هذا الشعار لم اخترعه، ولكن وجدته على الفيس بوك على صفحة صديقة جاء إليها عن طريق صديق لها اسمه {عمرو} لا أعرفه ولا يعرفني.. كتب علي زجاج سيارته بخط يده «صوتي لحمدين لا هو فلول ولا تاجر دين». شعار تلقائي لم يفكر فيه كتبة الشعارات ومؤلفو الهتافات وأجمل ما فيه التلقائية التي هي الصفة الواضحة والظاهرة والقوية والجميلة في حمدين.
حمدين الذي عرفته منذ خمس وثلاثون عاما، تغيرت فيه أشياء كثيرة بطبيعة الزمن والأشياء، ولكن ظلت فيه صفات أصيلة ورثها عن أجداده الفلاحين والصيادين الذين يفتخر بهم دائما، وكان في مقدوره أن يتنكر لأصله ويلبس شخصية المثقف ويجلس في مكتب مكيف الهواء أو على قهوة الفلاسفة، صفات مثل الحيوية والتلقائية واليقظة وهي ما تغلف الطيبة التي يوصف بها المصريين فتحولها من سذاجه إلى وعي وواقعية، تجعلهم يصبرون على متاعب الحياة إلى أقصى الحدود.
في نوفمبر 1976 وبعد انتخاب حمدين صباحي رئيسا لاتحاد الطلاب في كلية الإعلام، أقامنا حفلا للفنان عدلي فخري الذي كان يغني أغاني ثورية، وإذا بأحد الزملاء يبدأ في التهريج، فانفعل عدلي فخري وكان معتزا بنفسه، وكاد أن يتحول الحفل إلى كارثة.. فقفز حمدين فوق البنش ووجه كلمات لكلا الطرفين خرج على إثرها الزميل المهرج واكتمل الحفل، حينها عرفت إن حمدين لديه قدرات قيادية عالية.
كنا قد انتخبناه لأنه ناصري وزميل دفعة وشخصية اجتماعية ولم نكن نعلم الكثير عنه، الغريب إن هذا الصديق المهرج وغيره كثيرين مما كنا نحن نبتعد عنهم ونتهمهم بالجهل والسطحية واحيانا العمالة للمباحث، كان يجلس معهم ويصادقهم ويحبهم دون أي توصيف وكان يبادلونهم حبا بحب، أعطى معظمهم أصواتهم له في الانتخابات على مستوى الجامعة، والآن وبعد سنوات وتغيرات أجد معظمهم يقبل بحمدين صباحي رئيسا للجمهورية مع اختلافهم معه في الأفكار.
لقد شاهدت حمدين صباحي يبكي أكثر من مرة، حين يزور صديقا قديما مريضا في أيامه الأخيرة، حين يفقد عزيزا عليه وحين يشعر بالعجز عن مساعدة محتاج، لذلك صدقت حمدين عندما بكي في برنامج بلدنا بالمصري وصدقته حين أقسم بأنه لن يترك مصريا يتعذب في أقسام الشرطة والسجون، ليس لأنه سجن وعذب ولكن لأنه يحب الناس، ويشعر بهم وهذا هوالمفتاح الثالث في شخصية حمدين بعد التلقائية والقدرات القيادية، هو الحب المتبادل بينه وبين الناس الفقراء والأغنياء، العجائز والشباب، وهو أكثر واحد مننا ينطبق عليه المثل «من القلب للقلب رسول، فما إن يذهب إلى مكان حتى يخرج منه بأصدقاء ورفاق، ويتعامل معهم وكأنه يعرفهم من زمن، لذلك كل قرية أو مدينة أو حي زاره حمدين صباحي خرج منه بتأييد يساوي أكثر بكثير من الملايين التي دفعت في إعلانات مرشحي الرئاسة الأغنياء من الفلول و تجار الدين.
لهذا كله وأكثر، صوتي لحمدين، لأنه بالتأ كيد ليس فلول ولا يمكن أن يكون تاجر دين وهو واحد مننا يحب المصريين.