من حيث المبدأ.. لا أرى أن الوقت غير كافٍ لكتابة الدستور الجديد فى الفترة التى حددها المجلس العسكرى مع قيادات الأحزاب والقوى السياسية وأعضاء فى مجلس الشعب مختارين من قبل جنرالات من المجلس العسكرى، وذلك فى مرحلة إعادة انتخابات الرئاسة.. لكن الأحزاب والقوى السياسية.. وقياداتها وبعضهم فلول، ويعمل لصالح أى نظام يحكم، توافقوا على تشكيل الجمعية التأسيسية.. وأن الدستور ستنتهى كتابته، كما قرر المشير طنطاوى فى اللقاء الذى شارك فيه ممثلان عن الإخوان هما د.عصام العريان نائب رئيس حزب الحرية والعدالة، وحسين إبراهيم زعيم الأكثرية فى مجلس الشعب.. ووافق الاثنان على تقسيمة النسب بين القوى السياسية والأحزاب والشخصيات القانونية والدستورية والمؤسسات العامة والنقابات.. ولم يعترض أحد من المشاركين، بمن فيهم عصام العريان وحسين إبراهيم.. بل رحبوا بحالة التوافق التى أكدها خلال الاجتماع الذى أصر فيه المشير طنطاوى على الانتهاء سريعا من الدستور خلال هذه الفترة، ومع انتخابات الرئاسة.. ونفى عصام العريان ما نشر وبُث نقلا عن خيرت الشاطر الرجل القوى، بل الأقوى فى جماعة الإخوان من أن كتابة الدستور ستتم بعد انتخابات الرئاسة، كما نقل ذلك أحد المشاركين فى الاجتماع، مؤكدا حالة التوافق والرضا بما تم الاتفاق عليه، وحصول حزب الحرية والعدالة على 16 ممثلا له فى الجمعية التأسيسية، مع 7 آخرين لحزب النور السلفى.
هكذا انتهى الأمر.. وخرجت القوى السياسية من الاجتماع الذى قاده المشير طنطاوى.. وبدا أن القيادة فى هذا الاجتماع انتقلت إلى رئيس حزب الوفد الدكتور السيد البدوى الذى كان يبدو مكلفا من المجلس العسكرى بالاتفاق والتوافق مع القوى السياسية على تشكيل الجمعية التأسيسية.. هانت علينا أن يكون السيد البدوى، أحد خدام النظام المخلوع وأجهزته الأمنية، له الكلمة العليا فى تشكيل التأسيسية.. ناهيكم بكم المديح والنفاق الذى قاده عضو مجلس الشعب الجعجاع لجنرالات المجلس العسكرى، والذى لم يتعد 24 ساعة حتى وأطلق بلطجيته، على غرار ما فعله الحزب الوطنى الساقط المنحل فى موقعة الجمل، على المتظاهرين السلميين أمام وزارة الدفاع، ليسقط شهيد جديد ومئات المصابين، تحت رعاية جنرال صديق ذلك العضو الجعجاع!!
ما علينا..
كان اجتماع المشير طنطاوى والقوى السياسية للتوافق حول الجمعية التأسيسية يوم السبت.. فما إن جاء صباح يوم الأحد انعقدت اللجنة التشريعية التى تسيطر عليها الإخوان.. لتبدأ هجومها على هذا الاتفاق وترفضه، ووجه أعضاؤها اتهامات للمجلس العسكرى بالسعى لفرض وصايته على البرلمان «!!»، واعتبر صبحى صالح وكيل اللجنة وأحد أعضاء لجنة ترقيع الدستور، التى نتج عنها «الانتخابات أولا» قبل الدستور فى استفتاء 19 مارس 2011، ولندخل فى نفق مظلم حتى الآن، كما أن التوصيات التى خرجت من اجتماع «العسكرى» مع القوى السياسية غير ملزمة، وقال «لو كانت ملزمة فهذا يعنى أن البرلمان أصبح تحت وصاية (العسكرى)»، مضيفا هذه التوصيات لا شأن لكم بها، وحينما تقفون خلف الستار لاختيار أعضاء التأسيسية اختاروا وفقا لقناعاتكم حتى لو اخترتم ال100 عضو من تيار سياسى واحد.. وكان ناقص يقول أن يختاروا من الإخوان!
وما إن انتهى اجتماع اللجنة التشريعية لهجومها على الاجتماع التوافقى رغم مشاركة الإخوان فيه.. وبدأت الجلسة العامة.. لتبدأ مسرحية جديدة فى إطار الصراع الذى يفرضه الإخوان لعرض قوتهم، وبعد أن كشفوا الأداء الفاشل لجنرالات المجلس العسكرى بعد أن دخلوا معهم فى تحالفات وأداروا صفقات على حساب الثورة ومستقبل هذا الوطن فى الديمقراطية والحريات العامة ودستور يليق بالشعب الذى قام بثورة عظيمة، ليعلنوا هجومهم على حكومة الجنزورى والمجلس العسكرى ولم يمر على مشاركة أعضاء الإخوان فى اجتماعهم مع المجلس العسكرى والتوافق معه سوى ساعات، وبدأ الهجوم من الذين شاركوا فى الاجتماع من حزب الحرية والعدالة من خلال اقتراحات بتعليق جلسات مجلس الشعب هذا الأسبوع، حتى يتخذ المجلس العسكرى قراره بإقالة حكومة الجنزورى.
وليفاجأ أعضاء فى المجلس نفسه بالقرار الذى اتخذه الدكتور سعد الكتاتنى استجابة لقرار الجماعة وبأداء تصويتى أسوأ مما كان يفعله فتحى سرور فى إدارته جلسات مجلس شعب النظام المخلوع. وينكشف الجميع.. الإخوان والمجلس العسكرى وحكومة الجنزورى.. فهم الذين يعطّلون الآن الحياة السياسية.
وهم الذين يسعون إلى مصالح شخصية بعد أن اتفق الثلاثة من قبل على إجهاض الثورة وضرب الثوار.. وتذكروا أحداث محمد محمود.