ساعات ويبدأ الصمت الانتخابى.. وتبدأ أول انتخابات رئاسية تنافسية بين أكثر من مرشح بفضل ثورة 25 يناير العظيمة التى أطاحت بالمستبد والديكتاتور الفاسد حسنى مبارك.. الذى حاول أن يضحك على الناس فى عام 2005 بإجراء انتخابات رئاسية تنافسية بشكل هزلى.. وقد اعتبرها وقتها كثير من السياسيين والإعلاميين -وبعضهم ما زال فى المشهد السياسى والإعلامى الآن- فتحا عظيما فى عالم الديمقراطية وتم استخدام كل أجهزة الدولة للترويج لهذا الفتح العظيم الذى كان فى حقيقته ضحكا على الدقون ومزيدا من الاستبداد والعمل على توريث الحكم للابن جمال مبارك. وقد تخلص الشعب من هذا الديكتاتور وفساده فى ثورة راح فيها آلاف الشهداء والمصابين، وإن لم يتخلص بعد من أركان نظامه التى ما زالت منتشرة فى كل مؤسسات الدولة ووصل بها الأمر إلى إدخالنا فى نفق مظلم خلال الفترة الانتقالية التى قادها بفشل «عظيم» جنرالات المجلس العسكرى.. وساعدهم الإخوان بعد عقد صفقات معهم للفوز بالبرلمان على ذلك ليستكمل البرلمان الإخوانى مسيرة الفشل.. ويبدو الأمر كأنه لم تحدث ثورة.. ولم يسقط الآلاف من الشهداء والمصابين من أجل الحرية والعدالة والكرامة الإنسانية.
ولعل إطلالة مرشح مثل أحمد شفيق لمحاولة اغتصاب الرئاسة من الثورة دليل على بقاء أركان نظام مبارك فى مؤسسات الدولة فهذا ال«شفيق» هو الذى جاء به مبارك رئيسا للوزراء يوم 29 يناير 2011 بعد جمعة الغضب التى أشعلت الثورة ضد مبارك وعصابته، وحاول الرجل بكل ما يملك إجهاض الثورة، مستعينا برجال مبارك فى السياسة والإعلام لتشويه الثورة والثوار، وهو الأمر الذى استمر عليه جنرالات المجلس العسكرى فى ما بعد وحاول فى موقعة الجمل أن يقضى على الثوار، بعد أن تم الحشد من رجال الحزب الوطنى الساقط والمنحل ورجال أعمال مبارك وابنه الذين اغتصبوا الأراضى ونهبوا الأموال وتضخمت أموالهم فى البنوك وهرّبوها إلى الخارج.. ولم يفلح مع وزير داخليته محمود وجدى وخرج الاثنان من القضية بفضل رئيس لجنة تقصى الحقائق الذى أهمل دور الاثنين. والغريب أن نفس الشخص كان من الذين ساعدوا شفيق فى الحصول على توكيلات التأييد فى الترشح للرئاسة.
ويتجمع فلول الحزب الوطنى وأجهزة الدولة التى تمثل الثورة المضادة لمساعدة أحمد شفيق فى اغتصاب منصب الرئاسة لإعادة نظام مبارك، وقد ساعد البرلمان «الإخوانى» على توحش هؤلاء واستعادتهم موقعهم بإلهائنا بقضايا تافهة، ولم يكن عن ثقة الذين انتخبوه باعتبارهم يمثلون أول برلمان بعد الثورة.. وهى الهيئة الوحيدة التى جاءت بالانتخابات.. وكان يجب أن يكون لها دور مهم فى التغيير وتحقيق أهداف الثورة.. ولكن طمع الإخوان ومحاولتهم التكويش على السلطة جعلهم يبططون البرلمان، حتى إنه وقف ضد الثوار كما حدث عندما ذهبوا إليهم فى أول يوم لانعقاد مجلس الشعب لتقديم مطالب بأهداف الثورة، وأن يتحمل مجلس الشعب دوره فى تحقيقها إلا أنهم وجدوا ميليشيات الإخوان تسد طريقهم واستمروا فى أسلوبهم للمشاركة فى إجهاض الثورة بعقد الصفقات مع «العسكرى» والقوى السياسية، «راجع وثيقة الإخوان السرية عن القوى السياسية المنشورة فى «التحرير» عدد السبت 19مايو».
ويريد الإخوان الآن السيطرة على منصب الرئاسة لتكتمل لهم السلطة ويتمكنوا منها ويُقصون كل من يغايرهم.. ويبقى عمرو موسى الجناح الآخر لنظام مبارك، الذى يحاول أن يختم حياته بمنصب الرئيس.. وهو الذى لم يكن يستطيع أن يقول لا لحسنى مبارك.. وكان شخصا مترددا فى أيام الثورة.. حتى إنه كان ذا موقف متخاذل يوم موقعة الجمل، ولم يستطع أن يتكلم ويدين تصرفات عصابة مبارك إلا بعد أن انتهى يوم الأربعاء الأسود. ويبقى مرشحو الثورة -وأدعو لهم بالتوفيق- وإن كان المرشحون كلهم لم يستوعبوا بعد التغيير وطبيعة المنصب الرئاسى ويتعاملون كأنهم فى انتخابات مجلس الشعب فبرامجهم إنشائية.. ولا علاقة لهم ولا يعرفون شيئا عن اختصاصات الرئيس.
وقد كنت أتمنى أن يذكر أحد منهم موقفه من المحكمة الجنائية الدولية وتصديق مصر عليها ليمكن محاسبة القتلة، سواء فى عصر مبارك أو الفترة الانتقالية، وهو الأمر الذى تقاعس عنه برلمان الإخوا