لا شك أن المجلس العسكرى بجنرالاته المعاشات قد تحالف مع جماعة الإخوان المسلمين، وعقدا الصفقات فى ما بينهما على حساب الثورة، وعملا معا على إجهاض الثورة. وقد بدا ذلك واضحا فى استفتاء 19مارس على الترقيعات الدستورية، التى شارك فى لجنتها عضو من جماعة الإخوان وآخرون متعاطفون، تلك الترقيعات التى ما زلنا نجنى آثارها حتى اليوم وأدخلتنا نفقا مظلما.
فالإخوان ومن معهم من قوى الإسلام الجديدة التى بدأت فى ممارسة السياسة مع أنها كانت تكفِّر الذى يخرج على الحاكم وكان موقفها فى بداية الثورة متخلفا ومع نظام مبارك وأجهزته اعتبرت نتيجة «نعم» استفتاء على قوتهم فى الشارع.. وهاجموا من قالوا «لا» حتى إن بعضهم -ومن بينهم قيادات وشخصيات وصلت إلى عضوية البرلمان- طالبهم بالهجرة من مصر!
والمجلس العسكرى اعتبر أيضا الإجابة ب«نعم» استفتاء بالموافقة على إدارته شؤون البلاد، واعتبر ذلك مرجعيته فى حكم البلاد. وبعد أن كانت الثورة وديعة من الشعب لديهم لحمايتها والحفاظ عليها وتحقيق أهدافها، فإنهم حلوا تلك الوديعة وتصرفوا فيها كأنها ملكهم الخاص، وأداروا ظهورهم للشعب، وطمعوا فى السلطة والنفوذ الأكثر والمحافظة على أوضاعهم المالية والاقتصادية التى استطاعوا بناءها فى عصر الاستبداد والفساد.
وتلاقى الإخوان مع العسكر كقوتين محافظتين ضد القوى الثورية لتُعقد الصفقات، ولا يعنيهم فى الأمر تعطل مطالب الثورة، أو حتى إجهاض الثورة.
وبدأ الاثنان فى مهاجمة الثوار بعد الاتفاق الذى -تم تسريبه فى ما بعد- الذى بموجبه يكون للإخوان البرلمان، وللعسكر الرئاسة، وبالفعل ساعد جنرالات المجلس العسكرى الإخوان والقوى الإسلامية فى انتخابات البرلمان بدءا من السماح بقيام أحزاب دينية مخالفة للقانون وإصدار قوانين انتخابات معيبة وسيئة وعلى رأسها الانتخاب بالقوائم، وتقسيم الدوائر، ووصل الأمر إلى إجراء تعديل على قانون الانتخاب لمشاركة الأحزاب فى حق المنافسة على المقاعد التى تم تخصيصها للمستقلين وبالطبع ليتمكن الإخوان من الدخول كمنافسين على تلك المقاعد من خلال هويتهم الإخوانية الحزبية.
ونجح الإخوان فى الحصول على الأكثرية فى البرلمان ولم يفعلوا شيئا وانكشف أمرهم فى بيعهم للثورة حتى خرج الثوار رافعين شعار «بيع بيع.. الثورة يا بديع».
واستمر التوافق بين القوتين المحافظتين «العسكرى» والإخوان، حتى وصل الأمر بالإخوان إلى دعمهم اختيار «العسكرى» الجنزورى رئيسا للحكومة والوقوف ضد مطالب الثوار بحكومة إنقاذ حقيقية تمثل الثورة والثوار، بعد أن وصل إلى أردأ حالات الفشل فى إدارة «العسكرى» للبلاد، وهم الذين يطالبون الآن بإقالة الجنزورى، وتحالف الإخوان مع «العسكرى» ضد الثوار فى أحداث «محمد محمود».
ووصل الأمر بالإخوان إلى رفع شعار شرعية البرلمان أنهت شرعية الميدان (وهم الذين يعودون الآن إلى الميدان!).
وتصور الإخوان أن جنرالات العسكر مرتبكون وفاشلون وضعاف، فقرروا الإسراع من سيناريو التمكين، وحاولوا التكويش على السلطة وطالبوا بالحكومة فقوبل طلبهم بالرفض فخرجوا من التحالف والاتفاق السابق بالابتعاد عن انتخابات الرئاسة، ليفاجئوا الجميع بترشيحهم خيرت الشاطر، وحتى عندما علموا بأنه مهدد بالاستبعاد (رغم حصولهم سرًّا على العفو عن خيرت الشاطر من المجلس العسكرى)، تقدموا بمرشحهم الاحتياطى محمد مرسى، وبدا أنهم فى خلاف مع جنرالات المجلس العسكرى.
إلا أنه تأتى المفاجأة مرة أخرى، ليقف جنرالات المجلس العسكرى مع الإخوان، ويدافع المجلس العسكرى عن دستورية مجلس الشعب المهدد بالحل أمام المحكمة الدستورية.
فى نفس اليوم الذى أرسل المجلس العسكرى إلى هيئة مفوضى المحكمة الدستورية مذكرات ومستندات للدفاع عن دستورية انتخابات مجلسى الشعب والشورى كان الكتاتنى يجلس مع المشير، وإن كان على رأس وفد يمثل مجلس الشعب ليقدم تنازلات فى شأن حكومة الجنزورى، ومعايير تشكيل الجمعية التأسيسية.
فهل عاد الإخوان للتحالف مرة أخرى مع جنرالات المجلس العسكرى؟!