عندما يُقابل الفرد منا امور تُشعل احزانه او تكسره و تجعليه فريسة امام وحوش اليأس و الاحباط فنرى انفعالات البعض تتأرجح بين الزهد في كل شيئ و القنوط من اي شيئ و قد تذهب انفعالاته به الى ثورة و عصبية او رغبة في الانعزال كل حسب شخصيته .. اليوم اُسدل الستار رسمياً على حدث فارق في التاريخ المصري اتُفق على تسميته بثورة 25 يناير .. و لهذا الاسم عودة في سياق الحديث .. اعلنت لجنة الانتخابات الرئاسية نتيجة المرحلة الاولى و هي التي كانت معروفة سلفاً .. و نجح محمد مرسي مرشح الحرية و العدالة اي الاخوان اي التيار الديني في الدخول لجولة الاعادة .. و معه احمد شفيق مرشح نظام مبارك اي الحزب الوطني المنحل نظرياً فقط اي المجلس العسكري ( الطرف التالت سابقا ) ليتنافسا ايهما يصبح رئيساً ..و الحقيقة اني لست انني لست مع كم الحملات الغاضبة على احمد شفيق ولا على لجنة انتخابات الرئاسة ولا حتى على المجلس العسكري .. فنحن جمعيا المسئولون عن ما انتهى اليه حالنا و حال حدثنا الاهم .. الثورة .. والذي لا اعرف ما علاقة كل ما تم منذ اندلاعها الى الان بمسمى ثورة .. فكيف تقوم ثورة ولا تحكُم ؟ كيف تكون ثورة وكل ما تولي ادارة شئون البلد على مدار عام و يزيد من المحسوبين ضمن اعداء الثورة الموالين لنظام المخلوع ؟
هذا اختراع مصري خالص .. ثورة تقوم على نظام فتفشل في تغييره و كل ما فعلته انها اقصت رأس النظام و بعض رموزه و نجح الباقون منه في اعداد الخطط و المناهج التي عملت على اجهاض الثورة و افشالها و هو ما نجحوا فيه و بأمتياز .. ولا يحدثنا احد عن ان الثورة مستمرة و ان المشوار لم ينتهي بعد و كل هذا الكلام النظري غيرالمجدي و الذي يدخل تحت نطاق العبث و السذاجة و المراهقة السياسية ليس الا .. و الدم فقط هو الاحتمال الوحيد لاعادة انتاج ثورة جديدة ربما تتلافى اخطاء ثورة يناير و ربما لا .. الدم و كم ما يراق منه هو الشعلة الوحيدة القادرة على الهاب النفوس الفاترة و الارواح العاجزة من جديد .. دون ذلك كل الاشياء سراب ..
ثورة يناير فشلت لانها افتقدت اي من عوامل النجاح .. بداية من وجود قيادة تدفع بها الى تحقيق اهدافها وفق منهج مرتب و معد و مدروس .. فشلت لأن اكذوبة ان الجيش حمى الثورة كانت حجة و مبرر لدى البعض لينفض عن الثورة و الميدان مبكراً و مبكراً جداً ..فشلت لان حب اغلب القوى السياسية للكراسي كان اكبر و اقوى من اخلاصهم للثورة او رغبتهم في تنفيذ اهدافها و رؤيه حلم الحرية واقعاً نحياه و نشعر به و نمارسه ودون التفاف شعبي حقيقي يضمن لها قوة الدفع و التأثير ..الثورة فشلت حين تبارى الاخوان و سائر القوى الدينية في ممارسة المتاجرة و القيام بدور عساكر امن مركزي تحت أمرة المجلس العسكري .. و بالطبع لن نجد اثراً لميلشيات الاخوان الذي تواجدوا دوماً لارهاب المخالفين لهم سواء بحراسة منصة الاخوان في التحرير او بعمل سلاسل بشرية حول مجلس الشعب لابعاد الشعب غير الاخواني عنه .. الثورة فشلت منذ استفتاء العار الذي جرى في 19 مارس 2011 و معه كل التوجه الرسمي و الاعلامي و الاخواني و السلفي لقلب الراي العام على كل ما تمثله الثورة او يرمز لها او ترمز اليه ..
لا تستغربوا استخدام المال السياسي او النفوذ الحكومي لانجاح شفيق فالمال السياسي تم الحفاظ عليه و حمايته بتواطئ العسكر حيناً و انشغال القوى السياسية بالصراع و التناحر احياناً عديدة .. و كذلك تفرغ السادة اعضاء مجلس العب للتفاهات و اقرار و تثبيت مكاسب الاخوان عن الالتفات لامور تحمل من الجد و الخطورة كل محمل..فالثورة التي فشلت ان تحكم كان طبيعياً و منطقياً للغاية ان تُحاكم هي .. و الثوار الذين فشلوا في احداث اي تقارب او تكامل او التفاف كان من المنطقي ايضا ان يصبح دورهم و ملامحهم و حتى اسمائهم اثراً بعد عين .. لا تعتبوا على احمد شفيق ولا على نظام مبارك فكلاهما يحافظ على مكتسباته و مكانته و نحن من اعطيناهم الفرصة و العُده و العتداد ليحققوا ذلك و يبرعوا فيه و ينفذوه بمنتهى اليسر و الاتقان ..رحم الله شهداء 25 يناير من ضحوا بأرواحهم من اجل الحلم بمصر حرة .. و لكن للاسف وهبوا ارواحهم لمجموعة اشخاص نصفهم فسدة و النصف الاخر عاجزون .. ولا تنتظر من الفسدة اصلاحاً هم يمثلون نقيضه .. ولا تأمل في ايجابية تملك التحرك لها افواج العاجزين