصري، كما يُناقش دلالات شخصية جحا في التراث العربي والإنساني وتوظيفها. ويختتم بحالة معاصرة من حالات الاستغلال الاقتصادي لمظاهر الغباوة، هي حالة الممثل محمد سعد وسلسلة أفلامه التي جسد فيها شخصية "الغبي" كما ظهرت مع "اللمبي" في فيلم "الناظر" الشهير.

الفصل الأخير يناقش دور المؤسسات الاجتماعية في إنتاج الغباء السياسي. والفصل الذي يأتي تحت عنوان "صناعة الغبى"، يحلل بالتحديد دور التعليم والإعلام في تأسيس ظاهرة الغباء السياسي. كما يشير إلى أثر بعض الظواهر الأخلاقية مثل النفاق والخنوع في انتشار الغباء السياسي وإضفاء الشرعية عليه.

يجمع كتاب "الغباء السياسي" بين طرافة الموضوع وبراعة الأسلوب المكتوب به، فهو يجمع بين العلمية والسخرية في نفس الوقت. كما تهيمن عليه نزعة سردية طاغية، تكاد تحوِّل بعض فصوله إلى سلسلة متصلة من الحكايات. هذا الطابع السردي التأريخي جاء على حساب التحليل المعمَّق، وربما يرجع ذلك إلى حرص المؤلف على أن يكون كتابه في متناول القراء العاديين الذين وضع الكتاب من أجلهم. وقد أفلح الكتاب في انتزاع العديد من البسمات بفضل المفارقات المدهشة التي تولدها مواقف "الغباء السياسي". وفي الحقيقة فإن هذه البسمات سرعان ما تتحول إلى شعور مضن بالألم، لأن "غباء" الحاكم عادة ما يكون ذا آثار مآساوية على الشعوب.

لقد عشنا طويلا في كنف الغباء السياسي، وما يدعو للعجب ليس وصول الحاكم الغبي إلى الحكم واستمراره في الإمساك بمقاليده، بل تقبل الشعوب لحكمه ونفاقها لشخصه، والتشبث به حتى حين تبرز أمام كل العيون جرائمه. وهكذا فإن الشعوب التي ترضخ للظلم والقهر، وترضى بأن يحكمها أحمق أو أفَّاق أو مأفون هي التي تستحق هذه النعوت السلبية؛ لأنها تجسد حينئذ تلك المقولة الخالدة "كل شعب يستحق حاكمه".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.